بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر، يتركز جانب من الاهتمام الاسرائيلي على قراءة تداعيات ومفاعيل هذا التحول على التنسيق الأمني مع القاهرة، أضف الى تأثيره على حركة حماس، فضلاً عن الساحة الاقليمية عامة.
فقد قدَّرت جهات أمنية اسرائيلية ان يتواصل التنسيق الأمني مع الجيش المصري، حتى ما بعد عزل الرئيس محمد مرسي، مشيرة الى انه حتى هذه اللحظة «لا يوجد اي شيء استثنائي، فالحدود هادئة، والمصريون ينفذون أعمالاً ضد الأنفاق في غزة والحوار مستمر».
ونقلت صحيفة «اسرائيل اليوم»، المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، عن محافل أمنية أخرى أنهم في القدس المحتلة «يتابعون باهتمام شديد ما يجري في القاهرة، وينتظرون مآل التطورات، وأنه من ناحية اسرائيل مرت الثورة بسلام عندما جرت المحافظة على اتفاق السلام مع مصر في عهد الإخوان المسلمين. والاختبار الآن، بعد صعود نظام جديد، سيكون على نحو عام في مجال العلاقات بين الدولتين، وعلى نحو خاص في مجال اختبار قوته في الحفاظ على الهدوء في سيناء».
من جهة أخرى، قدّر العديد من المعلّقين بأن «ما جرى في مصر وجّه ضربة شديدة إلى حركة حماس»، إذ رأى المعلق العسكري في صحيفة «يديعوت آحرونوت» اليكس فيشمان، أن رئيس المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل، كان على يقين بأنه راهن على الحصان الصحيح الذي دعي محمد مرسي. مشيراً الى ان الحلف بين حماس وحكم الإخوان كان جزءاً من مسار استراتيجي هو الانفصال عن ايران وسوريا وحزب الله والاقتراب من مصر وتركيا وقطر والأردن، لكن بعد ذلك تغير كل شيء في غضون بضعة أيام، اذ ترك اقصاء مرسي حماس «يتيمة بغير راع وبغير ظهر» تستند اليه.
ولفت فيشمان الى أن المسألة لا تتعلق فقط بضربة سياسية للحركة، بل ضربة أيديولوجية أيضاً، لأن محاولة انشاء نظام اسلامي في أكبر دولة عربية، فشلت وستؤثر بلا شك في الدولة الإسلامية المُصغّرة في غزة.
ورأى أيضاً أن حماس هي الأولى التي ستدفع الثمن، في الساحة الدولية وفي الساحة الفلسطينية الداخلية، لكنه اضاف إن ضعف حماس قد لا يكون بشرى جيدة لإسرائيل لأنه قد يقوي التيارات الأكثر تطرفاً في القطاع مثل الجهاد الاسلامي والمنظمات السلفية.
وبحسب تقديره، الذي قد يكون مستنداً الى رأي الأجهزة الأمنية، ستفعل حماس، التي أظهرت حرصاً شديداً في الحفاظ على الهدوء، كل شيء كي لا تعطي اسرائيل ذريعة لتوجيه ضربات لها حتى لو كان الثمن مواجهة تلك المنظمات عسكرياً.
ورأى فيشمان أن «التغيير المتوقع لمكانة حماس هو فرصة لاسرائيل، فهي تستطيع أن تتجه الى مسار سياسي مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الذي يتوقع أن تقوى مكانته جداً الآن، وتستطيع ان تستغل ضعف حماس كي تضر بها»، لكنه رأى ان هناك امكانية لأن تختار حكومة نتنياهو الطريق الثالث بأن تقعد ولا تفعل شيئاً.
رأى فيشمان ايضا انه ليس واضحاً حتى الان كيف ستؤثر إطاحة مرسي على حماس، التي قد ترغب في العودة الآن الى ايران، والتي من المشكوك جداً في أن توافق الأخيرة على اعادتها الى حضنها، واذا ما وافقت، فإنها ستشترط لذلك بالتأكيد تصعيد الوضع حيال اسرائيل وتحول غزة الى قاعدة متقدمة لإيران ضد الدولة العبرية.
في السياق نفسه، نقل موقع يديعوت احرونوت عن مصدر، «على علاقة مباشرة مع كبار مسؤولي القيادة في غزة»، قوله ان حماس تخشى كثيراً في المرحلة الحالية على وضعها في ضوء المتغيرات، ووصفها بأنها «في حالة صدمة مطلقة»، إذ إن راعيها الآن ليس في السلطة، والجو السائد في مصر معاد للحركة، كما أن العلاقات مع إيران وحزب الله في الحضيض نتيجة تأييد المتمردين في سوريا.
ورأى المصدر انه في ضوء العزلة الحالية قد تدفع حماس نحو خيار توجيه جهودها نحو المصالحة مع فتح، لكن من غير المضمون أن يكون أبو مازن مهتماً حالياً بمنح الحركة الشرعية والدعم الذي تحتاج إليه الآن، أكثر من أي وقت مضى.
اما ناحوم برنياع، فرأى في صحيفة يديعوت احرونوت، «أن مصيرنا متعلق بمصيرهم، شئنا أم أبينا. سواء عندما كانت مصر عدوة إسرائيل الأولى، أو عندما كان السلام ساخناً، وكان متعلقاً به حينما أصبح بارداً ومعادياً».
ورأى ايضا أن «الجماهير في شوارع القاهرة من الطرفين تتفق على شيء واحد وهو كراهيتها لاسرائيل»، معربا عن شكوكه في وجود دولة عربية يكره فيها الشارع اسرائيل أكثر من الشارع المصري.