بعد التقارير التي تحدثت عن الاقتراح الإيراني في مؤتمر جنيف، وما أعقبه من إشادة أميركية بجدية المفاوضات خلال الجولة السابقة، وتقارير أخرى عن إطلاع واشنطن المسؤولين في تل أبيب على مضمونها، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن النظام الإيراني يعمد الى تضليل المجتمع الدولي بصورة منتظمة، مؤكداً على ضرورة الاستمرار في ممارسة الضغوط عليه وتشديدها، طالما أن الأقوال الإيرانية لم تترجم الى أفعال.
في السياق، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية التي شاركت في المفاوضات النووية مع إيران أطلعت إسرائيل خلال الأيام الأخيرة على مضمون المفاوضات.
وذكر المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أن المؤسسة الإسرائيلية تقر بأن الاقتراح الإيراني في جنيف جديد ومثير للاهتمام. ونقل عن مصادر في محيط نتنياهو خشيته الكبيرة، التي تستند الى معلومات، بأن الرئيس الأميركي سيكون مستعداً لتخفيف العقوبات على إيران قبل استكمال المحادثات.
وكانت الموفدة الأميركية إلى المفاوضات الإيرانية مع دول 5+1، ويندي شيرمان، قد اتصلت الخميس الماضي بمستشار الأمن القومي الإسرائيلي، يعقوب عميدرور، ووضعته في أجواء جولة المفاوضات التي جرت في جنيف قبل خمسة أيام. كما أن أعضاء الوفد البريطاني المشارك في المفاوضات قدموا مباشرة من جنيف إلى تل أبيب لإطلاع المسؤولين الإسرائيليين على آخر المستجدات، في حين أجرى مسؤولون ألمان وفرنسيون اتصالات هاتفية بنظراء إسرائيليين للغاية نفسها.
وبحسب المسؤول الإسرائيلي، فإن تفاصيل الاقتراح الإيراني الذي تقدمت به طهران خلال مفاوضات جنيف هي كالآتي: أولاً، عرض الإيرانيون خطة من مرحلتين، يتم في المرحلة الأولى منها تنفيذ خطوات لبناء الثقة من جانبهم، كما من جانب الدول الست. وفي المرحلة الثانية، يصار إلى التفاوض على اتفاق شامل ينهي الأزمة النووية الإيرانية.
ثانيا، أوضح الإيرانيون أنهم مستعدون لوقف تخصيب اليورانيوم إلى درجة 20 في المئة وتحويل مخزونهم من اليورانيوم المخصب إلى هذه الدرجة إلى وقود نووي للمفاعل البحثي في طهران.
ثالثاً، أعرب الإيرانيون عن استعدادهم للبحث في كمية وحجم تخصيب اليورانيوم إلى درجة 5 في المئة وعدد أجهزة الطرد المركزي التي يتم تشغيلها في منشآت التخصيب. وقال المسؤول الإسرائيلي لصحيفة «هآرتس» إن الإيرانيين أشاروا أمام الدول المفاوضة إلى أنهم سيكونون مستعدين للبحث في مستقبل مفاعل المياه الثقيلة في أراك ومنشآت التخصيب التحت أرضية في فوردو. وأوضح المسؤول أن «الإيرانيين قالوا إنهم غير قادرين على إلغاء المشروع كله، لكنهم لمحوا إلى أن بالإمكان التوصل إلى تسوية بهذا الصدد». وأضاف «هم غير مستعدين لإغلاق هذه المنشآت بشكل كامل، وإنما لتقليصها وتقييد العمل فيها».
وأخيراً، لفت المسؤول الإسرائيلي إلى أن الإيرانيين لم يستبعدوا في محادثات جنيف المصادقة على البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي، والذي يسمح بزيارات مفاجئة للمواقع النووية. وفي المحصلة، فإن «الإيرانيين قالوا لممثلي الدول الست في جنيف: لا تتوقعوا أن نوقف كل البرنامج النووي، إلا أننا مستعدون للبحث في خطوات تطمئنكم»، بحسب تعبير المسؤول الإسرائيلي.
وعلى ذمة المسؤول الإسرائيلي، فإن ممثلي الدول الست أوضحوا للوفد الإيراني خلال المفاوضات أن طهران لن تحصل على تخفيف للعقوبات حتى تقوم بخطوات جوهرية. وقال «إن رسالة الغرب في المحادثات كان أنه حتى بعد أن ينفذ الإيرانيون خطوات محددة، فإن تخفيف العقوبات سيكون محدوداً، وإن رفع الحظر النفطي الأوروبي أو العقوبات المالية على المصارف الإيرانية سيكون فقط في إطار اتفاق شامل».
ورأى المسؤول نفسه أن «مستوى التفصيل في الاقتراح الإيراني لم يكن كبيراً، وهو تضمن توصيفاً أولياً للمواقف»، مشيراً إلى أن مغزاه لا يزال غير واضح للدول الست المفاوضة. واعتبر المسؤول الإسرائيلي أن الاقتراح الإيراني، كما جرى تقديمه إلى إسرائيل، كان أقل تفصيلاً وحسّيةً مما نشره موقع «مونيتور» الأميركي الخميس الماضي. يشار إلى أن الموقع المذكور قال إن الاقتراح الإيراني يتضمن مرحلتين، مدة كل واحدة ستة أشهر. في المرحلة الأولى، تجمد إيران تخصيب اليورانيوم بدرجة 20 في المئة، و«تحاول أن تحول» كل مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة الى وقود نووي. وبحسب تقرير الموقع، فإن الإيرانيين أعربوا في اقتراحهم عن موافقتهم على السماح للمفتشين الدوليين بزيارة منشأة أراك وعلى إخراج المنتجات الجانبية من المفاعل التي يمكن أن تستخدم في إنتاج البلوتونيوم. كما وافق الإيرانيون على الرقابة الكاملة في موقع فوردو واقترحوا تحويله من منشأة لتخصيب اليورانيوم إلى منشأة بحثية، إضافة إلى موافقتهم على التفاوض بشأن خفض التخصيب في منشأة نتانز. ونفى وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ما نشره «مونيتور»، متهماً إسرائيل بالوقوف وراءه.