أوركسترا الحرب تسارع قرع طبولها، حتى كاد دوي المدافع يسمع قبل أن تطلق القذائف. تصريحات وتهديدات «تبشّر» العالم بقرب تنفيذ القرار الغربي شنّ عدوان على بلاد الشام. حركة اتصالات لا تهدأ، اللافت فيها عودة الحديث عن «الحل السياسي» و«جنيف 2»، وإن كان من باب أن الضربة الوشيكة لن تحول دونهما، خاصة وأن هدفها ليس اسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون أكد على «محدودية الضربة»، على قاعدة «أننا لسنا على وشك التورط في حرب في الشرق الاوسط»، مع دعوته البرلمان البريطاني إلى «الاجتماع بشكل عاجل» غداً للتصويت على مقترح حكومي حول كيفية الرد على هجوم الغوطة، وبالتزامن مع تأكيد نائب رئيس الحكومة البريطانية نيك كليج أن بريطانيا «لا تسعى لقلب» نظام الرئيس السوري بشار الاسد، موضحاً أن «ما ننوي القيام به هو رد كبير على استعمال السلاح الكيميائي».
الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي يلتقي رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض احمد الجربا غداً، لا يزال عند موقفه من أن قرار الضربة سيتخذ خلال أيام، كاشفاً عن أنه «تقرر زيادة المعونة العسكرية للمعارضة السورية»، من دون أن يستبعد «إمكانية الوصول يوماً ما إلى حل سياسي في سوريا». كلام ردد صداه المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني الذي رأى ان «النظام السوري هو المسؤول عن استخدام الاسلحة الكيميائية في الغوطة في دمشق»، مضيفاً أن «علينا ان نحاسب الرئيس السوري بشار الاسد على ما اقترفه من أعمال. المستقبل يكمن في الحل السياسي عبر المفاوضات وسوف يكون من دون الاسد، والشعب السوري لم يعد يتقبل الاسد في سدة الحكم».
وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل أكد أن الجيش الأميركي مستعد للتحرك على الفور في سوريا إذا أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما أمراً، كاشفاً عن أن «وزارة الدفاع وضعت أمام الرئيس كافة السيناريوهات والخيارات والرئيس أوباما يقيّم تلك الخيارات»، فيما أمضى جون كيري الساعات الماضية في اتصالات مع بان كي مون ووزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وكندا وتركيا والسعودية والامارات والاردن وقطر وروسيا ومع الأمين العام للحلف الاطلسي والجامعة العربية ووزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون.
وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو دعا في تغريدات على موقع «تويتر»، مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ موقف موحد إزاء التدخل العسكري في سوريا وفرض عقوبات على ما سماه «الجريمة ضد الانسانية» التي ارتكبت في الغوطة الشرقية. عربياً، شدد وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل على أن «رفض النظام السوري لكل المحاولات العربية» لحل الازمة بات يتطلب «موقفاً دولياً حازماً وجاداً لوقف المأساة الإنسانية للشعب السوري»، فيما أكد نظيره المصري نبيل فهمي «تمسك بلاده بعدم وجود حل عسكري في سوريا»، مشيراً إلى أن «الوضع في سوريا من أخطر الأمور التي تهدد الأمن القومي العربي». كذلك، دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي إلى الإسراع بعقد مؤتمر «جنيف 2» وإطلاق مسار الحل السياسي للأزمة.
في المقابل، حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية، الكسندر لوكاشيفيتش، من أن «المحاولات الرامية إلى الالتفاف على مجلس الامن وايجاد ذرائع واهية وعارية عن الاساس مرة جديدة من اجل تدخل عسكري في المنطقة ستولد معاناة جديدة في سوريا وستكون لها عواقب كارثية على الدول الاخرى في الشرق الاوسط وشمال افريقيا». وأعربت الخارجية عن «خيبتها البالغة» لقرار الولايات المتحدة ارجاء الاجتماع الثنائي الذي كان مقرراً عقده أمس في لاهاي حول الازمة السورية، مشيرة إلى أن الإرجاء يشجع المعارضة السورية على «التشدد ترقباً لتدخل خارجي قوي».
وفي السياق، كشف رئيس لجنة العلاقات الدولية لمجلس الدوما الروسي، اليكسي بوشكوف، عن أن «خطة عملية التدخل العسكري في سوريا معدة من فترة، وستقوم القوات الأميركية بقصف الأهداف العسكرية الحساسة في سوريا بصواريخ كروز، وذلك من السفن الحربية الأربع المتواجدة في البحر الأبيض المتوسط، وستقوم الغواصة الحربية البريطانية بقصف صواريخ توماهوك».
ايران، من ناحيتها، استبعدت على لسان وزير الدفاع العميد حسين دهقان تورط اميركا في المستنقع السوري، مشيرة إلى أن التجارب التي اكتسبتها اميركا في هجماتها على العراق وافغانستان ستحول دون ارتكابها خطأ آخر وتوريط نفسها في مستنقع آخر في المنطقة.
بدوره، استبعد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف أن تفتقد اميركا الحكمة لدرجة تدفعها إلى خوض حرب جديدة في المنطقة، فيما كشف المتحدث باسم الخارجية عباس عراقجي أن طهران أبلغت نائب المتحدث الرسمي باسم الامم المتحدة جيفري فيلتمان بأن استخدام الوسائل العسكرية ضد سوريا «سيعود بتداعيات وخيمة ليس على سوريا فقط بل على المنطقة كلها».
إسرائيلياً، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن «إسرائيل ليست فريقاً في الصراع السوري لكنها سترد بكل قوة على أي هجوم ستتعرض له أراضيها».
(الأخبار)