واضحة حركة عقارب الساعة بالنسبة إلى دمشق: قتال الإرهابيين أولاً. في وقت كانت فيه «دولة العراق والشام الإسلامية» تعيّن «والياً» على الشام، بالتزامن مع وصول بعثة الأمم المتحدة لمفتشي الأسلحة الكيميائية. وأكّد الرئيس السوري، بشار الأسد، أنّ «سوريا رحبت بكل الجهود البنّاءة والصادقة لإيجاد حلّ سياسي للأزمة، لكنها في الوقت نفسه مصممة على مواجهة الإرهاب حتى اجتثاثه من جذوره، وهي قادرة على ذلك من خلال تلاحم قلّ نظيره بين جيشها الباسل وشعبها المفعم بإرادة الحياة والإيمان بالوطن، بالرغم من كل المعاناة والضغوط التي يواجهها».
وأشار الأسد، خلال استقباله وفداً من الأحزاب الموريتانية، إلى «أهمية دور الأحزاب القومية والنقابات والمنظمات الشعبية العربية في تعزيز الوعي الشعبي والصحوة القومية تجاه المخططات الرامية إلى تفتيت المنطقة من خلال دفعها نحو صراعات عبثية، المستفيد الأول منها هو العدو الصهيوني».
بدورهم، شددّ أعضاء الوفد الموريتاني على أنّ «سوريا كانت ولا تزال تدفع ثمن دورها القومي الرائد ودعمها للمقاومة فكراً وعملاً في وجه المشاريع التي تستهدف الأمة العربية، وأنّ ما يحاك ضدها اليوم يستهدف هوية الشعب العربي بأكمله».
وعبّر أعضاء الوفد عن «تضامنهم الكامل مع الشعب السوري وجيشه وقيادته وعن ثقتهم بقدرته على الخروج من الأزمة أقوى وأكثر تلاحماً بعدما قدم للعالم كله دروساً في الصمود والتضحية».
من جهة أخرى، أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن «العراق يدعم الجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية وإنهاء معاناة الشعب السوري».
ودعا المالكي، عقب لقائه نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ودول المنطقة إلى «الضغط على الجهات السورية للجلوس إلى مائدة الحوار وإيجاد حل للأزمة»، محذّراً من «دعم التطرّف والإرهاب من قبل بعض الأفرقاء في المنطقة».
من جهته، أكّد فيلتمان «اتفاقه التام مع ما طرحه المالكي من تصوّر حول الأوضاع في سوريا»، مشيراً إلى «ضرورة مشاركة العراق في أي مؤتمر دولي حول سوريا».
ولفت فيلتمان إلى أنّ «الأمم المتحدة تسعى إلى إنجاح المبادرة الأميركية الروسية حول سوريا»، معرباً عن «استعداد الأمم المتحدة لدعم العراق في جهوده لاستضافة اللاجئين السوريين».
في موازاة ذلك، أوضح وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، أنّ العراق لا يستطيع إيقاف شحنات الأسلحة التي ترسلها إيران إلى سوريا عبر أجوائه، لأنه لا يملك التقنيات التي تسمح له بذلك. وقال زيباري، في مقابلة مع قناة «العربية»، إنّ نقل الأسلحة قد خفّ مقارنة مع الفترة السابقة، بعد احتجاج العراق وإبلاغه المسؤولين الأميركيين بذلك.
واستبعد زيباري، إرسال قوات البشمركة من إقليم كردستان العراق لحماية أكراد سوريا بعد الاشتباكات الأخيرة مع «دولة العراق والشام الإسلامية» و«جبهة النصرة».
وفي سياق متصل، انتقد السفير الإيراني في العراق، حسن دانائي فر، قيام المسؤولين العراقيين بما سماه «التفتيش غير القانوني للطائرات الإيرانية المتجهة إلى سوريا»، داعياً بغداد إلى الوقوف ضد الضغوط الخارجية والابتعاد عن الأفعال غير القانونية.
وأكد دانائي أنّ «إيران احتجت مراراً على هذه الإجراءات التي لا تتوافق مع العلاقات المتينة بين البلدين، والتي تجبرها عليها الضغوط الأجنبية، ولا سيما تلك التي تأتي من الولايات المتحدة».
من جهة أخرى، وصل فريق من خبراء الأسلحة الكيميائية التابعين للأمم المتحدة إلى العاصمة السورية دمشق أمس للتحقيق في ما إذا كانت هذه الأسلحة قد استخدمت في الصراع السوري.
وأفادت وكالة «فرانس برس» بأنّ «أكثر من عشرين مفتشاً وصلوا بعد ظهر اليوم (أمس) إلى فندق فور سيزنز في دمشق، في مهمة تقضي بالتأكد من الاتهامات المتبادلة بين النظام والمعارضة باستخدام أسلحة كيميائية في النزاع، وليس تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك»، وسيبدأون عملهم اليوم الاثنين.
إلى ذلك، أعلنت المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة، أنّ «آلاف اللاجئين السوريين ما زالوا يتدفقون على إقليم كردستان العراق عبر جسر فيشخابور المشيد على نهر دجلة»، لافتةً إلى أنّ «نحو عشرة آلاف لاجئ اجتازوا الحدود عند فيشخابور يوم أمس (أول من أمس)، وكان نحو سبعة آلاف لاجئ قد وصلوا الى الإقليم يوم الخميس».
ولفتت المنظمة الدولية إلى أنّ «أسباب هذا التدفق غير واضحة، ولكن ربما تكون لهذه الزيادة علاقة باشتداد المواجهات بين الأكراد السوريين من جهة، ومسلحي المعارضة من الجهاديين المعارضين للحكومة السورية من جهة أخرى»، مشيرة إلى أن «هذه الموجة تعتبر واحدة من أكبر موجات تدفق اللاجئين التي تعاملت معها منذ آذار 2011».

البغدادي ينصّب العدناني «والياً» على سوريا

ذكر مسؤول عراقي رفيع، أمس، أنّ زعيم الجناح المحلي لتنظيم القاعدة في العراق أبو بكر البغدادي نصّب أبو محمد العدناني «والياً» على سوريا.
والعدناني هو المتحدث باسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، ويلقّب بالشامي أيضاً. والعدناني هاجم، في تسجيلات صوتية سابقاً، أبو محمد الجولاني زعيم «جبهة النصرة»، واتهمه بمخالفة البيعة وشق العصا وزرع بذور الفتنة بين المسلحين.
وقال المسؤول العراقي في حديث إلى وكالة «شفق نيوز»، إن البغدادي أمر، أيضاً، بنقل ثلاثة من «ألوية الشام» إلى العراق.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)