في غمرة عودة «خطط» تسليح المعارضة «المعتدلة»، والتصريحات الأمنية عن «جهاديين» أوروبيين في سوريا، كانت موسكو على لسان رئيسها «تثبّت» أدبياتها حول الأزمة السورية، بما يعبّر عن ثقتها بعدم استخدام دمشق للسلاح الكيميائي وعن رفضها القاطع لأي تدخل عسكري في شؤونها.
وذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّ السلاح الكيميائي السوري ظهر كردّ على القدرات النووية الإسرائيلية. ورجح، في كلمة بمنتدى «فالداي» الدولي للحوار، أن يكون الهجوم في غوطة دمشق استفزازاً ذكياً تم التحضير له بدقة رغم أنه بدائي من حيث تقنية تنفيذه، مشيراً إلى أن المنطقة مليئة بالسلاح السوفياتي القديم، وليس من الصعب العثور على صاروخ عليه حروف روسية لاستخدامه لتنفيذ مثل هذا الاستفزاز. وتساءل: «لماذا لم يجروا تحقيقاً في الحوادث السابقة لاستخدام الكيميائي؟». ودعا إلى دراسة جميع الأمور المتعلقة باستخدام الكيميائي بدقة، معتبراً أنّه «إذا توصلنا في نهاية المطاف، رغم كل الصعوبات، إلى الإجابة عن سؤال عمن ارتكب هذه الجريمة، ستكون هناك خطوة تالية، عندما سنحدّد مع شركائنا في مجلس الأمن مدى مسؤولية مرتكبي هذه الجريمة». وتابع أنه ليس واثقاً من نجاح المبادرة الروسية الخاصة بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت رقابة دولية، ونجاح الجهود الرامية الى إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالتخلي عن السلاح الكيميائي بالكامل. لكنه أشار الى أن هناك العديد من البوادر الإيجابية في هذا الاتجاه، حيث وافقت دمشق بلا شروط على تسليم مخزونها وتعد نفسها عضواً في منظمة حظر الاسلحة الكيميائية.
وشدّد الرئيس الروسي على أنّ مسألة استخدام القوة ضد سوريا لا يجب أن تناقش في الكونغرس الأميركي بل في مجلس الأمن. واعتبر أنّ التهديد باستخدام القوة ليس «دواء عاماً» لحل جميع المسائل الدولية.
وأعاد بوتين إلى الأذهان أن السلاح الكيميائي السوري ظهر كرد على امتلاك إسرائيل لأسلحة نووية. وأشار إلى أنّ الطريق إلى حل هذه القضية يكمن في تنفيذ مشروع تحويل الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
وتابع: «يجري الحديث دائماً عن مسؤولية حكومة (الرئيس السوري بشار) الأسد. وما إذا كانت المعارضة هي من استخدم الكيميائي؟ لماذا لا يتحدث أحد عن معاقبة المعارضة في هذه الحال؟».
بدوره، أعلن رئيس الوزراء الروسي، دميتري مدفيديف، خلال لقاء مع المشاركين في الجمعية العامة لمنظمة وكالات الأنباء في دول آسيا والمحيط الهادئ، أن بلاده تعتبر أيّ تدخل خارجي في سوريا بدون موافقة مجلس الأمن الدولي غير مقبول واجرامياً.
في موازاة ذلك، حضّ وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، مجلس الأمن الدولي على التصويت «الأسبوع المقبل» على قرار محتمل يلزم سوريا باحترام خطة تفكيك ترسانتها من الأسلحة الكيميائية.
واعتبر أنّه «لا يمكن تصديق أنّ المعارضة تسللت خلف خطوط الجيش السوري وأطلقت صواريخ لا تمتلكها».
كذلك حضّ الصين على أداء دور «إيجابي وبناء» للتوصل إلى قرار في الأمم المتحدة في شأن سوريا. وذلك استقباله نظيره الصيني وانغ يي.
في السياق، أكد الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، أنّ بلاده ستزوّد «الجيش الحر» سلاحاً، ولكن «في إطار يخضع للمراقبة».
وقال، في مؤتمر صحافي في مالي: «الروس يسلمون (الحكومة السورية السلاح) في شكل منتظم، ولكن نحن، سنقوم بذلك في إطار موسع، مع مجموعة من الدول».

«البنتاغون»: خطة لتدريب «المعتدلين»

من ناحية أخرى، وضعت وزارة الدفاع الأميركية خطة لتدريب قوات المعارضة «المعتدلة» في سوريا، وذلك في أول خطوة معلنة للاتصال المباشر بين «البنتاغون» وهذه المعارضة. وأوضحت مصادر في الإدارة الأميركية، لمحطة «سي أن أن»، أن التدريب سيجري في بلد مجاور لسوريا، إلا أن وزارة الدفاع لن تزود قوات المعارضة بالأسلحة بشكل مباشر لأنها ليست مفوضة بذلك. وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، مارتين ديمبسي، قد قال أول من أمس: «لدينا عدد من الخيارات التي ندرسها ومن شأنها زيادة دعمنا للمعارضة المعتدلة، إلا أنه لم يُتخذ أي قرار حتى الآن». وتقضي خطة «البنتاغون» بتدريب قوات المعارضة على استخدام الأسلحة الخفيفة وغيره من التكتيكات العسكرية.

130 فرنسياً يقاتلون في سوريا

إلى ذلك، قال وزير الداخلية الفرنسي، ايمانويل فالس، إنّ «أكثر من 130 فرنسياً أو مقيماً في فرنسا» معظمهم من الاسلاميين المتشددين يقاتلون حالياً في سوريا.
وأكد الوزير، في تصريحات لإذاعة فرنسا الدولية، أنّه علاوة على هؤلاء «هناك حوالى 50 مقاتلاً عادوا، و40 في منطقة عبور وأكثر من مئة، بحسب أجهزة مخابراتنا، قالوا إنهم يمكن أن يذهبوا إلى هناك».
في السياق، أعلنت شرطة «سكوتلنديارد»، أمس، أنّ الشابين البريطانيين اللذين أوقفا في مطلع الأسبوع في فرنسا، يشتبه في قيامهما «بنشاطات ارهابية في سوريا»، معلنة عن توقيف شخصين إضافيين. واوقف الرجلان البالغان من العمر 22 و29 عاماً صباح الاثنين، عند وصولهما إلى بريطانيا.
كذلك أوقف رجل في الـ27 من العمر وامرأة في الـ26 في القضية نفسها، فيما جرت مداهمات في شرق لندن ومقاطعتي ايسيكي ولانكشير.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)