دمشق ــ الأخبار ريف دمشق ــ ليث الخطيب
يبدو أنّ الموعد الذي ضربه نائب رئيس الوزراء السوري، قدري جميل، لعقد مؤتمر «جنيف 2» قد صدق. الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، كرّر أمس ما قاله زائر موسكو قبل أيام: «جنيف 2» في 23 تشرين الثاني. فيما المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي سيواصل جولته في المنطقة على إيقاع مؤتمر أضحى دوره فيه كالمنسق، بعد الإدارة الروسية الأميركية للملف، بينما سيعمل «أصدقاء سوريا» يوم غد على إقناع «الائتلاف» المعارض بالمشاركة في المؤتمر خلال اجتماعهم في لندن.
ومن عواصم العالم العاملة على المسار الدبلوماسي إلى دمشق، حيث يواصل الجيش السوري عملياته العسكرية الناجحة، والمتركزة في ريف العاصمة وغوطتيها.
وأعلن نبيل العربي، خلال مؤتمر صحافي عقده مع الإبراهيمي في القاهرة، أنّ «الترتيبات تتمّ لهذا المؤتمر»، موضحاً أنّ البلدان العربية والغربية تتحضر للقاء المعارضة السورية يوم غد لإقناعها بالمشاركة. فيما أعلن الدبلوماسي الجزائري أنّ «الموعد لم يحدّد رسمياً بعد»، مؤكداً أنّه سيعلن عنه بعد انتهاء جولته الإقليمية، التي بدأها في القاهرة السبت.
وعن وجود شروط لدى «الائتلاف» المعارض للمشاركة في «جنيف 2»، قال الإبراهيمي «إنّ المعارضة السورية تواجه مشاكل كثيرة (...) ولن يعقد المؤتمر من دون معارضة مقنعة تمثل جزءاً مهماً من الشعب السوري المعارض». وأشار إلى أنّه سيتوجه إلى قطر وتركيا، وإلى إيران، قبل أن ينتقل إلى جنيف للقاء ممثلين عن الجانبين الروسي والأميركي.
في السياق، نقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين عبد اللهيان، أنّ الإبراهيمي سيكون «في طهران بداية الأسبوع (الإيراني الذي يبدأ السبت) لإجراء مشاورات مع المسؤولين الإيرانيين».
في موازاة ذلك، يجتمع «أصدقاء سوريا»، غداً، في لندن في محاولة لإقناع المعارضة السورية بأنّ مؤتمر جنيف هو الحل الوحيد للتوصل إلى السلام.
كذلك سيعقد «الائتلاف» المعارض نقاشات داخلية في اسطنبول الأسبوع المقبل، يتوقع أن تنتهي بتصويت على المشاركة في المؤتمر. وأوضح مصدر دبلوماسي غربي أن اجتماع «لندن يرمي إلى توضيح الهدف من مؤتمر جنيف، إذ ينبغي وضع إطار واضح كي ينضم الائتلاف إليه»، معتبراً أنّ «الحل السياسي كخيار وحيد لإنهاء الأزمة. وهذا هو هدف مؤتمر جنيف».
في غضون ذلك، صرّح وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، بأنّ الدول «ستناقش التحضيرات لمؤتمر جنيف ودعم الائتلاف الوطني السوري وجهودنا لإنجاز حل سياسي لهذا النزاع المأسوي».
بدوره، اعتبر نظيره الأميركي جون كيري، للإذاعة الوطنية العامة، أنّ محادثات لندن تهدف إلى «السعي لدفع العملية قدماً»، علماً بأنه سيلتقي اليوم في باريس وزراء خارجية الجامعة العربية، ثم صباح غد نظيره الفرنسي لوران فابيوس.
مناع: مشروع «أصدقاء سوريا» تفكّك
إلى ذلك، أكد رئيس «هيئة التنسيق الوطنية» في المهجر، هيثم مناع، أنّ المطالبة بمعارضة سورية مُقنِعة جاءت بعدما تبيّن تفكك مشروع «أصدقاء سوريا». وذلك في ردّ على تصريحات نبيل العربي والأخضر الإبراهيمي. وذكر، في حديث مع قناة «روسيا اليوم»، أنّ هذه المعارضة المُقنِعة تشمل «الهيئة الكردية العليا وهيئة التنسيق الوطنية والائتلاف الوطني السوري». وأشار الى أن «هناك معارضة أساسية تاريخية تناضل منذ 40 عاماً ضد الديكتاتورية، وتطرح برنامجاً ديموقراطياً للتغيير».
الجيش يتقدم في المعضميّة
ميدانياً، بدأ الجيش السوري، أمس، بتنفيذ عملية عسكرية واسعة، تهدف إلى استعادة السيطرة على المعضمية في ريف دمشق، التي تعد البوابة الشمالية لبلدة داريا، مركز الريف الغربي. وتقدّم الجيش بعمق كيلومتر باتجاه «مستشفى آسيا» بحسب مصادر عسكرية. وقال ضابط مشارك في العمليّة لـ«الأخبار»: «بعدما أعاق المسلّحون مساعي الجيش والهلال الأحمر في تأمين ممر آمن للمدنيين إلى خارج المعضميّة، لم تعد هناك إمكانية لحماية المدنيين سوى باستعادة البلدة كاملة، ويوجد هدف أساسي آخر للعملية يتمثّل في تهيئة الظرف لاستعادة الريف الغربي كاملاً».
وشهدت الغوطة الشرقية اشتباكات بالقرب من جسر زملكا، وبعمق بلدة زملكا، أسفرت عن سيطرة الجيش على بعض النقاط الهامة، بحسب مصادر عسكرية، في حين شهدت بلدة حتيتة التركمان مواجهات بين الجيش وعناصر من «جبهة النصرة»، فيما تستمر المواجهات داخل مخيّم اليرموك وفي محيطه.
من ناحية أخرى، أقدم انتحاري، أول من أمس، على تفجير نفسه وسط حاجز للجيش السوري في المليحة، بالقرب من معمل تاميكو للصناعات الدوائية، والذي يتمتع بموقع استراتيجي، حيث يقع على مرتفع يطلّ على منطقتي المليحة وكفر بطنا. وجرح على أثر هذا التفجير 15 عنصراً من الحاجز، بحسب مصادر من الجيش. واندلعت إثر ذلك اشتباكات حول موقع الانفجار بين عناصر من «جبهة النصرة»، التي تبنّت التفجير، وعناصر الجيش الموجودين على الحاجز، الذين تمكّنوا من الصمود إلى حين وصول التعزيزات، بحسب المصادر ذاتها. وقام سلاح الجو بقصف تجمعات «جبهة النصرة» بالقرب من المعمل، تلا ذلك تقدّم القوات البريّة باتجاه الحاجز، ومن ثم استعيدت السيطرة عليه وعلى المناطق المجاورة. كذلك نفى مصدر عسكري لـ«الأخبار» ما نشرته قناة «الجزيرة» وصفحات المعارضة من أشرطة فيديو، تظهر سيطرة «النصرة» على الحاجز، مؤكداً أن المشاهد في هذه الأشرطة هي لحاجز آخر في منطقة المليحة.
ومساء أمس، سقطت 6 قذائف هاون في جرمانا، بالقرب من حيّ الروضة، أوقعت 10 جرحى من المدنيين، إصابة بعضهم خطيرة، ومصدر تلك القذائف من جهة سقبا حيث تسيطر المعارضة المسلحة، وسقطت قذائف أخرى في حيّ القصاع شرقي العاصمة دمشق، قرب شارع حلب ومقابل «مستشفى الزهراوي»، موقعة أضراراً مادية فقط.
وشهد أول من أمس سقوط قذائف عدّة على جرمانا، ودويلعة والطبالة المجاورتين لها، بالقرب من كنيسة مار الياس وتجمع المدارس، وفي حي باب توما، وقذيفة واحدة في حيّ القصاع. وقتل طفل بعمر 5 سنوات، نتيجة سقوط قذيفة بالقرب منه في باب شرقي، وأوقعت مجمل تلك القذائف عشرات الجرحى من المدنيين.
في السياق، قتل ثلاثون شخصاً وجرح عشرات آخرون، أمس، في انفجار سيارة مفخخة في المدخل الشرقي لمدينة حماه، بالقرب من حاجز شركة المكننة الزراعية. وقال مصدر لوكالة «سانا» إنّ «انتحارياً فجر نفسه بشاحنة مفخخة بنحو 1.5 طن من المتفجرات على المدخل الشرقي لمدينة حماه باتجاه السلمية».
ولفت المصدر إلى أنّ التفجير وقع في منطقة مزدحمة بالسيارات، وأثناء مرور شاحنة محملة بأسطوانات غاز منزلي، ما أدى إلى انفجارها، إضافة إلى إلحاق أضرار كبيرة بأكثر من عشرين سيارة وبعدد من المحال التجارية والمنازل السكنية في المكان».