ضجيج المعركة في سوريا لا يزال أعلى من الصوت الدبلوماسي. تمسّك واشنطن بمؤتمر «جنيف 2» متزامن مع تنسيقها الدائم مع «المعارضة المعتدلة»، ومع تدفق السلاح والمسلحين من كافة أصقاع الأرض. المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماري هارف، أكدت أنّ الولايات المتحدة لا تزال متمسكة بعقد مؤتمر «جنيف2» بأسرع ما يمكن، من دون أن تذكر أيّ مواعيد محتملة لعقده. وأضافت، بعد اللقاء بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في واشنطن يوم الجمعة الماضي، «نحن نود أن نعقد المؤتمر في الوقت الذي ستكون فيه فرصة لنجاحه». وجدّدت هارف تأكيد الموقف الأميركي بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، قائلةً إنه «فقد الشرعية ويجب أن يتنحى». ولفتت إلى أنّ العنف في سوريا «يعزز التوترات في المنطقة وكثيراً من المقاتلين الأجانب يصبحون مفجرين انتحاريين كما حصل في بعض الهجمات التي شهدناها في العراق»، مشيرةً إلى أن «المقاتلين الأجانب يذهبون إلى سوريا ثم يشق كثير منهم طريقه إلى العراق».
من جهة ثانية، أعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأميركية، مارتن ديمبسي، أن القوات المسلحة السورية تقوم بنقل الأسلحة الكيميائية من مكان إلى آخر بهدف ضمان أمنها.
وقال ديمبسي، في مؤتمر صحافي في تل أبيب، «إن الولايات المتحدة بدأت تعرف أكثر عن المعارضة السورية المعتدلة، لكن عليها أن تراقب عن كثب متى يتحول التعاون الوقتي بينها وبين المتشددين إلى تحالفات حقيقية».
ولفت إلى أن الصراع في سوريا «نزاع إقليمي يمتد من بيروت إلى دمشق إلى بغداد ويعكس تناقضات اثنية ودينية وقبلية».
في موازاة ذلك، أعرب أعضاء بارزون في الكونغرس الأميركي، من الحزبين الديمقراطي والجمهوري ممن يحسبون على أنصار إسرائيل، عن معارضتهم للتقويم الذي قدمته وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بشأن تسليح الجماعات السورية المعارضة وكلفة التدخل العسكري الأميركي في سوريا.
وأوضح العضو الديموقراطي البارز في لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، إليون إنغل، «أن هذا التحليل لا يعكس تماماً خياراً أكثر محدودية يدافع عنه البعض الذي من شأنه أن يشمل صواريخ كروز أو غيرها من أسلحة هجومية». وأوضح إنغل في رسالة بعث بها إلى الجنرال ديمبسي، أن هيئة الأركان المشتركة لم تشمل خيارات عسكرية محدودة وأقل تكلفة التي يمكن أن تؤدي سريعاً إلى إضعاف الجيش والقوات الجوية السورية.
وأضاف أنّ خيار المشاركة في الحرب على سوريا «يمكن أن يساعد في الحد من تدفق الأسلحة من إيران وروسيا وغيرهما من الجهات التي تواصل مساعدة نظام الأسد». وفيما لم يرد ديمبسي على الانتقادات التي صدرت عن أعضاء الكونغرس، إلا أن مسؤولاً كبيراً في البنتاغون قال إنّ «ديمبسي لا يرى أن هجمات محدودة قد تلحق الضرر بالنظام السوري».
من جهة ثانية، رأى رئيس «هيئة التنسيق» المعارضة في المهجر، هيثم مناع، أن «تأخر انعقاد مؤتمر (جنيف 2) سيكون مسماراً في نعشه ويقدّم خدمة للتكفيريين في المعارضة السورية والمتطرفين في السلطة».
وتمنى مناع، في حديث إلى وكالة «يونايتد برس انترناشونال»، على «الائتلاف» المعارض إعطاء حجم «أكبر للنضال السياسي وسيناريوات الحل السياسي، واتخاذ موقف نهائي وواضح لا لبس فيه من أجل حضوره إلى جانب هيئة التنسيق الوطنية والهيئة الكردية العليا»، مبدياً استعداد الهيئة «لعقد اجتماعات تمهيدية مع كل الأطراف المعارضة، بما فيها الائتلاف، من أجل تشكيل وفد مشترك لبرنامج الحد الأدنى المتفق عليه للدخول طرفاً قوياً وفاعلاً في مؤتمر (جنيف2)».
في سياق آخر، وضعت مجموعة من المعارضين السوريين «خارطة طريق» للمرحلة الانتقالية ما بعد الرئيس بشار الأسد، تنصّ على سنّ دستور جديد وقيام نظام ضوابط وموازين بين رئيس الدولة والبرلمان مع وجود قضاء مستقل.
وخارطة الطريق، التي وضعها مجموعة تضمّ نحو 300 من نشطاء المعارضة والمسؤولين العسكريين فيها وممثلي «الائتلاف»، يتوقع أن تعلن رسمياً اليوم في إسطنبول. في إطار آخر، أكد الامين العام للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا، عبد الحميد درويش»، في تصريح إلى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» توصل الفصائل الكردية إلى اتفاق مع «الائتلاف» المعارض يفضي إلى عودة قوات الجانبين إلى المواقع التي كانت تحت سيطرتها وتبادل الأسرى.

«بعثة الكيميائي» لم تجمّد أعمالها

إلى ذلك، أعلن مكتب الأمين العام للأمم المتحدة أن رئيس بعثة تقصي الحقائق في استخدام أسلحة كيميائية في سوريا، أكي سلستروم، أكمل كل الاستعدادات اللوجستية اللازمة لزيارة سوريا، في نفي للأخبار التي نقلت عن تجميد انتقال البعثة. وفي الوقت نفسه واصلت الممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، أنجيلا كين، مشاوراتها مع الحكومة السورية بهدف التوصل إلى اتفاق في أسرع ما يمكن بشأن الآليات الضرورية للتعاون من أجل سير عمل البعثة بنحو آمن وفعال.
ميدانياً، أفادت وكالة «فرانس برس»، نقلاً عن معارضين سوريين، عن مقتل 33 عنصراً على الأقل من تنظيمي «الدولة الاسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة» و25 جندياً سورياً، في المعارك العنيفة الدائرة في مدينة دير الزور. ويركز «الجهاديون» هجماتهم على حيّ الحويقة الذي يضم مراكز أمنية ومباني حكومية ودوائر رسمية. إلى ذلك، دمرت وحدات من الجيش السوري، أمس، مستودع أسلحة وذخيرة لمسلحي المعارضة وعدداً من تجمعاتهم في دير الزور وريفها. كذلك أفادت وكالة «سانا» أنّ الجيش السوري «قضى على عدد من إرهابيي «جبهة النصرة» بعضهم من الجنسيتين الفلسطينية والتونسية، في سلسلة عمليات نفذتها في الغوطة الشرقية وقرى وبلدات ريف دمشق».

نفوذ «القاعدة» يتوسّع

في السياق، قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية إنّ تنظيم القاعدة يوسع نطاقه في سوريا. وأشارت إلى الجهود الأميركية التي باءت بالفشل في منع تفشي «القاعدة» في العراق وأفغانستان، حيث غيّر اسمه في العراق إلى «دولة العراق والشام الإسلامية» ، حيث عزز وجوده بقوة عبر تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا، واستيلائه على بعض المدن من القوات الحكومية السورية. وأوضحت الصحيفة أن هذا التنظيم يتركّز معظم نشاطه في المقاطعات الشمالية والشرقية من البلاد.
(الأخبار)