بغداد | في الوقت الذي أتمّت فيه القوات التركية ثلاثة أشهر على دخولها إلى منطقة بعشيقة في محافظة نينوى، مع حلول شهر آذار الجاري، علمت «الأخبار» أن الحكومة العراقية استغلت زيارة رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو للعاصمة الإيرانية طهران، لتوسِّط الأخيرة في سبيل إقناع أنقرة بسحب قواتها من شمالي العراق، التي بات حَرجُها يتعاظم يوماً بعد آخر.
وقال مصدر مطّلع لـ«الأخبار» إن «شخصيات عراقية كانت موجودة في طهران أثناء زيارة داود أوغلو، حاولت إيصال رسائل مباشرة وغير مباشرة بأن العراق «ضاق ذرعاً» بالوجود التركي، وأن ضغط الشارع العراقي بدأ يزداد يوماً بعد آخر بشأن وجود تلك القوات، خصوصاً في ظل استمرار توارد الأنباء عن قيام تلك القوات بعمليات قصف لمواقع «داعش» وقرى قرب بعشيقة.
تعهّد بمنح أبناء الفلوجة ممّن «لم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء» عفواً خاصاً

المصدر أكد أن الجانب الإيراني أوصل تلك الرسائل إلى داود أوغلو الذي «وعد القيادة الإيرانية خيراً» في ما يتعلق ببحث الموضوع عند عودته إلى أنقرة، لكنه كرّر التصريحات والمواقف الرسمية التركية، التي تتلخّص في أن بلاده «تحترم سيادة العراق» وأن وجود قواتها يأتي «لحفظ أمن تركيا وتدريب قوات عراقية بعلم بغداد».
وفي السياق، رأى رئيس مركز «التفكير السياسي» العراقي إحسان الشمري أن بغداد تحاول اليوم استغلال علاقتها مع محيطها العربي والإسلامي والإقليمي للضغط أو التفاوض مع تركيا لسحب قواتها من شمالي العراق، مشيراً إلى أنها حاولت استغلال الدعم العربي والدولي في أكثر من مناسبة في هذا الشأن.
ولفت الشمري، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن الحكومة تريد إنهاء ملف الوجود التركي في العراق، قبل انطلاق معارك تحرير مدينة الموصل، والتي تقول مصادر عراقية إنها ستكون خلال منتصف العام الحالي، مضيفاً أنه «لا يمكن لشخصيات غير حكومية القيام بمثل تلك المفاوضات، لأن الموضوع أكبر من أحزاب وكتل سياسية».
إلى ذلك، كشف مسؤول محلي في مدينة الفلوجة أن رئيس الوزراء حيدر العبادي تعهّد بمنح أبناء الفلوجة من «المغرر بهم»، ولم تتلطخ أيديهم بدماء الأبرياء، عفواً خاصاً، مع التحفّظ على الحق الشخصي لمن له دعوى تجاه أيّ شخص سيُشمل بالعفو، وذلك تمهيداً لحوارات أوسع لتحرير مدينة الفلوجة من سيطرة «داعش».
وكان العبادي قد عقد، أول من أمس، اجتماعاً مع عدد من شيوخ ووجهاء مدينة الفلوجة. وذكر بيان صادر عن مكتبه أنه شدّد على «أهمية وضع الخطط المناسبة لمشاركة أبناء العشائر وأهل الفلوجة في تحرير مدينتهم والتعاون الكامل في هذا الجانب».