دمشق | صعَّدت الولايات المتحدة الأميركية من حدّة تهديداتها في الأيام القليلة السابقة. وقد شكَّل اتهامها لدمشق باستخدام الأسلحة الكيميائية الذريعة الجاهزة لإمرار هذا التصعيد. فكانت إحدى أهم المحطات الملحوظة في سير هذا التصعيد هي استباق جملة التصريحات الإعلامية الغربية خصوصاً، والمعادية للشعب السوري عموماً، للنتائج العملية التي ستخرج بها بعثة التحقيق، التي تقوم بمهماتها في غوطة دمشق. فبات تهديد سوريا، قبل ظهور النتائج، هو السمة الرئيسية للمؤتمرات الصحافية للعديد من المسؤولين الغربيين.اليوم في ظلّ التهديد الغربي إزاء الشعب السوري، تتبدى مواقف مختلفة «للجنود» على الأرض.
«ولماذا سينتظرون حتى ظهور النتائج؟ إن الاعتقاد بأن الأميركيين بحاجة إلى إثباتات قبل غزوهم لأحد البلدان هو اعتقادٌ ساذج. أميركا تعمل بما تقتضيه مصلحتها، وإن رأت أن مصلحتها لن تتضرر بضرب سوريا فستقوم بضربها من دون أن تحتاج إلى تبرير»، يتساءل الجندي السوري محمد الشبلي (26 عاماً)، ويؤكد: «دخلوا الأتراك وقاومنا... دخلوا الفرنسيين وقاومنا. فلماذا لا يكون لنا شرف قتال رأس الفتنة؟». بينما يرى أمجد ع.، أحد الجنود في الجيش السوري، في حديثه إلى «الأخبار»: «إذا صدقت أميركا في وعيدها فلن يكون أمامنا سوى الرد المباشر على الضربة». وعندما تنقل إليه هواجس البعض باستحالة الردّ لأن أميركا لن تنزل قواتها برياً في سوريا وستكتفي بالضرب من بعيد، يستدرك: «وماذا عن الكيان الصهيوني؟ جميعنا يعرف أن الصفعة الموجهة إلى بني صهيون تؤلم خدَّ الأميركيين بمقدار قوتها».
في المقابل، يستبعد الكثير من السوريين إمكانية إنجاز مثل هذه الضربة، ويعزون ذلك إلى سببين رئيسيين، أولهما أن هذه الضربة قد تفتح الباب أمام حتمية دخول الأميركيين في مستنقعٍ جديد كانوا قد دفعوا ثمن دخولهم فيه في غير بلدان غالياً، وثانيهما وجود ميزان دولي جديد سيفرض على واشنطن فتح معركة إقليمية هي عاجزةٌ بالمطلق عن الخوض فيها. ويجيب الباحث السياسي، ملاذ أبو بكر، لدى سؤال «الأخبار» عن خلفيات هذا التصعيد، بأنه عدا عن أننا نستبعد أن تخطئ أميركا في سوريا الخطأ نفسه الذي ارتكبته في فييتنام وأفغانستان والعراق، فإنها برأيه «تلعب في الوقت الضائع، فهي محكومة بالتوازن الدولي الذي بات يمنع أية إمكانية لفتح جبهات جديدة. ما أراه هو أنها تبحث عن إمكانية امتلاك أوراق جديدة للتفاوض على طاولة «جنيف 2»، التي بات الذهاب إليها واقعاً لا مناص منه.
أما في ضفة المعارضة المسلحة، فيبدو الموقف متفككاً إلى أقصى الحدود، فالحالة العامة للتهليل والتعويل على المواقف الأميركية الأخيرة تخترقها قناعات بعض المسلحين السوريين المعارضين للمطامع الأميركية في سوريا. ويؤكد «أبو علاء الحرستاني»، أحد مسلحي «لواء شهداء دمشق» في العاصمة، أنّ «قتالنا ضد النظام لا يعني بحالٍ من الأحوال أننا نقبل بالتدخل الأميركي في بلدنا، لا نقاتل ضد الظلم لنقبل ظلماً أكثر وطأة». ويكشف لـ«الأخبار» عن الخلافات الناشئة بين المسلحين السوريين حول هذا الموضوع، فيقول: «مئات الكتائب في سوريا، كل كتيبة لها وضعها ورؤيتها وهواها الخاص، أكاد أفقد عقلي من حالة اللامبالاة التي يظهرها أفراد العديد من الكتائب إزاء سيناريو التدخل الأميركي في سوريا. البعض يرحب، والبعض الآخر صامت، نحن صوتنا مخنوق وإمكانياتنا ضعيفة، لقد كسروا ظهورنا ووهبوا القوة والتمويل للتكفيريين».