القامشلي | وسط تصاعد حدّة المعارك بين الإسلاميين المتشددين والأكراد في أكثر من جبهة، أعلن «المجلس الوطني الكردي» في سوريا الكثير من المدن الكردية في البلاد مناطق منكوبة. تزامن ذلك مع هجرة كردية غير مسبوقة إلى إقليم كردستان العراق، حيث تقدر الاحصائيات عدد السوريين الذين وصلوا الإقليم خلال أسبوع، بنحو 30 ألف لاجئ. رئيس الإقليم مسعود بارزاني اعتبر أنّ مجيء هذا العدد الكبير إلى الإقليم «موضوع حساس»، معبراً عن رفضه لإفراغ المناطق الكردية «من أهلها وإحداث خلل سكاني» فيها. أكراد سوريا يؤكدون أنّ الكتائب الإسلامية باتت تهدد وجودهم في مناطق عدة عبر «النهب والحصار»، مشيرين إلى محاولات من قبل المعارضة السورية لإفراغ المناطق الكردية التي تقع تحت سيطرتهم، كما حدث في مدينة تل أبيض في ريف الرقة، وبلدتي تل عران وتل حاصل في ريف حلب. ويفيد عسكريون من «لواء جبهة الأكراد»، بأنّ الأسباب الحقيقية خلف هجمات كتائب المعارضة هي أنّ الأكراد «في ريف حلب الشرقي والغربي، يمثلون امتداداً طبيعياً للأكراد في مناطق غرب كردستان، وهم يتأثرون بالإدارة الذاتية في غرب كردستان».
وفي السياق، قصفت طائرة حربية تابعة للجيش السوري أول من أمس، نقطتين في مدينة ديريك، فأودت بحياة مدني وجرحت نحو 14 آخرين. جاءت العملية تزامناً مع وصول وفد شكّل من قبل «اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الكردستاني»، وذلك بهدف متابعة أوضاع المناطق الكردية والوقوف على «المجازر والهجمات التي تشنها المجموعات المسلحة التابعة للقاعدة والجيش الحر».
ويعتقد متابعون، أنّ هذه العملية جاءت كرسالة إلى اقليم كردستان، على خلفية دعوة رئيس الاقليم مسعود بارزاني، الذي هدد أخيراً، بالقول «إذا ما تبين أن المواطنين ونساء وأطفال الأكراد الأبرياء هم تحت تهديد القتل فان إقليم كردستان العراق سوف يسخّر كل امكاناته للدفاع عنهم».
YPG: لا نحتاج إلى أي مساعدة عسكرية
وفيما استبعدت وزارة الداخلية في إقليم كردستان، تدخل الإقليم عسكرياً، يؤكد مسؤولون في «وحدات الحماية الكردية» YPG على أنّ المناطق الكردية في سوريا لا تحتاج إلى دخول أي قوى عسكرية غير وحداتهم. مبدين ترحيبهم بأي نوع آخر من «المساندات والمساعدات المادية والمعنوية التي تدعم مقاتليهم».
واتسعت رقعة المعارك في محافظة الحسكة، في ظل تقدم ملحوظ لوحدات YPG في بعض الجبهات، في حين تشهد مناطق أخرى اشتباكات متقطعة. وسيطر المقاتلون الأكراد على مناطق كانت خاضعة لسيطرة الكتائب الإسلامية المتشددة مثل بلدة «أبو راسين» الواقعة بين مدينة الدرباسية ورأس العين. كذلك سيطرت على قرى جديدة في جل آغا (الجوادية) وتربسبيه (القبور البيض)، فيما تدور الاشتباكات العنيفة على طريق رأس العين ــ تل حلف.
وكشفت وحدات YPG أخيراً، عن حصيلة الاشتباكات، موضحة أنها قتلت نحو 800 مقاتل إسلامي خلال شهر واحد، فيما أعلنت مقتل 80 مقاتلاً كردياً في الفترة ذاتها. وأشارت الى أن أعداد المفقودين «من المدنيين الأكراد، وخاصة في مناطق تل حاصل وتل عران واعزاز وصل إلى ما يقارب 700 مواطن».
ويشير مصدر عسكري لـ«الأخبار»، إلى أن اشتباكات محافظة الحسكة «أرهقت كتائب القاعدة وحلفائها»، مشيراً إلى أن قادة بعض الكتائب طلبوا «تنفيذ اتفاق يحافظون من خلاله على ما بقي تحت سيطرتهم من آبار نفط»، غير أنّ الأكراد رفضوا العرض، وفق المصدر. كما وردت أنباء عن نية بعض الكتائب المتواجدة في محيط جل آغا مغادرة المنطقة.
ويفيد المصدر بأنّ معظم كتائب مناطق «الشدادة» و«الهول» ومحيط مدينة الحسكة وحتى ريف دير الزور الشرقي جاءت إلى تل كوجر لمساندة كتائب «القاعدة». ويذهب المصدر إلى القول إنّ اللافت في هذه الاشتباكات هو «صعوبة التواصل بين الكتائب والحكومة التركية التي تقدم المساعدة المباشرة للكتائب عبر الحدود كما يحدث في سري كانيه وتل أبيض». غير أنّ «الوضع مختلف في تل كوجر (المحاذية للحدود العراقية) حيث اليد التركية لا تصل».
في غضون ذلك، دخل اتفاق وُقع مسبقاً بين الأكراد و«الجيش الحر» في ريف كوباني الغربي حيّز التنفيذ. وبحسب المسؤولين العسكريين الأكراد، فان الكتائب المسلحة التي تهاجم المنطقة الكردية هي كتائب تابعة لتنظيم «القاعدة»، تساندها كتائب من «الجيش الحر»، إلى جانب «كتائب كردية» قالت إنها مرتبطة بأحزاب كردية. وفي ريف حلب، تتجه الكتائب المسلحة إلى القرى الكردية، التي كانت واقعة تحت سيطرة «لواء جبهة الأكراد». وتشير معلومات إلى اتفاق بين كتائب «القاعدة» و«الجيش الحر» في حلب، على تشكيل ما يوصف بـ«غرفة عمليات مشتركة، وذلك لاستهداف مراكز تسيطر عليها قوات YPG ولواء جبهة الأكراد».