الى تحذير رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، من التداعيات الخطيرة لاي اتفاق اميركي ايراني، ينطوي على اعتراف بحقوق طهران النووية، حتى وإن كانت سلمية، برز تحذير للقيادة العسكرية في اسرائيل، يُظهّر في المقابل، اخطار فشل التوصل الى اتفاق وانعكاسه سلبا على الساحة السورية، وايضا على المساعي القائمة لتعزيز سيطرة الدولة في لبنان.
تحذير المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، ورد في سياق كلمة القاها رئيس اركان الجيش، بني غانتس، في جامعة بار ايلان امس، حول الحرب المستقبلية واسباب اندلاعها وسبل مواجهتها. وكلمة غانتس التي خصصت بمعظمها لوضع الاسرائيليين في صورة سيناريوهات بداية الحرب المقبلة، التي قد تبدأ بعملية اسر جنود في الجولان او صاروخ دقيق ومدمر يطلقه حزب الله على وزارة الدفاع في تل ابيب، الا انها اشارت الى حجم التحدي والتهديدات التي يرصدها الجيش الاسرائيلي، والبيئة المحيطة باسرائيل، المليئة بالاخطار واشكالها المتغيرة.
وأكد غانتس على ان «الواقع في الشرق الاوسط ينطوي على كثير من عدم الاستقرار»، محذرا من ان «الحرب قد تقع في اي لحظة، وعلى جميع الجبهات»، واشار الى ان شرارة بدء الحرب المقبلة لا ترتبط بسيناريو واحد، بل قد تندلع لاسباب متعددة، «اذ ان صباح اليوم الاول من الحرب المستقبلية، قد يبدأ مع سقوط صاروخ موجه ودقيق، يضرب قلب مقر هيئة الاركان العامة في تل ابيب، او نتيجة لخرق اعداد كبيرة من المقاتلين للسياج الحدودي واستهداف احدى المستوطنات، او انتقال سلاح استراتيجي الى ايد غير مسؤولة».
وشدد غانتس على ان اسرائيل لا تملك اي هامش للخطأ في ما يتعلق بأمنها، اذ لدى «المنظمات الارهابية» قدرات عملانية كبيرة جدا، كحزب الله الذي يملك قدرات لا تملكها دول، سواء لجهة الحجم او الانتشار او في دقة الاصابة، وكذلك ايضا لجهة القدرة على العمل او القدرة على البقاء، لافتا الى ان هذا الامر موجود حاليا، ويمكن ايضا ان يتطور مستقبلا وقد يصل كذلك الى اماكن اخرى.
اضاف غانتس ان تسلسل الاحداث يمكن ان يؤدي الى مواجهة متعددة الساحات، تبدأ بتعرض دورية عسكرية في الجولان لعبوة ناسفة واطلاق صاروخ مضاد للدروع على دورية اخرى. يعقبها تدخل من مجموعة تابعة لتنظيم القاعدة، او منظمة اخرى، تقوم بخطف ثلاثة جنود، من بينهم قائد كتيبة، ونقلهم الى داخل الاراضي السورية.
ولفت غانتس الى ان «منظمة ارهابية» واحدة يمكن ان تشعل كل الحدود وتتسبب بحرب متعددة الساحات، و«في هذا السيناريو، ونتيجة للرد الاسرائيلي، يطلق حزب الله صليات صاروخية باتجاه مستوطنات الجليل، وبالموازاة يحاول ادخال قواته الى مستوطنات الجولان»، مشيرا الى ان الحرب المقبلة ستشهد مستوى عاليا جدا لجهة دقةالصواريخ، و«اذا اختار حزب الله اصابة اهداف موضعية، فهو قادر تقريبا على اصابة اي نقطة في اسرائيل، وهو يعرف كيف يقوم بذلك».
وشدد غانتس على انه «ضمن سياق سيناريو تعدد الساحات، سيجري استهداف مدينة ايلات بصليات صاروخية من قبل منظمة تعمل بالتنسيق مع حزب الله، بينما يقتحم نشطاء حركة حماس الحدود مع غزة والقيام بعمليات على امتداد السياج الحدودي، مع محاولة خطف في القطاع الشمالي لغزة». واوضح غانتس ان هذا السيناريو، «قد يبدو خياليا، الا انني لا اعتقد انه كذلك»، وقال: «لن تتكرر في الحرب المستقبلية عملية اجتياز قناة السويس، او حقول الالغام في الجولان، وانما معركة متعددة الجبهات والساحات، وهي حرب ستكون شفافة جدا وعلنية ويمكن للجميع ان يشاهدها يوميا في كافة قنوات التلفزة».
وأكد غانتس ان كل السيناريوهات المشار اليها، قد تحدث بالفعل، و«اذا حدثت فستشمل ايضا هجوما وحربا مستعرة على منظومات الحواسيب والشبكة الالكترونية المدنية والعسكرية، تستهدف المنشآت الحيوية في اسرائيل، مثل شركة الكهرباء او القطاع المصرفي، وصولا الى تعطيل اشارات المرور في الشوارع وارسال بلاغات للاسرائيليين وحرب معلومات بين الطرفين، ما يعني ان علينا ان نكون جاهزين لمواجهة كهذه، رغم ان لدينا ألوية عسكرية تعرف جيداً ما يجب ان تقوم به، سواء في الشمال او في الجنوب، وهي مدعومة بوسائل قتالية متطورة ومعلومات استخباراتية».
الى ذلك، شدد غانتس على ان اخراج السلاح الكيميائي من سوريا، وامكان البدء بمحادثات دبلوماسية تقود الى صفقة مع ايران على خلفية برنامجها النووي، يمثلان تطورا ايجابيا وسلبيا في الوقت نفسه.
وفي موقف لم يصدر سابقا عن اي مسؤول اسرائيلي، ربط غانتس بين فشل او نجاح الحل مع ايران، بالساحتين السورية واللبنانية، واشار الى ان عدم التوصل الى «اتفاق مرحلي» بخصوص إيران وملفها النووي، سيؤدي الى فشل الاتفاق المبرم بشأن السلاح الكيميائي السوري، وايضا لن تتواصل عملية تعزيز سيطرة الدولة في لبنان، و«هذه الامور تضع امام اسرائيل تحديات ليست بالسهلة».