أكد الرئيس السوري بشار الاسد التزام سوريا بجميع متطلبات انضمامها إلى اتفاقية حظر انتشار الأسلحة الكيميائية، وموافقتها على تنفيذ مضمونها لجهة «عدم تصنيع هذه الأسلحة أو تخزينها أو استعمالها أو توزيعها والتخلص منها، وذلك استجابة للمبادرة الروسية وانطلاقاً من حاجات سوريا وقناعاتها والأمر لا علاقة له بالتهديد الذي لم ترضخ له سوريا يوماً». وأوضح الاسد، في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، أن «القيادة السورية تنظر اليوم إلى الثقة التي يوليها إياها الشعب السوري، وهي تبحث عن هذه الثقة بالذات»، مشددّاً على أن أيّ تحرك دبلوماسي بخصوص حلّ الأزمة في سوريا من «دون تحقيق الاستقرار والتخلّص من الإرهابيين سيكون مجرّد وهم، لذلك فإن أيّ تحرك دبلوماسي ينبغي أن يبدأ بوقف تدفق الإرهابيين، ووقف الدعم اللوجستي لهم ووقف دعمهم بالمال والسلاح».
وأعلن أنّ التخلّص من الأسلحة الكيميائية السورية بموجب الاتفاق الذي توّصلت إليه روسيا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي سيكلّف نحو مليار دولار. وأشار إلى أن عملية التخلص من السلاح الكيميائي معقدة من الناحية الفنية، مرجحاً أنها قد تستغرق نحو عام.
وشددّ الاسد على أن حكومته ستلتزم بالاتفاق الذي يرمي إلى التخلّص من هذه الأسلحة، وأنها مستعدة لتسليمها إلى أي بلد لا يمانع في المخاطرة بأخذها، موضحاً أن حكومته ملتزمة بالتخلّص من ترسانتها من الأسلحة الكيميائية، لكنه اصرّ على أن قواته ليست مسؤولة عن هجوم الغوطة في21 آب.
وردّاً على سؤال يتعلّق باتهام سوريا باستخدام غاز «السارين»، شدد الاسد على أن اياً كان يمكنه تصنيع غاز السارين، مؤكداً على أنه «من غير الممكن من الناحية الواقعية، استخدام السارين بالقرب من جنودك، ويمكن أن تستخدم أسلحة الدمار الشامل وأنت تحقق تقدّماً، ولا تعاني هزيمة ولست في حالة انسحاب، فالوضع بمجمله كان لمصلحة الجيش، ونحن لم نستعمله عندما كنّا نواجه مشاكل أكبر العام الماضي».
وأكد أنّ الحكومة السورية لديها أدلة على أن المجموعات الإرهابية استعملت غاز «السارين»، وأن تلك الأدلة سلّمت إلى الروس، كما أن الأقمار الصناعية الروسية رصدت منذ ظهور هذه المزاعم في 21 آب الماضي، أن الصاروخ أطلق من منطقة أخرى، فلماذا يجري تجاهل وجهة النظر هذه؟».
وتعليقاً على تقرير المفتشين الدوليين، الذي يفسره كثيرون على أنه يحمّل الحكومة السورية مسؤولية هجوم الغوطة، لفت الاسد إلى أنه من السابق لأوانه الإدلاء بتعقيب محدد على تقرير الأمم المتحدة. وأوضح «يجب أن ندرسه ويجب أن نناقشه قبل أن نقول هل نوافق عليه أم نرفضه. فهو لم يصدر إلا مساء أمس».
من جهة أخرى، شدد الرئيس السوري على أن بلاده لا تشهد حرباً أهلية، بل تواجه حرباً من قبل تنظيم القاعدة، وكشف أن آلاف الجهاديين يقاتلون ضد الجيش السوري، مشيراً إلى أنهم يمثلون ما بين 80 و90 % من القوات المعارضة.
وأضاف أن الجهاديين كانوا أقلية في البداية، لكن في نهاية عام 2012 وخلال هذا العام أصبحوا الأغلبية بسبب تدفق عشرات الآلاف من مختلف البلدان.
ورداً على سؤال عما إذا كانت لديه رسالة يريد أن يوجهها إلى أوباما قال «استمع إلى شعبك. والزم حصافته. هذا يكفي».
وحول الدور الروسي في دعم سوريا، قال الرئيس السوري «تعرفون أن الدور الروسي كان كفؤاً جداً سياسياً خلال الأزمة في سوريا، خلال العامين ونصف العام الماضيين، وقد استعملوا حقّ الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن. وبالتالي فإن روسيا حمت سوريا سياسياً، ولا ينبغي أن تكون هناك اتفاقية أمنية بهذا الخصوص، فالأمر لا يتعلّق بالجيش والحرب وحسب، بل يتعلّق بالسياسة أولاً وقبل كل شيء، إنهم يقومون بعملهم دون وجود هذه الاتفاقية».
في سياق آخر، أعلن نائب رئيس الوزراء السوري، قدري جميل، في مقابلة مع صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، نشرت على موقعها الالكتروني أمس، أنّ دمشق ستطلب وقفاً لاطلاق النار في حال انعقد مؤتمر «جنيف 2».
واعتبر جميل أنّ النزاع في بلاده وصل إلى «مأزق»، لافتاً إلى أنّ أيّا من الجانبين لا يستطيع حسمه.
من جهة أخرى، أعلنت الخارجية الروسية أن السلطتين الروسية والسورية تعتبران أن خبراء الأمم المتحدة في الكيميائي الذين عملوا في سوريا لا يمكن أن يعدوا تقريراً نهائياً عن عملهم إلا بعد عودة البعثة الأممية إلى سوريا لإنجاز مهمتها هناك.
ولفت البيان في أعقاب زيارة نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف لسوريا ولقاءاته بالقيادة السورية، إلى أن الجانبين «شددا على ضرورة إنجاز مهمة الخبراء الأمميين الخاصة بالتحقيق في المعلومات عن استخدام الكيميائي في سوريا، بموجب الاتفاق الذي وقع بين الأمم المتحدة والجمهورية العربية السورية يوم 25 تموز الماضي».
وورد في البيان أيضاً أن الجانب السوري أكد خلال تلك اللقاءات تقويمه العالي لاتفاقات جنيف، وعزمه على تنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتقه بمقتضى بنود اتفاقية حظر السلاح الكيميائي.
وأشار البيان إلى أن الجانبين أكدا أن منظمة حظر السلاح الكيميائي، التي انضمت إليها سوريا يجب أن تؤدي دوراً محورياً في عملية تدمير السلاح الكيميائي السوري، وذلك بموجب اتفاقية حظر السلاح الكيميائي. ويجب أن يقدم مجلس الأمن الدولي، عند ذلك، تأييداً سياسياً لهذه العملية، وأن يضمن الدعم اللوجستي ومساعدة الخبراء.
(الأخبار)