رام الله | بعد سقوط «الإخوان المسلمين» في مصر، بات واضحاً أن مواقف السلطة الفلسطينية أخذت تزداد حدّة تجاه حكم «حماس» في غزة، بعد خسارتها حليفها الأساسي على حدودها الشرقية، منفذها الوحيد نحو العالم. إزاء ذلك، يبدو أن حركة «فتح» باتت أكثر إصراراً على موقفها من المصالحة؛ الانتخابات التشريعية والرئاسية هي البوابة الوحيدة لتحقيق ذلك كما صرّح قادتها أكثر من مرة، بينما ترى «حماس» أن الانتخابات ما هي إلا ثمرة للمصالحة، والوصول إليها يقتضي تحقيق «رزمة» من الشروط، الى أن وصل الأمر الى الحديث عن نية الرئيس الفلسطيني محمود عباس الإعلان في أي لحظة عن إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وفي حال لم تستجب «حماس» لذلك، يُعلن قطاع غزة «إقليماً متمرّداً».هذا ما نقله أخيراً محلل الشؤون العربية في القناة الثانية العبرية عن مسؤولين في السلطة، موضحاً أن المسؤولين الذين تحدّث إليهم أبلغوه «أن السلطة الفلسطينية ستعيد النظر في تحويل الأموال إلى قطاع غزة، والتي تبلغ من 49 إلى 52 في المئة من إجمالي موازنة السلطة».
وفي حديث إلى «الأخبار»، وصف القيادي الحمساوي يحيى موسى نية الرئيس إعلان قطاع غزة إقليماً متمرّداً، في حال تمّ ذلك، بأنه «نوع من الانتحار السياسي»، قائلاً إن الرئيس حينما «يعلن هذا الكلام فهو يسعى إلى شطب جزء من الشعب الفلسطيني». وأضاف: «هذا ليس غريباً عليه، لأنه شطبَ حق العودة، وشطب الشعب الفلسطيني في الشتات، وفي مناطق الـ48، لذلك هذا الرجل يمثل خطراً على القضية الفلسطينية، وخطراً على وحدة التراب، ووحدة الشعب، وهو يعبث بمصيره مستقوياً بأميركا وإسرائيل».
وبخصوص موقف الحركة في حال تمت الدعوة إلى انتخابات، قال موسى: «حماس دعت بشكل واضح إلى موقف موحد في الساحة الوطنية في وجه هذه التصفية للقضية الفلسطينية التي يمارسها عباس من خلال العملية التفاوضية. نحن الآن لسنا في قضايا انتخابات أو غيره، بل نحن في إطار حركة تحرر وطني فلسطيني مطلوب أن تبنيها استراتيجية وطنية فلسطينية، وبرنامج سياسي موحد، وقيادة فلسطينية تدير الصراع مع العدو الإسرائيلي. هذا الذي يمثل أولويات لشعبنا الفلسطيني، لا أن يذهب أبو مازن ليضيّع القضية الفلسطينية في مفاوضات عبثية، مستقوياً بحالة الارتباك الموجودة في إطار الثورات العربية».
وعن فرص تحقيق المصالحة في ظل المتغيرات الحاصلة على الساحة المصرية، قال موسى إن : «المصالحة خيار فلسطيني، الأصل أن نعمل من أجله ليل نهار، لكنها لا تكون في إطار التنسيق الأمني، ولا تكون مع استئناف التفاوض، ولكنها تتم بين القوى والفصائل المشاركة في المقاومة، والمشكلة لمكونات الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات».
في الواقع، فإن التصعيد في الخطاب الفتحاوي أخذ منحىً تصاعدياً بعد صعود العسكر في مصر؛ التصريحات السابقة ليست الأولى من نوعها، إذ سبقها حديث من على منبر الجمعة لوزير الأوقاف في السلطة، محمود الهباش، بأن الانتخابات هي بوابة المصالحة. الرجل نفسه أصدر فتوى لاحقاً «بوجوب الثورة على حماس في غزة»، أما القيادة الفلسطينية التي استنكفت عن الإدلاء بتصريح في ما يخص كل المتغيرات في الوطن العربي منذ الشرارة الأولى في تونس، كانت أكثر وضوحاً هذه المرة، حيث أعلن الرئيس الفلسطيني تأييده للسلطات الحالية في مصر، مشيداً «بالموقف القومي العروبي للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز». وفي موازاة ذلك، لمّح المسؤول عن ملف المصالحة في حركة «فتح»، عزام الأحمد، إلى البدء باتخاذ إجراءات مؤلمة ضد «حماس» بعدما اتهمها بالتهرب من المصالحة، بعد فشل المساعي في تشكيل حكومة توافق حسب الموعد المعلن في اتفاق المصالحة.
في المقابل، صعّدت «حماس» بنشرها وثائق تتهم السلطة الفلسطينية بالمساهمة في عملية التحريض ضدها في الإعلام المصري، وممارسة دور في «تلفيق التهم إليها بالتدخل في شؤون مصر الداخلية».
أما على المستوى الإعلامي، فقد أصبحت الأخبار التي تنشر ضد «حماس» مادة يومية في كثير من وسائل الإعلام المقربة من السلطة، حيث ركزت على نقل روايات الاستخبارات المصرية والاسرائيلية حول وجود القيادي في «الإخوان» محمود عزت في غزة وإدارته للفوضى في مصر من القطاع، فيما ردّت الحكومة المقالة بإغلاق مكاتب إعلامية في القطاع، بينما تتواصل الحملات المضادة في محطاتها تجاه وسائل الإعلام المقربة من السلطة.