القاهرة | «قرر الرئيس محمد حسني مبارك تخليه عن منصب رئيس الجمهورية وكلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد»، كلمات عمر سليمان، التي أسعدت المصريين في 11 شباط عام 2011، عادت إلى ذاكرة المصريين، أمس، بعد قرار إخلاء سبيل الرئيس المخلوع وخروجه من السجن، مشيرين إلى أنه بعد تبرئته رغم مرور ما يقرب من 3 سنوات على ثورتهم وتهديدها بالضياع، لا يُستبعد أن يطالب مبارك القوات المسلحة، التي سبق وكلفها إدارة شؤون البلاد، بعودته إلى السلطة. وكما كان متوقعاً، قررت محكمة مستأنف شمال القاهرة، قبول استئناف محامي الرئيس الأسبق حسنى مبارك، على قرار حبسه احتياطياً على ذمة قضية هدايا الأهرام، الذي بدأ تنفيذه أول من أمس، بعد قرار محكمة الجنايات بإخلاء سبيله في قضية قصور الرئاسة. القرار أثار غضب الشارع المصري، وخاصة أن القضية التي رأت المحكمة فيها أنه لا مبرر لاستمرار حبس مبارك بموجبها، هي القضية الأخيرة، التي كان مبارك قيد الحبس في طرة بسببها، بعدما صدرت لمصلحته قبل ذلك ثلاث قرارات قضائية مماثلة بإخلاء السبيل، وهو ما جعل خروج مبارك من السجن حتمياً. المحكمة، بدورها، حرصت على الذهاب إلى مقر سجن طرة والتحقيق مع مبارك داخل سجنه، نظراً إلى حالة التوتر الأمني، ولمعرفتها بأن قرارها سيكون بخروج مبارك من السجن، وهو ما من شأنه أن يجعلها في مرمى مسيرات الغاضبين.
وقال رئيس محكمة الاستئناف المستشار أحمد عزيز الفقي، لـ«الأخبار»، إن قرار محكمة مستأنف شمال القاهرة كان تحصيل حاصل ومعروفاً سلفاً، بعدما سدد محامي مبارك قيمة الهدايا، التي سبق أن حصل عليها من المؤسسات الصحافية الحكومية خلال سنوات حكمه والتي بلغت 18 مليون جنيه. وأضاف أن قرار خروج مبارك من السجن من عدمه بات في يد النيابة العامة، لأنه حسب قانون الإجراءات الجنائية المصري يحق للنيابة العامة الطعن في قرار المحكمة خلال مدة لا تزيد على 48 ساعة، وهو ما يلزم النيابة العامة التقدم بالطعن على قرار إخلاء سبيل مبارك خلال مدة لا تتجاوز اليوم، لأن غداً يوم الجمعة، وهو عطلة قضائية، وإلا فسيعتبر قرار إخلاء سبيل مبارك نهائياً، وهو ما يستدعي أن ترسل النيابة العامة إلى مصلحة السجون قراراً بإخلاء سبيل مبارك السبت في حد أقصى في حال عدم رغبتها في الطعن على قرار أمس.
غير أن محامي مبارك فريد الديب، بدوره، أعلن أن الرئيس المخلوع «سيخرج من السجن اليوم أو في موعد غايته السبت، وخاصة أنه إذا تقدمت النيابة العامة بالطعن على قرار المحكمة سترفض محكمة الجنايات الطعن لا محالة، وستؤكد ضرورة خروج مبارك من السجن، ولا سيما أن تلك القضية هي قضية مالية بالأساس، وقد سُدِّدت قيمة الغرامة التي قررتها المحكمة».
من جهة ثانية، نفت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» (إيمان إبراهيم)، ما تردّد عن وضع مبارك قيد الإقامة الجبرية. وأكدت أن الحكم الصادر بإخلاء سبيل مبارك نهائي ولا يجوز الطعن فيه؛ لأنه قضى مدة الحبس الاحتياطي، التي تبلغ عامين متتاليين من دون انقطاع.
وقالت المصادر: «لا يستبعد أن تستعين وزارة الداخلية بقوة تابعة للقوات المسلحة، ذلك للتأمين على مبارك عقب الانتهاء من إجراءات الإفراج عنه، وخاصة أن وزارة الداخلية اعتمدت مراراً على الجيش المصري لتأمين عملية نقل الرئيس الأسبق خلال محاكماته». غير أنها أضافت أنه «حتى الآن لم يصدر أي قرار بذلك، لوجود عدد من الإجراءات الخاصة بالنيابة التي من المفترض أن تقوم بالطعن في هذا الحكم».
من جهة ثانية، استنكرت القوى السياسية قرار خروج مبارك من السجن، واعتبرته عودة إلى الوراء وهدم لمكتسبات ثورة «25 يناير»، وحملوا المسؤولية للمجلس العسكري تارة وللإخوان المسلمين ورئيسهم المعزول تارة أخرى.