رغم البدء بتنفيذ اتفاق تدمير الأسلحة الكيميائية في سوريا، إلا أنّ إسرائيل لا تزال تشكك بإمكان تطبيقه كاملاً، وصولاً إلى مرحلة يتمّ فيها تدمير كل المنظومة الكيميائية السورية. ضمن هذا الإطار، ذكر معلق الشؤون الأمنية في صحيفة «معاريف»، عامير ربابورت، أنّ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تجد صعوبة في كيفية «هضم» الصور التي توثّق تدمير مخازن كيميائية في سوريا.
وأشار إلى أنّ المسألة تعدّ سابقة يمكن أن تؤدي إلى إزالة تهديد كبير عن إسرائيل. لكن في المقابل، لا تزال هناك مخاوف كبيرة من أن تكون المسألة مجرد عملية «احتيال كبرى» يستطيع بموجبها الجيش السوري، بحسب تعبير ربابورت، إخفاء جزء من هذا السلاح، عن المراقبين أو نقل كميات هامة منه إلى حزب الله. وفي ضوء ذلك، تتابع شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) مراقبة تنفيذ الاتفاق.
ويؤكد ربابورت أنّ الاستخبارات الإسرائيلية فوجئت بالإعلان عن التوصل إلى هذا الاتفاق، لأنّ التقدير الإسرائيلي، في حينه، كان يؤكد أنّ الولايات المتحدة ستهاجم سوريا. لكن منذ إلغاء الهجوم والاتفاق على تفكيك مخزون الأسلحة من قبل الأمم المتحدة، هناك خلافات داخل الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية)، حول ما إن كان هذا المسار إيجابياً لإسرائيل أو أنّ خطره أكثر من فوائده.
إلى ذلك، أضاف ربابورت إنّ صناعة الأسلحة الكيميائية، التي تملكها سوريا، تتألف من مراحل عدة، الأولى مرحلة الإنتاج، والثانية تخزين المواد الكيميائية في منشآت ملائمة، وفي الطريق يتم فصل المواد إلى عنصرين تتحول في أعقاب دمجها إلى سلاح قاتل، ويتم تنفيذ هذه المرحلة في منشأة يوجد فيها رؤوس حربية، على أن يتم التخزين في المرحلة الأخيرة داخل منشأة بالقرب من وحدات تشغيل المدفعية، وبطاريات الصواريخ أو قواعد جوية، تمهيداً لتركيبها على الأدوات الخاصة.
في السياق نفسه، ذكر المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أنّه في الوقت الذي تنشر فيه صور تدمير الأسلحة الكيميائية، وتتدفق الثناءات من واشنطن على دمشق، زعمت محافل في الإدارة الأميركية أنّ الرئيس بشار الأسد نقل جزءاً من الأسلحة الكيميائية من مخازن الوحدات العسكرية إلى منشآت سرية، كي لا يتمكن المراقبون من وضع اليد عليه. وعلى عكس الثناء الذي أغدقه وزير الخارجية الأميركي جون كيري على الرئيس الأسد، ينقل فيشمان أنّه لدى الاستخبارات الغربية معلومات تشير إلى أنّ الجيش السوري نفذ سلسلة إجراءات إخفاء، تمّ في إطارها نقل قذائف وصواريخ كيميائية من ترسانته التنفيذية إلى قواعد سرية للجيش.
وتقدّر هذه المحافل، التي تضم الاستخبارات الأميركية أيضاً، أنّ الرئيس الأسد وجّه تعليمات إلى جيشه بالإبقاء على قدرة ما في مجال القتال الكيميائي، لمواجهة هجوم شامل يشنه المتمردون. وبالتالي من الممكن الافتراض أنّه في الأسبوع الماضي، قبل بدء عمل المراقبين، نفذ الجيش السوري نقل وسائل قتالية كيميائية الى مخازن سرية في مناطق أخرى.
وضمن هذا الإطار، قامت إسرائيل، قبل أسبوع، بطلعات جوية استثنائية في المنطقة الشمالية. ويرى فيشمان، أنه بالرغم من التفاؤل في واشنطن، والتصريحات عن تفكيك الأسلحة الكيميائية في غضون نصف سنة، فإن سلسلة طويلة من العقبات تقف أمام القوى العظمى. هذا إلى جانب حقيقة أنّ قسماً من المواد يمكن تدميره على الأراضي السورية، لكن سيكون هناك حاجة لنقل القسم الأكبر إلى دولة ثالثة كي يتم تنفيذ ذلك.
ومن جهة أخرى، ينبغي من أجل الالتزام بالبرنامج الزمني المحدد، رفع عدد المراقبين العاملين على الأراضي السورية من 20، كما هو عددهم حالياً، إلى 150 تحرسهم قوات عسكرية غربية.
لكن المشكلة حالياً، بحسب فيشمان، أنّه ليس هناك أي دولة مستعدة لتدمير المواد الكيميائية على أراضيها، إضافة إلى عدم وجود اتفاق على القوات العسكرية التي سترافق المراقبين، في ضوء الشكوك الكبرى بين الدول العظمى. أما في ما يتعلق بالكلفة، فقد تبرع الألمان وحدهم حتى الآن، بعشرين مليون يورو للمشروع، وهي بمثابة قطرة في بحر كونه يكلف ما يقارب المليار دولار.