حلب | بينما عادت الاتصالات الخلوية والداخلية إلى مدينة حلب بعد انقطاع استمر أسبوعين، يستمر الحصار البري على المدينة، إلا أن معطيات الميدان في المدينة حفلت بجديد هو انخراط فعال في القتال داخل مدينة حلب لـ«وحدات حماية الشعب الكردي»، وهي الذراع المسلحة لحزب الاتحاد الديموقراطي (واجهة سورية لحزب العمال الكردستاني). «وحدات الحماية» تمكنت من تحقيق إنجازات لافتة في حيّ الشيخ مقصود، الذي يعتبر من أهم الأحياء التي يقطنها الأكراد في مدينة حلب، والذين أجبروا على النزوح بعد سيطرة الميليشيات عليه. وأحكم المقاتلون الأكراد سيطرتهم على سوق الخضر، وهو أعلى نقطة في الحيّ، الذي أقيم على جبل السيدة المطل على مدينة حلب قبل نحو أربعين عاماً، وبذلك يطبق الأكراد والجيش السوري على ما تبقّى من المسلحين في الحي، ليصبح تحريره مسألة وقت.
بالتزامن مع التقدم في الشيخ مقصود، نصب الجيش السوري حواجز متقدمة له في نهاية حي الأشرفية ــ آخر خط السرفيس، وهو من مراكز ثقل الأكراد في حلب، وأصبح على تخوم حيي بني زيد والسكن الشبابي.
لكن التقدّم الكردي كان ذا كلفة باهظة، فقد سقط نحو ثلاثين قتيلاً من مسلحيهم في القتال الذي دار من بناء إلى آخر ومن شقة إلى أخرى.
وقال مصدر معارض إنّ «الانتصارات التي يحققها مقاتلو الكردستاني هي بسبب الدعم الناري من النظام، ومدهم بالسلاح والذخيرة، في حين أنّ الجيش الحر منقسم ولم تتم مؤازرة مجموعة خالد حياني التي تدافع عن الحي، وانسحبت مجموعات من المعركة».
بالمقابل، اعتبر مصدر في «وحدات الحماية» أنّ مقاتليها يحاربون من أجل تحرير بيوتهم التي طردهم منها ونهب محتوياتها مَن ادّعوا أنهم ثوار حرية، مطالباً الحكومة السورية بالقيام بواجبها لدعم الأكراد الذين يواجهون إرهابيين سوريين ومن عشرات الجنسيات العربية والأجنبية.
يشار إلى أن «وحدات الحماية الكردية» أعلنت سيطرتها على عدد من المناطق شمال سوريا، ومنعت عناصر السلطات العامة من ممارسة مهامها الإدارية والأمنية بغية تحييدها عن الصراع الدائر، لكن الميليشيات المسلحة سرعان ما هاجمتها وعملت على طرد السكان الأكراد منها.


غارات وقصف في ريف حلب

في موازاة ذلك، اقتصرت المواجهات في ريف حلب على غارات لسلاح الجو وقصف مدفعي استهدف مقار وأرتال سيارات سلاح وذخائر قادمة من الحدود التركية في منطقة الأتارب وأورم الكبرى غرباً، ومقار وتجمعات في كويرس ورسم العبود والجديدة وعربيد وتادف شرقاً، وماير وحريتان شمالاً، وخان العسل جنوباً.
وفي المدينة، أعلن مصدر عسكري أنّه تم القضاء على كل أفراد مجموعة مسلحة كانت تحاول التسلل إلى خان الوزير في المدينة القديمة، في حين قتل وجرح أكثر من خمسة عشر شخصاً من المدنيين نتيجة سقوط قذائف هاون وصواريخ محلية الصنع في أحياء الأشرفية وميسلون وصلاح الدين.

«الدولة» تذبح «الحر»

من جهة أخرى، تصاعدت حدّة الاقتتال بين الميليشيات المسلحة، ووصلت حد ارتكاب مجزرة مروّعة ذبحاً بالسكاكين عشية إحكام عناصر «الدولة الإسلامية في العراق والشام» سيطرتها على مدينة الباب شمال شرق حلب، حيث قاموا بذبح عدد من مسلحي «الجيش الحر» في المدينة، بعد أن أعلنت «الدولة» أن «الجيش الحر» عملاء للنظام وسيتم سحقهم.
وتأتي المجزرة بعد أسبوعين من قيام مسلحي «الدولة الإسلامية» بتهجير سكان قرية حربل شمال حلب وترويعهم بعد إعدام ثلاثة من الشبان التابعين لـ«الجيش الحر».
ورغم إعادة الجيش السوري بسط سيطرته على منطقة خناصر جنوب حلب، إلا أنه لم يتم فتح الطريق الذي عرف باسم «الخط العسكري» لحركة المواطنين، في حين يقوم المسلحون بشكل مزاجي بفتح وإغلاق معبر بستان القصر، المنفذ الوحيد للمدينة لحركة الأفراد والسلع.