القاهرة ــ الأخبار كلفت الحكومة الانتقالية في مصر، أمس، وزارة الداخلية اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمواجهة المخاطر الناجمة عن اعتصامات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، وهذا يعني عدم استبعاد استخدام القوة، وخصوصاً بعد طلب النائب العام الاطلاع على خطط فضّ الاعتصامات. غير أن هذا الإجراء سيحصل تحت الأنظار الدولية، في ظل توافد المبعوثين الدوليين إلى مصر لدفع الأطراف المتناحرة إلى إيجاد حل للأزمة. وأعلنت وزيرة الإعلام، درية شرف الدين، بياناً مقتضباً صادراً عن مجلس الوزراء يفيد بأنه مع «استمرار الأوضاع الخطيرة في ميداني رابعة العدوية، و(النهضة)، وما تبعها من أعمال إرهابية وترويع وقطع للطرق، لم يعد مقبولاً، نظراً إلى ما تمثله هذه الأوضاع من تهديد للأمن القومي المصري».
وأضاف البيان: «استناداً إلى التفويض الشعبي، وحفاظاً على الأمن القومي والمصالح العليا للبلاد والمواطنين، قرر مجلس الوزراء البدء في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة، لمواجهة المخاطر الناجمة عن الاعتصامات برابعة العدوية، وميدان نهضة مصر، وتكليف وزير الداخلية اتخاذ كل ما يلزم لمواجهة هذه المخاطر في إطار الدستور والقانون».
وكانت مصادر قضائية قد ذكرت أن النائب العام، المستشار هشام بركات، طلب من وزارة الداخلية إمداده بخطة إخلاء ميدان رابعة العدوية من أنصار الرئيس المعزول، قبل منحها إذناً لفضّ الاعتصام.
وقال مصدر قضائي رفيع المستوى إن وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، خاطب النيابة العامة للحصول على إذن لفضّ اعتصام رابعة العدوية، غير أن النائب العام أرسل خطاباً إلى وزارة الداخلية يؤكد فيه أن النيابة ما زالت تحقق في البلاغات المقدمة من سكان رابعة العدوية، مشيراً إلى أن النائب العام طلب من وزارة الداخلية التعرف إلى خطة إخلاء الميدان من المتظاهرين، وطلب ضمانات بعدم تعرض المواطنين الأبرياء للأذى.
يأتي القرار الحكومي بفضّ اعتصامات «الإخوان»، في الوقت الذي تتدفق فيه زيارات المبعوثين الأجانب، حيث بدأ وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي زيارة للقاهرة، ويرتقب أن يجري اليوم مباحثات مع الحكومة والمعارضة يطلب فيها عودة سريعة إلى الديموقراطية، وفق ما أعلن المتحدث باسمه.
وأكد المتحدث أن هذه الزيارة تندرج في إطار التنسيق مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون التي عادت قبل يومين من القاهرة، ووعدت بالعودة ثالثة للعمل على حل الأزمة.
وتلقت الرئاسة المصرية طلباً من وزير خارجية ألمانيا بزيارة الرئيس المعزول، غير أنها ردت عليه بالقول إن مرسي قيد التحقيق القانوني، ويواجه اتهامات مُتعددة، والأمر منظور أمام القضاء.
كذلك أنهى وفد لجنة حكماء أفريقيا زيارته للقاهرة، بعدما استمع إلى الأفرقاء المتصارعين. وقال ألفا عمر كوناري، رئيس مالي السابق ورئيس الوفد، إن الوفد سمع ما يكفي لوصف أحداث «٣٠ يونيو» بأنها «ثورة شعبية وليست انقلاباً عسكرياً»، وأن تدخل الجيش لم يكن للوصول إلى السلطة، بل لمنع اندلاع حرب أهلية.
وأشار إلى أن تعليق أنشطة مصر في الاتحاد الأفريقي لم يكن إجراءً عقابياً، بل تحفظياً للمساعدة في الحصول على المعلومات وفتح حوار.
وفي سياق الزيارات الدولية أيضاً، كلف الرئيس الأميركي باراك أوباما، السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، والسيناتور جون ماكين، السفر إلى مصر الأسبوع المقبل، لحثّ الجيش على المضي قدماً في إجراء انتخابات جديدة.
وقال غراهام إن «الرئيس طلب من السيناتور ماكين ومني الذهاب إلى مصر الأسبوع المقبل، كي نؤكد رسالة من الحزبين بأنه يجب الانتقال إلى حكم مدني، وأن تسمح القوات المسلحة للبلاد بإجراء انتخابات جديدة، وتتحرك نحو نهج ديموقراطي شامل للجميع».
وأشار إلى أنه سيتوجه مع ماكين للتحدث مع القادة العسكريين والزعماء السياسيين في مصر، مضيفًا: «آمل أن يشمل ذلك جماعة الإخوان المسلمين، لتوجيه رسالة موحدة بأننا نريد أن تكون مصر ناجحة ولا يمكن وقف تقدم المسيرة نحو الديموقراطية، وعلى الجيش أن يسلم السلطة في أسرع وقت ممكن لحكومة مدنية». وأجرى وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل اتصالاً هاتفياً بنظيره المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي لبحث الوضع الأمني في مصر‏.
ووفقاً لبيان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جورج ليتل، أكد وزير الدفاع المصري من جديد دعمه وتأييده لخريطة الطريق السياسية التي حددتها الحكومة الانتقالية المؤقتة في مصر.
في المقابل، أعلن نجل مرسي، أسامة، أن «الطريقة الوحيدة لاستعادة النظام والخروج من الأزمة الحالية يكمن في وجود الرئيس المنتخب، فهو المفتاح الوحيد لحل هذه الفوضى». وقال إن «مرسي مدعوم بأصوات الانتخابات، والآن المصريون في الميادين يتساءلون: أين صوتي وأين رئيسي؟ وما يقوم به قادة الانقلاب هو قتل هؤلاء الأشخاص».
ووصف رئيس الحكومة حازم الببلاوي بأنه «كاذب في ما يتعلق بموضوع العنف الدائر في البلاد أو بخصوص التظاهرات، بل ويقتل المتظاهرين، فلماذا أصدقه».
وفي ما يتعلق بالاتهامات الموجهة إلى الرئيس المعزول، قال نجل مرسي: «يحاولون إخفاء جريمتهم، بعد أن قاموا بعزل الرئيس الشرعي والمنتخب للبلاد من خلال انقلاب عسكري دامٍ، وليس لديهم أي شرعية».
وأشار أسامة إلى أن آخر مرة رأى فيها مرسي كانت ظهر ما سماه «يوم الانقلاب»، مضيفاً: «لا توجد أي قنوات قانونية للوصول إليه، ولا أحد يتحدث أو يناقش وضعه القانوني».
وعمّا إن كانت عائلته في خطر، قال نجل الرئيس المعزول: «بالطبع، كل المصريين في خطر، نحن في دولة بوليسية، فهم مجرمون، ولا يوجد أي حقوق للإنسان في مصر الآن، وأي شخص يقف ضد الانقلاب يمكن اعتقاله وسجنه وتعذيبه».
في السياق، قررت نيابة جنوب القاهرة الكلية تجديد حبس كل من خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ومحمد مهدي عاكف، المرشد العام السابق للجماعة، ومحمد سعد الكتاتني رئيس حزب «الحرية والعدالة»، ومحمد رشاد بيومي نائب المرشد الحالي، لمدة 15 يوماً احتياطياً، على ذمة التحقيقات التي تجري معهم بمعرفة النيابة، في قضية اتهامهم بالتحريض على قتل المتظاهرين أمام مقر مكتب إرشاد الجماعة بالمقطم خلال أحداث 30 يونيو.