استمرّ التركيز في الصحف البريطانية على الملف السوري وآخر تطوراته المرتبطة باتهام الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيميائية في ريف دمشق، وهو الموضوع الذي أبرزته «ذي إندبندنت» تحت عنوان «سوريا: الغارات الجوية تقترب وبريطانيا وأميركا تتعهدان عملاً عسكرياً خلال أسبوعين». وتفتتح الجريدة الموضوع بقولها إن «مأساة استخدام السلاح الكيميائي في دمشق تمثل نقطة تحوّل لكل من أوباما وكاميرون وهولاند».
وتقول الجريدة إنّ دولاً غربية بينها بريطانيا تعتزم القيام بعمل عسكري بشكل انفرادي ضد نظام بشار خلال أسبوعين كنوع من الرد على «استخدامه» السلاح الكيميائي ضد المدنيين العزل.
وتشير الجريدة إلى المحادثة الهاتفية التي جرت خلال اليومين الماضيين بين رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وكلّ من الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وناقشوا خلالها شنّ غارات صاروخية وجوية على عدد من الأهداف الاستراتيجية في سوريا.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الحكومة البريطانية قولهم إنّ كلّاً من لندن وواشنطن وباريس لم تستبعد اللجوء إلى منظمة الأمم المتحدة لاستصدار قرار دولي يتيح التدخل العسكري في سوريا، لكنهم أيضاً اتفقوا على ضرورة الاستعداد للقيام بذلك على نحو منفرد في حال تعذّر استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي.
ولتأكيد قراءتها، تنقل «ذي اندبندنت» تصريحات أدلى بها وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ قال فيها: «لا يمكن في القرن الحادي والعشرين التسامح مع قيام جهة ما بهجوم كيميائي ثم يمر الموقف دون أن تتحمل العواقب».
ونقلت الجريدة، أيضاً، عن مصدر في رئاسة الوزراء البريطانية لم تذكر اسمه تصريحاً قال فيه: «ننوي أن نوضح أن هذا الهجوم بهذا الشكل لن يمر دون عواقب وخيمة».
وأضاف المصدر أنّ محادثات هاتفية سيقوم بها كاميرون خلال الساعات المقبلة مع قادة دول غربية عدة، منها واشنطن، لمناقشة الخيارات المتاحة على المستويات كافة.
وتختم الصحيفة بالإشارة إلى التصريحات التي صدرت عن مجلس العموم البريطاني يطالب فيها رئيس الوزراء بعدم الإقدام على أيّ عمل عسكري من أي نوع دون الرجوع إليه. ونشرت تعليقاً لأحد المسؤولين في الحكومة، قال فيه إنّ رئيس الوزراء كان حريصاً دوماً على إطلاع المجلس على المستجدات، وإنه يتفهم حقه في مناقشة كل الأمور، «لكنه في الوقت نفسه يتمسك بحق الحكومة في التصرف واتخاذ القرارات وردود الفعل».


3 أسئلة على الطريق لضرب سوريا

وفي صحيفة «ذي فاينانشال تايمز»، مقال بعنوان «3 أسئلة على الطريق لضرب سوريا».
وتقول الجريدة إنّ على الولايات المتحدة وحلفائها أن يعثروا على إجابات لثلاثة أسئلة مهمة قبل اتخاذ قرار بتوجيه ضربات عسكرية للنظام السوري.
وتصف الجريدة الموقف الغربي حيال سوريا خلال العامين والنصف العام الماضيين بأنّه متروٍّ، لكن خلال الأيام الأخيرة تغيّر الوضع بشكل كبير إزاء القيام بعمل ما للرد على ما قيل إنه هجوم بسلاح كيميائي شرقي العاصمة دمشق، لكنها تنصح الدول الغربية بالنظر في إجابات 3 أسئلة مهمة.
السؤال الأول هو «كم من الوقت ينبغي للغرب أن ينتظر أدلة حاسمة على استخدام نظام الأسد للسلاح الكيميائي ضد المدنيين؟».
وتوضح أنّ واشنطن دخلت في حرب كلامية مع دمشق حول واقعة الغوطة حيث «ماطل» (الرئيس السوري بشار) الأسد في السماح للمراقبين الدوليين بالوصول إلى الموقع، لتردّ واشنطن بأن ذلك كان يهدف إلى طمس الأدلة الموجودة على استخدام السلاح الكيميائي.
وهو موقف تشبّهه الصحيفة بموقف واشنطن ولندن من وفد المفتشين الدوليين على أسلحة الدمار الشامل في العراق إبان فترة حكم الرئيس السابق صدام حسين حيث تعجلت الحكومتان باتخاذ إجراء عسكري، بينما كان وفد التفتيش يطالب بالمزيد من الوقت للعثور على أدلة دامغة، وهو الخطأ الذي ينبغي عدم تكراره، حسب الجريدة.
السؤال الثاني هو مدى قدرة واشنطن وحلفائها على القيام بعمل عسكري خارج مظلة الأمم المتحدة حيث ترى الجريدة أنّ الموقف مشابه لما حدث مع العراق، أيضاً، وما حدث من قيام الولايات المتحدة وحلفائها بشنّ غارات جوية على صربيا عام 1998 دون تفويض من الأمم المتحدة.
ويضيف أنّ الإدارة الأميركية وحلفاءها في تلك الفترة قالوا إنهم لا يحتاجون تفويضاً لحماية المدنيين من جرائم الحرب، لكن يرى الكثيرون الآن أن تلك الغارات لم تكن مبررة وهو الخطأ الذي لا ترغب في تكراره القوى الغربية الآن مع سوريا.
السؤال الثالث هو: ما طبيعة العمل لعسكري الذي تخطط له واشنطن وما أهدافه؟
وتقول الجريدة إنّ قادة الجيوش في كل من الولايات المتحدة وبريطانيا أعلنوا أنهم لا يريدون توريط جنودهم في معارك برية مع قوات المعارضة السورية، لأنهم ببساطة «لا يرون في أي منها قوة قادرة على شغل فراغ السلطة المتوقع حدوثه في حال سقوط نظام الأسد».
لكن في الوقت نفسه ترغب واشنطن ولندن في القيام بعمل عسكري يمثّل ردعاً للأسد ويقدم مثالاً حياً على أنّ العالم الغربي لن يسمح باستخدام الأسلحة الكيميائي لتتحول إلى نمط معتاد في الحروب المقبلة.
وتخلص الجريدة إلى أنّ العمل المطلوب ليكون حلاً وسطاً هو غارات مكثفة بالطائرات والصواريخ على بعض الأهداف الاستراتيجية للجيش السوري، موضحةً أنّ واشنطن ولندن تدركان جيداً أنهما إذا لم تتخذا إجراءً حاسماً ضد الأسد فإنه سيواصل استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين بشكل أوسع، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يسمح به العالم الغربي.

البحرية البريطانية تتجهز

في السياق، ذكرت صحيفة «ذي دايلي تلغراف» أنّ البحرية البريطانية تتجهز الآن للمشاركة في سلسلة محتملة من ضربات صواريخ كروز مع الولايات المتحدة، في وقت يصوغ فيه القادة العسكريون قائمة بالأهداف المحتملة. وقالت إنّ احتمال هذا التدخل سيثير مطالبات بعقد البرلمان هذا الأسبوع.
بدورها، ذكرت صحيفة «ذي غارديان» أنّ أعضاء حلف «الناتو» قد يقومون بعمل ضد سوريا دون تفويض أممي، وقالت إنّ أسلوب التدخل الإنساني في كوسوفو يمكن أن يبرّر إجراء الناتو إذا صحت مزاعم الهجمات الكيميائية.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ من غير المرجح أن يواجه باراك أوباما الكثير من المتاعب لحشد ائتلاف حلف الناتو إذا اختارت واشنطن التدخل العسكري في سوريا.
ومع ذلك ليس هناك احتمال لتفويض أممي بعمل عسكري دولي مع غضب الكرملين على ما اعتبره إساءة استخدام تفويض الأمم المتحدة لإطاحة معمر القذافي في ليبيا، تضيف الصحيفة.