تونس - دخلت الأزمة السياسية التونسية مرحلة جديدة بعد أن أعلنت المنظمات الراعية للحوار الوطني وجبهة الإنقاذ الوطني فشل الحوار مع السلطة محملين الائتلاف الحاكم، لا سيما حركة النهضة وحليفها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المسؤولية.
وقد حذر الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي من خطر التضخم والانهيار الاقتصادي، بينما أعلن زعيم حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي، أن «النهضة أغلقت أبواب الحوار». وحملها مسؤولية ما ستصل اليه البلاد من عنف متوقع.
هذه التطورات حدثت عشية التعبئة العامة التي أعلنتها جبهة الإنقاذ الوطني بكل مكوناتها اليوم السبت بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيل المناضل الناصري محمد البراهمي، الذي اغتاله تنظيم أنصار الشريعة الذي صنفته وزارة الداخلية كتنظيم إرهابي منذ أيام وهو التصنيف الذي مازال يطرح الكثير من الجدل بين الحقوقيين.
وبعد أربعين يوماً وصل الحوار الى النفق المسدود وأعلنت أحزاب المعارضة في بيان مشترك باسم جبهة الإنقاذ أن الاحتكام سيكون الى الشارع.
وينتظر أن يلتحق الاتحاد العام التونسي للشغل بهذا التحرك الذي يهدف الى إسقاط الحكومة وتقييد المجلس الوطني التأسيسي بأجل محدد لأعماله ومهمة إنهاء الدستور والقانون الانتخابي والهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وبسبب الأزمة السياسية تراجع حضور زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي أبدى في آخر ظهور له تقارباً مع غريمه التاريخي السبسي وحزبه الذي يقود المعارضة مقابل صعود أسهم «صقور النهضة» مثل رئيس الحكومة علي العريض، ووزير الصحة عبد اللطيف المكي، ووزير النقل عبدالكريم الهاروني، الذين يُعتبرون من قيادات الجيل الثاني للحركة.
ويبدو أن هؤلاء أخذوا زمام المبادرة وحاصروا الشيخ الزعيم التاريخي للحركة وهم يرفضون أي تنازل للمعارضة التي يسيطر عليها «اليسار الكافر». لكن الأزمة التي يتجاهلها الإسلاميون في الحكم وحليفهم حزب المؤتمر ليست سياسية فقط، بل اقتصادية أساساً، فكل المؤشرات تؤكد أن الاقتصاد التونسي في انهيار متواصل فضلاً عن الأزمة الأمنية إذ كشفت نقابات الأمن أن نحو ٤٠٠ إرهابي تم إيقافهم من قوات الأمن، لكن القضاء أطلق سراحهم بتعليمات من وزير العدل السابق نورالدين البحيري، الذي يوصف الآن بانه الدماغ المفكر للحكومة.
واتهم قياديو الاتحاد العام لنقابات الأمن الوطني قضاة بالتنسيق مع الإرهابيين وكشفوا انه تم إلقاء القبض على عدد من القضاة الذين كانوا بصدد التنسيق مع الإرهابيين في أماكن خاصة وذلك في ندوة صحافية عقدوها امس.
وفي الوقت الذي عقدت فيه نقابة القضاة مؤتمراً صحافياً في الشارع بعد أن رفض الأمن دخول الصحافيين الى المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة، هدّد الاتحاد العام لقوات الأمن بكشف الجهات السياسية والأمنية والقضائية التي تقف وراء الإرهابيين.
في هذا السياق المشحون كشفت جريدة «الفجر» الجزائرية أن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة رفض السماح للولايات المتحدة الأميركية بإقامة قاعدة عسكرية جنوبي تونس، وهو الموضوع الذي شغل الشارع التونسي طيلة الأسبوع الماضي وقد نفاه صباح امس المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية.
في هذا الطقس السياسي المشحون بالتوتر ينتظر التونسيون انفراجاً قريباً في الوضع السياسي عسى أن يبدأ الانتعاش الاقتصادي.
ومن دون إيجاد حلول للازمة السياسية لا أمل في الاقتصاد.
الى ذلك، تواصل تراجع تونس في التصنيف الدولي الاقتصادي والاجتماعي وآخرها ترتيب «دافوس»، إذ تراجعت تونس بنحو ثلاثين نقطة.