فرنسا لا تزال متمسكة بموقفها. وافقت مع روسيا على ضرورة إحلال السلام في سوريا، لكنها حافظت على الاختلاف معها في كيفية تحقيق ذلك، في وقت كان لافتا ذاك الهجوم الأميركي على وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي «يسبح عكس التيار». كان ذلك كلام المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جنيفر بساكي، تعليقاً على حديث لافروف عن أن الهجوم الكيميائي الذي شهده ريف دمشق ليس من تنفيذ النظام السوري. قالت «لقد قرأنا بالطبع تعليقات الوزير لافروف. إنه يسبح عكس تيار الرأي العام العالمي، والأهم من ذلك، عكس الوقائع».
كانت تشير إلى المؤتمر الصحافي للافروف مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس في موسكو قبلها بساعات. أقر الوزيران بوجود اختلاف في وجهات النظر في جملة من القضايا تبدأ بتقويمهما لتقرير المفتشين الدوليين عن استخدام «الكيميائي» في سوريا يوم 21 آب. لافروف شدد، من جهته، على أن لدى بلاده «أسباباً جدية» للاعتقاد أن الهجوم الكيميائي كان «استفزازاً» من قبل مسلحي المعارضة، واعتبر أن تقرير مفتشي الأمم المتحدة لا يجيب عن كل التساؤلات الروسية بشأن الهجوم. وذكر أن روسيا لا ترى دليلاً مقنعاً في التقرير على أن النظام السوري هو المسؤول عن الهجوم الكيميائي، لافتاً إلى أن «هناك حاجة لدراسة التقرير، ليس بمعزل، وإنما في إطار الأدلة الأخرى المتوافرة حالياً في وسائل الإعلام والإنترنت». وأعاد لافروف التأكيد على أن قرار مجلس الأمن حول نزع الأسلحة الكيميائية السورية «لن يكون تحت الفصل السابع».
من ناحيته، اعتبر فابيوس أن تقرير مفتشي الأمم المتحدة لا يدع مجالاً للشك في مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم.
وفي ما خصّ مؤتمر «جنيف 2»، أكد لافروف، الذي ناقش الملف السوري أيضا في اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني وليام هيغ، على ضرورة دعم السوريين على طريق تشكيل حكومة انتقالية تمثل جميع الأطراف. ورأى أن الأحاديث عن استثناء بعض الشخصيات من هذه العملية وضرورة إبعاد الأسد ومحاكمته لا يؤدي إلا إلى تحريض المعارضة المتعنتة على تبني موقف أكثر تشدداً. وفي حين أوضح أن روسيا يمكنها الآن الاعلان عن موعد «جنيف 2»، اشترط لذلك موافقة المعارضة السورية على إرسال وفدها إلى هذا الاجتماع أولاً.
من جهته، أكد فابيوس أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع الدائر في سوريا، موضحاً «نعتقد أن هناك حلاً سياسياً ويجب الاعتماد عليه من أجل وقف العنف».
وبينما كان لافروف يؤكد على الثوابت الروسية في موسكو كان نائبه سيرغي ريابكوف يردد صداه في زيارة لافتة إلى دمشق التقى في خلالها وزير الخارجية وليد المعلم.
وليام هيغ بدوره رأى أن التعامل مع الأسلحة الكيميائية لدى سوريا سيكون مهمة ضخمة، لأن الأخيرة قد تكون تمتلك أكبر ترسانة منها في العالم وتخزنها في مواقع متعددة وبأشكال كثيرة مختلفة وفي بلد هو الآن ساحة معركة متنازع عليها. وابدى هيغ، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، استعداد بلاده لإرسال خبراء إلى سوريا من دون تأمين حماية عسكرية لهم، للمساعدة في نزع ترسانة الأسلحة الكيميائية.
أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، هونغ لي، فاكتفى بالتأكيد على أن بلاده «ستدرس بجدية» تقرير الأمم المتحدة، رافضاً في الوقت نفسه استخلاص اي نتيجة بشأن منفذي هذا الهجوم الكيميائي.
في السياق، شدد الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، على أنه «لابد من أن ينتهي النزاع في سوريا». وأشار إلى أن «في الاسبوع القادم سنجتمع في الجمعية العامة وسأوجه دعوة قوية إلى الدول الاعضاء للتحرك»، مشدداً على أنه «لا بد من أن تترجم القرارات والاتفاقات حول الازمة السورية بأفعال على الأرض».
ورأى الموفد الأممي والعربي إلى سوريا الأخضر الابراهيمي، في مقابلة مع تلفزيون «ار تي اس» السويسري، أن «المشكلة لا تكمن في البدء بالمؤتمر (جنيف 2)، المشكلة في أن نكون واثقين بأن ثمة ارادة فعلية وصلبة لدى الاطراف المعنيين». وأكد أنه سيبحث مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في نيويورك محاولة تحديد موعد لهذا المؤتمر.
وبحث ممثلو الصين وبريطانيا وروسيا والولايات المتحدة وفرنسا أمس مشروع قرار مجلس الأمن الدولي حول سوريا. وأوضحت المتحدثة باسم البعثة الأميركية في الأمم المتحدة، إيرين بلتون، أن الأعضاء بحثوا المسودة المشتركة التي أعدها «الثلاثي» (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا) لقرار مجلس الأمن بشأن برنامج الأسلحة الكيميائية السورية».
في إطار آخر، أعلنت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، كيتلين هيدن، أن الرئيس باراك أوباما وقع على قرارات تسمح للحكومة ببدء تسليم العاملين في عدد من المنظمات الدولية في سوريا وبعض قوى المعارضة السورية أدوات للوقاية من المواد الكيميائية. وأوضحت أنه سيتم تسليم مثل هذه الأدوات لـ«أعضاء المعارضة السورية الموثوق بهم».
من جهة اخرى، رأى وزير الخارجية الأميركي الأسبق، هنري كيسنجر، أن «موقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيال سوريا يعود إلى قلقه من تزايد دور الإسلام المتشدد»، معتبراً، في حديث إلى قناة «سي. ان. ان»، الأميركية أنّ الصراع في سوريا يتجاوز الموقف من الرئيس بشار الأسد ليصل إلى النزاع الطائفي بين السنة والشيعة»، مشيرا إلى أن «الخروج الفوري للأسد من السلطة قد يؤدي إلى فوضى».
ديل بونتي: نصف المقاتلين اسلاميون متشددون
إلى ذلك، أكدت عضو لجنة التحقيق الأممية بانتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، كارلا ديل بونتي، المعلومات القائلة إن نصف المقاتلين المعارضين السوريين هم إسلاميون متشددون. وقالت، في مقابلة تلفزيونية، إنّ «هذه معلومات صادقة، وأستطيع القول إنهم أكثر من ذلك بقليل».

أنقرة والطائرة السورية

إلى ذلك، أوضح وزير الخارجية التركي، أحمد داود أوغلو، أن «طائرة الهليكوبتر السورية التي اسقطها الطيران التركي انتهكت المجال الجوي التركي عمداً وليس بالخطأ كما تقول دمشق»، مستبعداً انتقاماً سورياً.
وفي هذا الإطار، تناقلت صور على الانترنت للطيار السوري وقد قطع المسلحون رأسه.
كذلك، انفجرت سيارة مفخخة، أمس، عند معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، ما تسبب باصابة 12 شخصاً على الأقل بجروح، بحسب ما نقلت مواقع معارضة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)