تواصلت في العاصمة السودانية الخرطوم أمس التظاهرات المعترضة على رفع الحكومة دعمها عن الوقود والقمح، حيث أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، فيما وصل عدد قتلى الاحتجاجات الى ثلاثة. وقال شهود إن متظاهرين أشعلوا النار في مبنى جامعي وعدة محطات بنزين وأغلقوا الطريق الرئيسي المؤدي إلى المطار قرب فندق فخم.
وذكرت وكالة «رويترز»، أن الشرطة أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع على المحتجين، فيما هرع مئات من الضباط ورجال الأمن الذين يرتدون ملابس مدنية والمسلحين بالبنادق أو الهراوات الى وسط المدينة، بينما تمركز آخرون على أسطح المباني الحكومية.
وقال شاهد ان السلطات اعتقلت نحو 20 محتجاً واقتادتهم في شاحنات صغيرة.
وتعذّر في الخرطوم الدخول الى شبكة الإنترنت، وإن لم يتضح ما اذا كانت السلطات قد أوقفت الخدمة لمنع النشطاء من تنسيق الاحتجاجات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
ويوم أمس أكدت أسرة طالب جامعي كان يشارك في الاحتجاجات، مقتله أمس في ام درمان المدينة التوأم للعاصمة الخرطوم.
وكانت الشرطة قد اعلنت في وقت سابق مقتل اثنين من المحتجين في كل من أم درمان ومدينة ودمدني عاصمة ولاية الجزيرة (وسط السودان)، ليرتفع عدد قتلى الاحتجاجات الى ثلاثة.
لكن الشرطة أكدت مقتل شخص واحد، قائلة إن «لصاً قتل رجلاً لم يكشف عن هويته. وألقى ناشطون اللوم على قوات الحكومة في مقتل الرجل.
ورفعت الحكومة الدعم على الوقود يوم الاثنين الماضي، سعياً إلى تقليص العجز المتزايد في ميزانيتها، ما أثار حالة من الاستياء العام، لأن الإجراء أضرّ بالفقراء، ومن المرجّح أن يزيد من التضخم. وفي اليوم نفسه بدأت الاحتجاجات في مدينة «ودمدني» وانتقلت إلى العاصمة ومدن أخرى. وتفادى الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، الذي يحكم البلاد منذ عام 1989، انتفاضات الربيع العربي التي أطاحت زعماء تونس ومصر وليبيا، لكن الغضب الشعبي في تصاعد بسبب الفساد وتدهور الأزمة الاقتصادية.
وفقد السودان ثلاثة ارباع احتياطاته النفطية (البالغة 470 الف برميل يومياً) منذ أن اصبح الجنوب دولة مستقلة عام 2011، وهي مورد دخل رئيسي ومورد للعملة الصعبة لاستيراد الطعام لنحو 32 مليون نسمة.
وكانت الحكومة السودانية قد رفعت الدعم عن بعض منتجات الوقود في تموز عام 2012، ما فجّر احتجاجات محدودة استمرت بضعة أسابيع قابلتها الحكومة بحملة أمنية. أما هذا الاسبوع، فقد انطلق عدد أكبر من احتجاجات العام الماضي، لكنها لا تقارن بالاحتجاجات التي شهدتها مصر ودول عربية اخرى.
وتعاني أحزاب المعارضة في السودان، التي يقودها زعماء كبار في السن من الضعف والانقسامات ولا تجتذب الشبان الذين يطالبون بتغييرات جذرية.
وكانت الخرطوم تأمل إبقاء الدعم على بعض منتجات الوقود من خلال زيادة صادراتها من الذهب حتى تعوض عائدات النفط، لكن هذه الآمال أُحبِطت بانخفاض سعر الذهب عالمياً.
وتقول حكومة السودان ان التضخم السنوي تراجع في تموز الى 23.8 في المئة من 37.1 في المئة في أيار، لكن المحللين يقولون إن المعدل الفعلي للتضخم هو 50 في المئة أو أكثر.
(رويترز، أ ف ب)