«نشيد للنّهر البارد»نُطلُّ ،
وفي جرحِ نهرٍ يُطلُّ علينا كوجهِ الشهيدِ ،
وحاجزِ جيشٍ يقيمُ على حافّةِ الجرحِ
بين دخولٍ وبين خروجٍ ،
ونحنُ نطلُّ على أملٍ في الوصولْ، ......
وصلْنا إلى النّهرِ
حيث يصيحُ المكانُ بنا ،
هُنا سقط النّهرُ في دمِنا ،
وعاش الشّهيدُ بقلبِ المخيّمِ
نبضُ الطريق إلى الحلمِ
يسألُ نفسهُ : كيف أموتُ بنارِ الشقيقِ ؟ وينسى الشهيدُ
صُراخ الذّئابِ على النهرِ
حين يسيرُ النّزيفُ ويرتفعُ الصوتُ من شرفاتِ الهديلْ ،.....

ونحنُ بلا كفنٍ أو بلا بلدٍ في البلادِ ،
ولكنّنا نرتدي وطناً في المنامِ ،
نُحبُّ حجارة نهر الأصيلْ، ......
ونرقصُ ملء الفضاءِ ، نقولُ الحقيقة !!
قلنا الحقيقة في حلكةِ الأرضِ ،
يوم صرخْنا وبلّل غيمُ الشوارعِ دمعُ الشوارعِ ،
نعشقُ ورد الربيعِ ،
نريدُ الحياة ورائحة البحرِ في موجةِ الذكرياتِ ،
وحين ننامُ ونشعرُ بالدفءِ في حُلمِنا ،
خلوِّ الدروبِ من الجنْدِ في ساعةِ الليلِ ،
يبقى الفقيرُ الغريبُ الضليلْ،......
يحدّثُ أحلامهُ : من حقوقِ الزّهورِ إلى شغبِ الرّيحِ ،
يبكي على ظلّهِ في المرايا ،
يُباغتُنا الموتُ في النّهرِ ثانيةً ،
فيا إخوتي ، لا تكونوا كأشواكِ من سبقوا
وافتحوا لي نوافذ حبٍّ
لكي يتنفسَ في السجنِ شعبُ السجونِ
وكونوا إلينا ،
لنغلق باب السبيلِ الأخيرِ من البردِ ،
يا إخوتي ، من حقوقِ السّهولِ إلى وضحِ الشمسِ
كي لا تموتَ ،
نودّعُ طفل المياهِ شهيداً ،
ونهتفُ في الماءِ ،
سيري بحريّةٍ في الجنازةِ ،
قولي لهُ : نمْ على قمحِ حلمِك عند هبوبِ الصّهيلْ ، ....
ونمْ في الحكايةِ ، في أُهبةِ الضوءِ ،
من أجلِ باردِنا وابتسمْ ،
هكذا لم يَعُدْ في شمائلِ هذي العواصفِ ما نشتهي ،
هكذا ننتمي للهويّةِ ،
للزّعْترِ الجبليِّ ،
ونكتبُ تاريخ مجدٍ لذاك النّشيدِ الجميلْ، .....
فيا أرضنا لم نمتْ بعدُ
نحنُ هُنا ، في ظلالِ « البراكْساتِ « والقبرِ ،
في ظلِّ بحرٍ وفيٍّ
يُعانقُ فينا تراب النخيلْ ، ....
ففي كلِّ موتٍ يجيءُ
نشمُّ نِداء الرّحيلْ ، ....
ونرفعُ للفجرِ كفّ الحياةِ
نحيّي النّهار الجديد ،
لنشفى قليلاً وننسى ،
كيومٍ جريحٍ ، أسيرٍ ، قتيلْ ، ....
كنهْرٍ كئيبٍ بجانبِ روحٍ تئنُّ ،
وتنشدُ : لا تقتلونا ، ولا تنثرونا بلا سببٍ في العويلْ ، .....
لماذا سفكْت دماءِ الطّيورِ ؟
ببرْدِ الحصار وحرّ الدمارِ ،
لماذا ، لماذا نسيتَ ؟
وحين تذكّرْت أرض المعاركِ ، حين غدوت
هُناك ونحنُ عُراة ٌ، حُفاةٌ
نصلّي بدفءِ المكانِ الجديدِ ،
ونغسلُ ثوب المكان القديم ،
بكلّ الكرامةِ فينا ،
نقاومُ فوق صليبِ المنافي ،
لماذا ، لماذا قتلْت ؟
حماماً يتيماً ، وعشّاً وحقلا ،
فماذا اقترفنا من الليلِ ؟ ماذا أسأْنا ؟
فمازال فينا ،
بقايا البقاء الأخيرِ ،
فنحيا ، ونحيا ،
فدعْنا نغنِّ لميلادِ فجرٍ ،
فها أنت شئْتَ وها نحنُ شئْنا ،
نريدُ الدّخول إلى البيتِ مثل الطّيورِ بأجنحةِ الرّيحِ ،
كلُّ الفصولْ ، ....
بنومٍ ضئيلٍ ونجمٍ عليلْ ،.....
نحاولُ فكّ المعاني بدمّ القصيدةِ
نفرحُ ، نغضبُ ،
نبصِرُ شكل الخيام تنامُ على كتفِ النّهرِ
ترقصُ في وترِ البرقِ ،
قرب الحواجزِ ملء انتظارٍ طويلٍ ،
طويلٍ ، طويلْ ،......
باسل عبد العال
26.6.2012