بعدما رفضت محكمة العدل العليا الاستئناف الذي تقدّمت به عائلات القتلى الاسرائيليين، انطلق 26 أسيراً فلسطينياً الى الحرية. كان ينبغي وفق منطق اتفاقية أوسلو تحرّرهم منذ 20 سنة، على الأقل، غير أن اسرائيل أصرّت على أن يكونوا ضمن مقايضة استبدال قيدهم بموافقة السلطة على التفاوض في ظل استمرار الاستيطان.
ورغم أنه كان للمعتقلين المحررين، بحسب تقارير اعلامية اسرائيلية، دور في مقتل 35 اسرائيلياً، فإن الاعتبار الأساسي الذي تم بناء عليه تحديد اسمائهم، هو الأمني، وبالتالي فإن السؤال الذي شغل اعضاء اللجنة الوزارية المخولة، برئاسة وزير الدفاع موشيه يعلون، تمحور حول ما إن كان تحريرهم يشكل خطراً ما على الاسرائيليين. كانت الصفعة التي تلقاها الفلسطيني من التحرير هي إدراج أسماء لم يتبق على أحكامها سوى أسابيع ان بل أيام.
كما لم تفوت اسرائيل المناسبة للعب على التناقض الفلسطيني الفلسطيني، اذ نقل موقع «واللا» العبري، أن اعتباراً آخر كان حاضراً على طاولة الوزراء وهو كيفية تعزيز مكانة أبو مازن من خلال تحرير الاسرى، واضعاف مكانة حكومة «حماس» في غزة. وفي هذا الاطار، ذكر مصدر سياسي اسرائيلي أن «بين المعتقلين غزاويين، ينتمي جزء منهم الى حماس، تم تحريرهم عبر أبو مازن». هذا مع الاشارة الى أن المحررين سيتم توزيعهم بين الضفة التي ستستقبل 12 أسيراً والقطاع الذي سيستقبل 14 أسيراً.
وبحسب المصدر نفسه، يمكن لحماس اجراء احتفالات لهم، ولكن سيكون واضحا في الشارع الفلسطيني أنهم لم يتحرروا بفضل «حماس» وانما بفضل المفاوضات مع اسرائيل، وأن أبو مازن يستعيد لـ«حماس» أسراها، وهو مؤشر اضافي على الأزمة التي تعاني منها «حماس» في الأشهر الأخيرة.
في موازاة ذلك، تعقد الجلسة الأولى من المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، في المنطقة، حيث سيبدأ المبعوث الاميركي مارتن انديك، سلسلة من الاتصالات المكثفة، على أن تجري الجولات المقبلة بين القدس المحتلة ورام الله على التوالي. وكما أعلن وزير الخارجية جون كيري لدى انطلاق المفاوضات في واشنطن، ستبقى المحادثات بعيدة عن تغطية وسائل الاعلام، وبالتالي لن يكون هناك بيانات للصحافة.
رغم ذلك، ذكرت تقارير اعلامية اسرائيلية ان الرئيس الفلسطيني دفع رئيس الطاقم الفلسطيني للمفاوضات صائب عريقات للتهديد بعدم حضور جولة المحادثات التي ستعقد اليوم في القدس المحتلة، في ضوء التقارير عن بناء 1200 وحدة استيطانية. وهو ما لاقى شعورا بالخيبة في الوسط الاسرائيلي من ردة الفعل الفلسطينية. وفي هذا الاطار رأى مصدر اسرائيلي رفيع ان الفلسطينيين بدلا من ان يركزوا على تحرير الأسرى، اختاروا التشديد على التنديد بالبناء الاستيطاني، رغم أنهم كانوا على علم بذلك مسبقاً.
الى ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف»، أن حكومة بنيامين نتنياهو تعتزم مواصلة نشر المزيد من عطاءات البناء الاستيطاني، في الضفة الغربية خلال المفاوضات. ورجحت الصحيفة أن تكون المرحلة التالية من العطاءات بالتوازي مع المرحلة الثانية من تحرير الأسرى، بعد ثلاثة الى اربعة اشهر، وفق معادلة سمتها الصحيفة «السجناء مقابل الشقق». واكدت معاريف، انه كما نسقت اسرائيل الاعلان عن عطاءات البناء السابقة، 1200 وحدة سكنية، مع الاميركيين، فإن هذا ما سيحصل في المرة المقبلة، وبالتالي ستكون واشنطن ورام الله على علم مسبق بذلك. وتعليقا على هذه المعلومات، اعتبر مكتب رئيس الوزراء بأن عطاءات البناء الجديدة لا تمس بالارض التي يفترض ان تقوم عليها الدولة الفلسطينية المستقبلية. كما كتب مستشار نتنياهو للاعلام العربي، اوفير غندلمان، على التويتر أن «البناء في القدس وفي الكتل الاستيطانية التي ستبقى في حدود اسرائيل كجزء من كل اتفاق مستقبلين لن يغير شيئا من خريطة السلام النهائية».
من جهة ثانية، ذكر موقع «واللا» العبري، استناداً الى تقرير لشبكة «بلومبرغ» الأميركية، أن كيري حذر نتنياهو، من تداعيات فشل المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، مشيراً الى أنّه في حال لم تؤد الى نتائج، فإن ذلك سيعرض اسرائيل للمزيد من العزلة الدولية. وأضاف الموقع أن كيري استخدم تعبيراً صريحاً «مواجهة حملة لنزع الشرعية حتى عن تزويد اسرائيل بالمنشطات» (ستيريوئيديم)، أي حملة لنزع الشرعية عن إسرائيل، أشد وأقوى من الحملة الحالية.
وأضاف التقرير أنه يسود في أوساط المحيطين بكيري والمقربين منه، شعور بأن العزلة الدولية ضدّ اسرائيل تقلق نتنياهو بنفس الدرجة التي يسببها له المشروع النووي الايراني، وليس فقط بسبب الاثار الاقتصادية للعزلة، وانما ايضا بسبب اثارها في المجال السياسي والامني، وبالتأكيد على قدرة اسرائيل على القيام بعمليات مختلف عليها دوليا، وبدون دعم ومساندة دولية».
وبحسب الشبكة الاميركية، فان أقوال كيري جاءت على خلفية قرار الاتحاد الاوروبي فرض مقاطعة على المستوطنات الاسرائيلية ومقاطعة كافة الشركات ومراكز البحث العلمي الاسرائيلية العاملة وراء الخط الاخضر. وحذر كيري نتنياهو من أن عدم التقدم في المفاوضات سيزيد من حدة العقوبات الأوروبية، بحيث يكون القرار الأوروبي الأخير بداية لحملة مقاطعة شاملة ضد إسرائيل.