القاهرة - لم تعد حالهم كما في النظام السابق. ليس هناك من يتعاطف معهم. لا يُسمح لهم بالزيارات الاستثنائية، وتوضع محاذير على الزيارات الخاصة. ولا يمكنهم الانفراد بزوجاتهم، وغير مسموح لهم جلب وجبات خارجية ساخنة، كما اعتادوا خلال فترات وجودهم في السجون أثناء حكم المخلوع حسني مبارك.
هذه هي حال قادة جماعة «الإخوان المسلمين»، بعدما تبدل وضعهم جذرياً، حيث تحولوا من سجناء سياسيين الى سجناء جنائيين يهددون الأمن العام بعد توجيه تهم لهم بالتخابر مع جهات أجنبية لزعزعة أمن البلاد وسلامتها. تقول مصادر «الأخبار» إن اللون الأبيض الذي يرتديه قادة الجماعة خلال فترات مثولهم للتحقيقات لا يعني أنهم في منأى عن ارتداء البدل الزرقاء أو الحمراء، إذا ثبتت خيانتهم، وخصوصاً أن الجهات السيادية تملك من الأدلة والإثباتات المسجلة الى جانب المستندات، التي ضبطت في مقارهم في العاصمة والمحافظات المختلفة ما يؤكد تورطهم في تدبير الفوضى في البلاد، بحسب المصادر.
ساعات التريض، التي كان يتمتع بها نزلاء سجني طرة والعقرب الشديدي الحراسة، أصبحت بتوقيتات مختلفة. وبحسب المصادر، فإن إدارة السجن قامت بتبديل ساعات الراحة المعروفة باسم «التريض»، ليسمح لكل عنبر بفترة ساعة كاملة من دون السماح بالاختلاط أو الجلوس، باستثناء صلاة الجمعة، التي تسمح فيها إدارة السجون بوجودهم لتأدية شعائر صلاة الجمعة.
عدا عن ذلك، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يجتمع قادة الجماعة، لا في فترات الراحة ولا حتى أثناء الزيارات، التي أصبحت مقننة وقانونية، على عكس ما كانت عليه خلال فترة الرئيس المخلوع مبارك.
كذلك تغيّر النظام الغذائي المتبع لمجموعة نزلاء سجن طرة والعقرب؛ فميزة التمتع بالوجبات الجاهزة الساخنة التي كان يلتهمها قادة «الإخوان»، خلال فترات سجنهم بين عامي 2001 و2011 لم تعد متوفرة، وخصوصاً بعد اكتشاف محاولات زج بعض الأوراق والأموال لهم بين الأطعمة والعصائر، وهو ما دفع إدارة السجن الى منع دخول أي وجبات. وأكدت المصادر أن ما يقدمونه من وجبات مصنعة في مطاعم ومطابخ مجموع السجون كافية وكفيلة لسد احتياجات القادة الغذائية، مثلهم مثل باقي نزلاء السجن.
المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين»، محمد بديع، حاول مراراً التقدّم بطلب للسماح لذويه بزيارته من دون قيود أو ترتيبات مسبقة، لكن النظام المتبع مع قادة الجماعة حال دون ذلك، حيث تقول مصادر «الأخبار»: «بإمكان أقارب قادة الإخوان زيارتهم في الأوقات الرسمية، ولا يمكن التساهل معهم، لأنهم غير مقيدين على سبيل سجناء الرأي، لكن التهم الموجّهة إليهم جنائية، الأمر الذي يحول دون الموافقة على الزيارات الاستثنائية».
ويوم أمس، زار بديع كل من زوجته وابنته في سجن مزرعة طرة، حيث استمرت الزيارة لنحو ساعة ونصف، وذلك بعد الحصول على إذن من النيابة العامة بالزيارة.
طابور الصباح اليومي الذي يقف فيه القادة لانتظار دورهم في استخدام المراحيض لم يمنعهم من تبادل بعض العبارات غير اللائقة للاستهزاء من العساكر الذين يقومون بتنظيم هذا الطابور. لكن التعليمات الأمنية الصادرة هي بعدم التجاوب مع أي استفزاز والمحافظة على هدوء السجن قدر المستطاع، وضرورة الفصل بين قادة الجماعة وباقي نزلاء السجن، الذين يقضون عقوبات السجن في الجرائم المختلفة، إضافة الى أنّ نظام السجن يقوم أصلاً على الفصل بين نزلائه الماثلين أمام النيابات وتجرى معهم التحقيقات المختلفة، وبين نزلائه ممن صدرت بحقهم أحكام جنائية.
تضيف المصادر إنه «على الرغم من أن قادة الجماعة ساهموا في إعداد بعض المراحيض الخاصة بهم خلال فترات حبسهم وسجن عناصرهم طوال السنوات العشر الماضية كي يتمكنوا من استخدامها بشكل خاص، لكن قادة الأمن لا يوافقون على التمييز بينهم وبين باقي السجناء، وخصوصاً بعد اعتراضات هؤلاء القادة على مساواتهم مع باقي نزلاء السجون».
وبالنسبة إلى الانفراد بالزوجات لمعاشرتهن، فهي مرفوضة نهائياً بسبب مثولهم للتحقيقات، حيث لا تجيز الإجراءات القانونية لقادة «الإخوان» وأنصارهم ممارسة حقوقهم كاملة إلا بعد صدور أحكام قانونية نهائية في حقهم. كذلك تُرفض كل طلبات الزيارات لذويهم من أجل أداء واجب العزاء بموتاهم. وحسب المصادر، فإن «المتاح فقط لقادة الإخوان هو التمتع بحق قراءة القرآن وبعض الكتب، الى جانب ساعات التريض، التي يسمح خلالها بممارسة التمارين، وربما بعض الألعاب الجماعية، مع توفير طاقم طبي يشرف يومياً على متابعة أحوالهم الصحية، وخاصة أن معظم نزلاء مجمع سجون طرة والعقرب من قادة الجماعة وأنصارهم طاعنون في السن ويعانون من الأمراض، كما هي حال النائب الأول للمرشد المهندس خيرت الشاطر».
إضافة الى ذلك، فإن الإجراءات الأمنية المشددة على أسوار السجن تحول دون إتمام المحاولات الجديدة لاقتحام السجن، وخصوصاً أن الطريقة البنائية، التي أشرفت عليها القوات المسلحة، تعتمد على حائط سد خرساني».