في تطوّر لافت في المنطقة الجنوبية في سوريا، أعلنت «جبهة النصرة» سيطرتها على درعا البلد (الجزء القديم من مدينة درعا)، «كما انها في طريقها لتحرير درعا المحطة». واكّد بيان النصرة الذي أرفقته بالصور أن السيطرة على مبنى «كتيبة الهجانة»، يعني أن «المجاهدين قد حرروا درعا البلد على نحو كامل، ليتقدموا بعدها إلى درعا المحطة». وأتت هذه الخطوة بعدما سيطر مقاتلو المعارضة، بقيادة «النصرة»، على مقر لحرس الحدود جنوبي مدينة درعا، بعد إعلان سيطرتهم على مركز حدودي مع الأردن، علماً بان وزير الداخلية الأردني ناصر المجالي أكد أن الجيش السوري استعاد السيطرة على المعبر الحدودي الذي يربط درعا السورية والرمثا الأردنية. في المقابل، نفى مصدر ميداني لـ«الأخبار» سيطرة «النصرة» على درعا البلد، متحدّثاً في الوقت عينه عن تمكن المسلحين من احتلال مركز عسكري تابع لحرس الحدود قبل يومين. وفي الشمال السوري، تواصل قوى المعارضة المسلحة في الريف الجنوبي لمدينة حلب استعادة المواقع التي خسرتها خلال الأيام الماضية، والتي أدت سيطرة الجيش السوري عليها إلى فك الحصار عن عاصمة البلاد الاقتصادية. بلدة خناصر الاستراتيجية (جنوبي شرقي حلب) كانت مسرحاً لهجوم شنته قوات «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، في محاولة منهما لإعادة تطويق الشهباء، لكن الجيش السوري صد الهجوم، واستمر في تقدمه نحو مدينة السفيرة (جنوبي شرق حلب) وسيطرته على القرى والمزارع جنوب المدينة، فيما ارتفعت غزارة النيران التي يلاحق بها الجيش المسلحين في مقارّهم وفي قوافل تحركاتهم. واستنجدت «التنسيقيات» بجهاديين متطوّعين بعدما سيطر الجيش على ام جرين، في المنطقة نفسها.
ومعركة تحرير مدينة السفيرة تفتح الباب مستقبلاً لمحاصرة المسلحين في الأحياء الشرقية من مدينة حلب. وتقع السفيرة بالقرب من سفح جبل الواحة، الذي تتمركز فيه مدفعية الجيش، وتحدها من الجنوب الشرقي بحيرة الجبول المالحة وسبختها، التي تمثل عائقاً طبيعياً بوجه قوافل الإمداد للمدينة. فبمجرد سيطرة الجيش على قرى أم جرين وخربش والجبول وتلعرن، يكون بذلك قد أطبق على المدينة، قاطعاً كل خطوط الإمداد إليها، علماً أن الغالبية الساحقة من المقاتلين الذين يواجهونه فيها هم من غير أبناء المنطقة ومن غير السوريين. وفي الاساس، السفيرة مدينة ترتفع فيها نسبة المؤيدين للنظام، كما ان قراها تمدّ كتائب «البعث» و«اللجان الشعبية» بمئات المتطوعين، إلى جانب الآلاف الذين يؤدون خدمة العلم.
في المقابل، أعلنت فصائل معارضة، على رأسها «جيش الإسلام»، عملية أطلقت عليها اسم «المغيرات صبحا»، قائلة إنها ترمي إلى السيطرة على مطار كويرس والكلية الجوية، ومن ثم الانطلاق لقطع طريق حلب خناصر مجدداً، والسيطرة على معامل الدفاع الاستراتيجية في محيط السفيرة.
ودفعت خسارة المعارضة لمواقعها في خناصر والسفيرة القرى المجاورة لهما إلى زيادة الشرخ في ما بين المجموعات المسلحة، إذ أصدر «المجلس العسكري في حلب» بياناً اتهم فيه «الائتلاف» المعارض ورئيس هيئة أركان «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس بالتخاذل وعدم تقديم الدعم إلى المقاتلين على جبهة السفيرة.
واتهم البيان كلاً من خالد الصالح مدير المكتب الإعلامي، وجلال الدين خانجي ممثل محافظة حلب في «الائتلاف»، و أحمد الجربا رئيس الائتلاف، والدكتور جمال الورد مسؤول الملف العسكري في «الائتلاف» بأنهم لم يفوا بوعودهم بتقديم السلاح المطلوب، وبأنهم برروا عدم تقديم السلاح لكي لا تقع معامل الدفاع بيد المتطرفين.
في هذا الوقت، استمر تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) في التمدد داخل مدينة حلب. وبعد أسابيع من خوضه معارك عنيفة في ريف حلب الشمالي، انتقل «داعش» إلى داخل المدينة. ولم يكتف باجتثاث مجموعات صغيرة كمجموعة «حسن البغل»، بل انتقل لمهاجمة مقار «كتائب غرباء الشام» التي أصبحت تعرف باسم سرايا المغيرات، في حي الحيدرية – الإنذارات، ما ادى إلى سقوط عدد من القتلى من الطرفين، كما انتشر مقاتلو «داعش» في حي مدينة هنانو وبعيدين والحيدرية، لتمتد المعارك لاحقاً إلى الحلوانية في حي الشعار، حيث قتل أحد قادة مجموعات «غرباء الشام».
ورأى مصدر معارض أن «داعش» ستنجح قريباً في السيطرة على الأحياء الحلبية «لأنها تتبع أسلوباً ذكياً في اختيار خصومها لتصفيتهم». فبعدما قضت على مجموعة «حسن البغل» واستولت على مقارها وسلاحها أذعن لها مقاتلو «إسماعيل قصاص» وهم بالعشرات. ثم اختارت هدفاً لها مجموعات «غرباء الشام» الذين يقودهم «حسن جزرة» وهو من الشخصيات المشهورة بارتكاب الجرائم.
في سياق آخر، أقدم مسلحون من جماعة «لواء شهداء بدر» بتصفية عشرة مخطوفين من آل دعبول في قرية رتيان (ريف حلب الشمالي) بعد ثمانية أشهر على اختطافهم، بتهمة تأييد الدولة السورية. وقال مصدر معارض لـ«الأخبار» إن الهيئة الشرعية في منطقة حريتان أصدرت «حكم الإعدام» بحق المخطوفين.
وفي منبج شمال شرق حلب، عاد التوتر إلى المدينة بعد اتهام «هيئة شورى المجاهدين» لـ«داعش» بنقض الاتفاق حول السيطرة على أفران الخبز والمطاحن. وقال مصدر معارض لـ«الأخبار» إن «داعش» اتفقت لمنع الاقتتال مع هيئة شورى المجاهدين على أن تبيع ربطة الخبز بسعر 35 ليرة سورية، لكنها خفضت الوزن من 1200 غرام إلى 1000 غرام، ما سيجعلها تجمع المال وتحرمه لبقية المجموعات.

السيطرة على الذيابية

وفي ريف دمشق، أحكم الجيش السوري سيطرته الكاملة على بلدتي الحسينية والديابية الواقعتين في ريف دمشق الجنوبي، اللتين دخلهما أول من أمس. وتحدّثت «التنسيقيات» والصفحات المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي، عن وقوع أكثر من 100 قتيل في صفوف المجموعات المسلحة في معركتي الحسينية والذيابية. في المقابل، استعادت وحدات الجيش بعضا من النقاط التي خسرتها في مدينة داريا، إثر هجوم كبير للمعارضة المسلحة شنته ليل الجمعة، أدى إلى سيطرتها على عدد من الأبنية. يذكر ان «الجيش الحر» كان قد اعلن عن سيطرته على 25 كتلة سكنية في داريا. كذلك أفاد مراسل «الأخبار» عن سقوط 3 جنود من الجيش السوري قنصاً في برزة.