وصل إلى تل أبيب أمس رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأميركية، الجنرال مارتين ديمبسي، في مستهل زيارة تشمل الأردن، يجري خلالها سلسلة من اللقاءات مع مسؤولين إسرائيليين وأردنيين، تتعلق بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع الأميركية، بعدد من القضايا الأمنية الإقليمية، وفي مقدمتها «التهديدات المحتملة من قبل إيران على خلفية برنامجها النووي، والحرب الاهلية الدائرة في سوريا وتطوراتها، إضافة إلى عدم الوضوح والاستقرار في شبه جزيرة سيناء» المصرية.
وأشار بيان صادر عن الجيش الإسرائيلي، إلى أنّ ديمبسي سيلتقي عدداً من قادة الجيش، على رأسهم رئيس هيئة الأركان، بني غانتس، لمناقشة التعاون المشترك بين الجيشين، والاطلاع على التحديات الأمنية المشتركة. وبحسب البيان، من المقرر أن يلتقي ديمبسي رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، موشيه يعلون.
وفيما ذكرت صحيفة «هآرتس» أنّ الزيارة تأتي لتعزيز ثقة إسرائيل بتوجهات الإدارة الأميركية ضد «التهديدات الإيرانية» من جهة، وضمان عدم ضرب تل أبيب أهدافاً إيرانية بشكل منفرد، من جهة ثانية، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أنّ محادثات ديمبسي قد تتركز على الساحة السورية وتطوراتها الأخيرة، وخصوصاً ما يتعلق بانتشار وسيطرة تنظيم القاعدة وفروعه في سوريا.
وبحسب «يديعوت أحرونوت» ستعرض إسرائيل على ديمبسي تصورها لحل ما تسميه «المعضلة» الأميركية تجاه الموقف من الحرب الدائرة في سوريا، بين جهات في الإدارة الأميركية ترى ضرورة مناصرة نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، بهدف ضرب التيارات الإسلامية المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم القاعدة وفروعه، وبين من يرون ضرورة اسقاط الأسد، عبر تعزيز قوة المعارضة المسلحة السورية، للحؤول دون انتصار محور إيران وحزب الله في المنطقة.
وكشفت الصحيفة ما بدأ يتسرب أخيراً في إسرائيل، من قلق خاص تجاه ما يجري في سوريا، وأشارت إلى أنّ التقديرات الاستخبارية ترى أنّه في غضون عام واحد، سيكون في الساحة السورية قاعدة ضخمة جداً من الجهاديين، قد تصل إلى مئة ألف مجاهد، الأمر الذي يُعَدّ واقعاً خطراً بالنسبة إلى إسرائيل والأميركيين على السواء.
مع ذلك، أكدت الصحيفة واقعاً آخر لا يقل خطراً بالنسبة إلى الجانبين، هو أنّ انتصار الأسد يعني انتصار إيران مع مشروعها النووي، وأيضاً انتصاراً لحزب الله.
وذكرت الصحيفة أنّ إسرائيل ستقترح على ديمبسي خطة مكوّنة من مرحلتين، تكفل خروج الأميركيين من أزمة الموقف حيال سوريا، مشيرة إلى أنّ المرحلة الأولى من الخطة تقضي بزيادة دعم «الجيش السوري الحر» وتسليحه، مع ثقة إسرائيل بأنّ الأميركيين قادرون على فرض منطقة حظر جوي دون تكاليف مالية باهظة، كان قد اشتكى منها ديمبسي قبل مدة. أما المرحلة الثانية من الخطة، «فتأتي بعد هزيمة الأسد، هذا إن هزم بالفعل»، وحينها على الأميركيين أن يوفروا الدعم للتيارات العلمانية في المعارضة، وتمكينها من طرد الجماعات الجهادية إلى خارج سوريا. ورغم أن الصحيفة تقرّ بأنّ الخطة المنوي عرضها على الأميركيين ليست إلا خطة نظرية، بل وغير مضمونة النتائج، إلا أنها أكدت أنّ «إسرائيل تؤمن بإمكاناتها».
وتشير الصحيفة إلى وجود اتجاهي تقدير في الغرب، يتجادلان حول الموقف الواجب اتخاذه من الحرب في سوريا، بين اتجاه يخشى سيطرة تنظيم القاعدة وفروعه، ويدعو إلى الامتناع عن تقديم الدعم للمعارضة تبعاً لذلك، وبين اتجاه آخر قلق أيضاً من تعزيز قدرة الجهاديين، لكنه يرى أنّ انتصار تحالف روسيا وإيران وحزب الله ودمشق سيعرض الغرب لخطر أكبر بكثير.
وتنقل الصحيفة عن الخبير الإسرائيلي في الشؤون السورية، ايتمار رابينوفيتش، أنّه ليس على الولايات المتحدة أن تختار بين الاتجاهين المتعارضين، مشيراً إلى أنّ «المتمردين العلمانيين منقسمون بالفعل ويعانون من الضعف، مقابل تصميم وسيطرة كبيرة للجهاديين في سوريا، إلا أنّ ذلك لا يعني بالضرورة أن القاعدة والجهاديين يسيطرون على سوريا في حال انتصار المعارضة على الأسد».
وبحسب رابينوفيتش «يجب على الإدارة الأميركية أن تستثمر أكثر في المعارضة العلمانية، إذ إنّ المعركة التي ستحسم الحرب الأهلية هناك ستحدث في مدينة حلب، واذا انتظر الغرب حتى بدء المعركة في هذه المدينة، فقد يكون الأوان قد فات
بالفعل».