قبل أسبوع توجّه النازح السوري في لبنان محسن م. لملاقاة شقيقه جاسم، القادم من دمشق، عند نقطة المصنع الحدوديّة. طال انتظار محسن في باحة مركز الأمن العام اللبناني لحوالى 4 ساعات، قبل أن يتلقى اتصالاً من شقيقه يبلغه فيه «أن عناصر الأمن العام منعوه من دخول لبنان بسبب كسر تعرضت له بطاقة هويته السوريّة، طالبين منه العودة من حيث أتى».
هذا بعض ما يواجه السوريين لدى دخولهم لبنان عبر نقطة المصنع الحدودية. هي مشكلة جديدة تتمثل في عدم منحهم إقامة موقتة بسبب شوائب تعتري بطاقات هوياتهم الشخصيّة.
الأمر لم يتوقّف عند هذا الحدّ، فقد «أُبلغ جاسم أنّ اسمه أدرج بين الذين اتّخذ بحقهم قرار بمنع الدخول إلى لبنان لمدة سنة من تاريخه»، يروي محسن لـ«الأخبار» ما دار من حديث بينه وبين شقيقه خلال اتصال هاتفي.
ويضيف: «أبلغني أخي أنه بعد انتظاره لساعات أمام مركز جديدة يابوس الحدودي، تسلّم قسيمة العودة وبطاقة الهويّة التي كانت لا تشوبها أي شائبة، وقد فوجئ بأن إحدى زواياها تعرضت للكسر». ويعقّب: «لم يُعر أخي أي أهمية للأمر، وبوصوله إلى نقطة المصنع حصل ما حصل».
اللقاء مع محسن حصل في أحد المخيمات المكتظة بالنازحين بحضور أكثر من 20 نازحاً. أحد هؤلاء قال بحنق: «أشكّ في أنّ عناصر الأمن العام السوري يقومون عمداً بإحداث كسر في بعض بطاقات الهويّة لأسباب باتت معروفة، وهي علمهم المسبق بأن مركز المصنع سيمنع أصحابها من الدخول».
يتدخّل آخر مشكّكاً، ويرى أنّ «هذا الأمر متفق عليه بين السلطتين اللبنانية والسورية بهدف التخفيف من أعداد النازحين الهاربين من بلدنا».
يوافق الجميع على استنتاج هذا الرجل الذي يستفيض في شرح وجهة نظره، مشيراً إلى أنّ «أقاربنا القادمين يعانون في الآونة الأخيرة من عراقيل عدة تعترضهم عند نقطة الجديدة، فضلاً عن جملة أسئلة يوجهها إليهم عناصر الأمن السوري، تتمحور حول أمكنة سكنهم في سوريا والأسباب التي دفعتهم إلى مغادرتها»، متسائلاً: «كيف أن معظم القادمين من المناطق الآمنة تتعرض بطاقات هويتهم للتكسير!». «أبو نوح»، الذي يتابع أمور النازحين باعتباره المسؤول عن تنظيم شؤون المخيم، يوضح أنّه «أصبح شغلنا الشاغل إجراء الاتصالات بأصدقائنا في لبنان للتوسط لدى معارفهم في الأمن اللبناني، من أجل الاكتفاء بإعادة الذين تعتري بطاقات هوياتهم أي شوائب، من دون اتخاذ قرار بمنع دخولهم الى لبنان لمدة سنة أو أكثر في بعض الأحيان». ولفت إلى صعوبة الاستحصال على بطاقة هوية سوريّة بدلاً من ضائع في ظل الأوضاع الراهنة، وأن هذا الأمر يتطلب الانتظار أكثر من ستة أشهر للوصول إلى هذه الغاية. في السياق، يرفض مسؤول في الأمن العام اللبناني الدخول في التفاصيل، مكتفياً بالقول إنّه «لا علاقة لنا من قريب ولا من بعيد بما يجري خارج الحدود وبما يتداوله أو يستنتجه البعض، وكل ما في الأمر أننا ننفذ الأوامر التي تقضي بعدم منح أي مواطن سوري إقامة موقتة في لبنان في حال تبيّن وجود أي شوائب تعتري بطاقة هويته، بغض النظر عن أسباب ذلك».