القاهرة | انتقلت ساحة المواجهة بين أنصار «الإخوان المسلمين»، مع بدء العام الدراسي الجديد، إلى الجامعات والمدارس، بدلاً من الميادين سابقاً في فترة العطلة الدراسية. وجاءت الاحتجاجات في الجامعات والمدارس الإعدادية والثانوية في الأسبوع الأول من السنة الدراسية الجديدة، بعد عودة الطلاب إلى الدراسة، بعد إجازة شهدت أحداثاً متلاحقة، كان أبرزها عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من تموز الماضي، ثم الحملة الأمنية الصارمة ضدّ أنصاره، التي تخللها فض اعتصامات «رابعة العدوية» و«النهضة» منتصف الشهر الماضي، ثم شنّ حملة اعتقالات واسعة نالت من أبرز قادتهم. وفي بادرة تكاد تكون الأولى من نوعها، فوجئ طلاب مصر مع بدء عامهم الدراسي بانتشار عسكريين وقوات أمنية حول الجامعات وعدد من المدارس لمواجهة التظاهر ضدّ «الانقلاب»، الذي سبق أن دعا اليه أنصار الرئيس المعزول. وفي موازاة التظاهرات التي جرت في جامعات بالقاهرة والإسكندرية والمنيا وأسيوط وسوهاج وبني سويف وطنطا بالغربية وشبين الكوم بالمنوفية والمنصورة، حاول الطلاب في بعض المدارس تنظيم مسيرات، إلّا أن قوات الأمن تدخلت لفض هذه التجمعات، مستخدمةً في بعض الأحيان القنابل المسيلة للدموع معهم.
ونظم طلاب مدارس أبو النمرس الثانوية بالجيزة وبرج العرب الثانوية بالإسكندرية والبدرشين الثانوية والمعهد الأزهري بقرية مطرطارس بمحافظة الفيوم وقفات احتجاجية أمام مدارسهم، تعبيراً عن رفضهم لـ«الانقلاب العسكري»، فيما اقتحم الجيش إحدى مدارس أبو النمرس بمجرد التظاهر في داخلها وألقى القنابل لتفرقة المحتجين.
أشكال الاحتجاجات تنوعت يوماً بعد يوم في المدارس والجامعات؛ تارة اتخذت شكل تظاهرة تهتف بسقوط حكم العسكر، وتصف الانقلاب بأنه الإرهاب، وتارة أخرى تأخذ شكل عروض مصورة لما سموه «مجازر العسكر» في فض اعتصامي «رابعة» و«النهضة»، تلك الاحتجاجات التي لم تحتمل شراراتها قوات الأمن من الجيش والشرطة، وأسرعت إلى فضها والقبض على المشاركين فيها بتهم مختلفة.
تحرّكات أنصار الرئيس المعزول، جاءت بعد دعوات من قادتهم وحركاتهم لمواصلة الاحتجاج ضد «الانقلاب»، حيث دعا القيادي الإخواني، عصام العريان، الذي لم تنجح القوات الأمنية في اعتقاله حتى اللحظة، في كلمة مصورة بمناسبة بدء العام الدراسي، الطلاب المصريين إلى تنحية كل خلافاتهم جانباً من أجل الوقوف في وجه الانقلاب. وقال إن قادة الانقلاب العسكري يحاولون زرع الخوف في نفوس الشباب، على حد تعبيره.
كذلك أعلنت حركة «طلاب ضد الانقلاب»، أن تظاهرات المدارس «بداية للانتفاضة الطلابية»، منتقدة قرارات الضبطية القضائية وحظر التجوال وتطبيق الطوارئ، إضافة إلى تعطيل حركتي القطارات والمترو، الذي عدّته انتهاكاً لحقوق هذا الشعب من قتل وقمع واعتقال وتكميم للأفواه.
وأضافت الحركة عبر صفحتها على «الفيسبوك»، إن مثل هذه القرارات تمثل حلقة في سلسلة التعطيل وعدم الاستقرار التي تشهدها البلاد، مشيرة إلى أن قادة الانقلاب أدركوا جيدا حجم الحراك الثوري الطلابي الرافض لهذا الانقلاب، ومدى تأثيره في مجريات الأحداث. ورأت أن مثل هذه القرارات تهدف إلى إخماد الحراك الثوري في الجامعات المصرية، بعدما ثبت يقيناً أن الحلول الأمنية القمعية لن تنجح في تعطيل الحراك الطلابي الرافض للانقلاب، وللانتهاكات التي يتعرض لها الشعب منذ بداية الانقلاب.
وفي اطار «هاشتاغ» جديد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان «الجيش في المدارس»، وجّه عدد ممن يمتلكون حسابات عبر الفضاء الإلكتروني رسائل ساخرة إلى الجيش المصري، بحيث بات المصريون يترقبون الآن لقاء أفراد جيشهم وحامي حماهم، لا على الحدود، بل في مدارس أبنائهم وفصول دراستهم. ومن نماذج العبارات الساخرة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، «يا أبو دبورة ونسر وكاب، عندك بكره حصة ألعاب»، و«الضباط بيجروا ورا التلامذة اللي مش حافظين تسلم الأيادي في حوش المدرسة، والعيال بيطلعولهم من كل حتة يقولولهم تتشل الأيادي ويستخبوا».
حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إحدى القلاع الاحتجاجية الرئيسية، يعلق على ما يحصل داخل الجامعات، ويقول لـ«الأخبار» «من المتوقع أن تشهد الجامعات بعضاً من القلاقل، والاضطرابات لفترة ليست طويلة، وذلك بسبب ارتباك المشهد السياسي الحالي، إضافةً الى حالة الاحتقان والاستنفار القائمة في المجتمع عموماً، والطلاب جزء منه، بسبب ما حدث في فض اعتصامي رابعة والنهضة، وأعداد الضحايا التي سقطت».
وعن تحول ساحة الجامعة من مقرّ للدراسة إلى ساحات اقتتال بدلاً من الميادين، يقول نافعة إنه «سيجري الاعتماد على الأمن في مواجهة الاحتجاجات لفترة مؤقتة، لكن سرعان ما ستستقر الأمور، بسبب التأييد الشعبي لخارطة الطريق».
وأكد أن اللجوء الى الحل الأمني باستمرار غير فعال أو كفؤ، مشدداً على ضرورة إيجاد وسائل أخرى سياسية تساعد على تخفيف حدة الاحتقان؛ «فالاعتماد على الحل الأمني وحده باستمرار دليل فشل أكيد، ولن يكون سببا في الحل»، بحسب نافعة.
كذلك انتقد استاذ العلوم السياسية أداء قوات الأمن التي لا تجد سوى العنف سبيلاً لإخماد أية احتجاجات، التي كان آخرها إلقاء قنبلة مسيلة للدموع داخل إحدى مدارس محافظات الجيزة، مختتماً حديثه بالقول «إن استمرار الأداء الحكومي الضعيف، بسبب سيطرة الجهاز البيروقراطي للدولة على مجريات الأمور، يزيد الأمور سوءا يوما بعد يوم».