جدّد وزير الدفاع الإسرائيلي، موشيه يعالون، دعوته إلى ضرورة إسقاط الرئيس السوري، بشار الأسد، مشيراً إلى أن تحقيق ذلك يمثل مصلحة أميركية وروسية وتركية وأردنية وإسرائيلية. وكان يعالون قد أعلن موقفاً لافتاً قبل أسابيع، شدّد فيه على أنه «من غير المسموح بأن ينتصر محور الشر الممتد من طهران إلى بيروت في سوريا». وعُدّ هذا الموقف، في حينه، خروجاً عن سياسة الغموض التي تعتمدها تل أبيب حيال الأزمة السورية. ورأى مراقبون أن الدافع إليه قد يكون قراءة إسرائيلية مستجدة لمعطيات الوضع السوري، تنذر بارتفاع أسهم انتصار النظام وحلفائه في الحرب الكونية الدائرة في بلاد الشام.
ويأتي التصريح الجديد ليعالون ليعزّز الاستنتاج بأنّ الغموض الإسرائيلي ليس في الواقع أكثر من أداء سياسي تكتيكي، الغاية منه عدم إحراج محور أعداء سوريا بوقوف إسرائيل إلى جانبهم، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تظهير أن الصراع في سوريا يتصل على نحو جوهري بالصراع مع إسرائيل.
كلام يعالون الأخير جاء خلال اجتماع يوم الأحد الماضي لـ«جمعية أصدقاء إسرائيل» نظمه المؤتمر اليهودي العالمي والسفارة المسيحية الدولية. وبرغم أنّ الاجتماع كان بعيداً عن الإعلام، إلا أنّ مضمون ما قاله يعالون وصل إلى صحيفة «معاريف» أمس، وأبرز ما فيه هو التشديد على ضرورة رحيل الأسد، بأي وسيلة كانت. ورأى يعالون أنّ الأسد «يجب أن يغادر السلطة بالوسائل الدبلوماسية أو بوسائل أخرى، سواء كان ذلك ممكنا أو لا». وأضاف: «أولاً سيجري تجريده من السلاح الكيميائي وبعد ذلك ستبدأ عملية إنهاء نظام الأسد».
وادّعى وزير الدفاع الإسرائيلي أنّ كل اللاعبين المشاركين في القضية السورية ـــ ومن بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ـــ لديهم مصلحة في إبعاد الأسد عن السلطة. «على المدى البعيد ينبغي للدول العظمى إتاحة انتقال النظام. بشار الأسد لا يستطيع أن يكون حاكماً على الدولة. لن يجري هذا في يوم واحد، لكن الشخص الذي استخدم السلاح الكيميائي ضد أبناء شعبه، الشخص الذي قتل 100 ألف من مواطنيه، وارتكب جرائم حرب، لا يستطيع أن يكون جزءاً من العالم الحرّ. على المدى البعيد ثمة مصلحة مشتركة للولايات المتحدة الأميركية، روسيا، تركيا، الأردن وإسرائيل بالدّفع نحو تبديل النظام، حيث يأتي في مكانه نظام موثوق به يتمتع بكفاءة تنفيذية، معتدل وعصري»، قال يعالون.
وشرح للحضور سبب عدم قيام إسرائيل بالدفع حالياً إلى إسقاط نظام الأسد، مشيراً إلى أنّ الأمر شديد التعقيد، إذ «لا نستطيع أن نرى حالياً نظاماً موثوقاً به ومسؤولاً يمكن الاعتماد عليه. غالبية المناطق السورية تجري السيطرة عليها من قبل السّنّة، لكن الأخبار السيئة هي أن السنة منشقون. في داخلهم الإخوان المسلمون، الذين لا نريد رؤيتهم يحكمون سوريا؛ وهناك خلايا الجهاد العالمي، على شاكلة منظمات جبهة النصرة؛ وبينهم عناصر من القاعدة. في ثلث المنطقة الأخير هناك حكم كردي مستقل. ومندوب سوريا في الأمم المتحدة يمثل فقط ثلث سوريا».
وفي تطرّقه إلى «القاعدة» ذكر يعالون دول عديدة يتدفق مواطنوها إلى سوريا للمشاركة في الحرب ضد الأسد، قائلاً «معظمهم (عناصر القاعدة) ليسوا سوريين، بل يأتون من العراق والدول العربية. وهم يضمّون مسلمين، أستراليين، أميركيين، أوروبيين وعرباً ـ إسرائيليين».
أما بشأن الاتفاقية المزمع تنفيذها لتجريد الأسد من السلاح الكيميائي، فقال وزير الدفاع إن لإسرائيل مصلحة استراتيجية في تجريد هذا النظام من القدرات الكيميائية. على الرغم من ذلك أوضح أن «إسرائيل ستتابع بدقة كيف ستُطبق الاتفاقية. وسنحكم عليها وفق نتائجها لا وفقاً لها أو وفق الكلمات المنمقة». وكرّر الوزير الخطوط الحمراء للحكومة، التي وفقها «لن تسمح إسرائيل للنظام السّوري بنقل السلاح المتطور إلى حزب الله، ولن تسمح بنقل السلاح الكيميائي لجهات أخرى، ولن توافق على انتهاك سيادتها في هضبة الجولان».