ربما كانت علاقة الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين من جانب، وبقية التيارات الإسلامية من جانب آخر، هي من أبرز العلاقات التي شهدت اهتماماً كبيراً من قبل المراقبين والمتابعين، نظراً لكون أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر، قادماً من داخل أكبر الجماعات الإسلامية، فضلاً عن العلاقات المتباينة والمتنوعة بين جماعة الإخوان والفصائل الأخرى التي لم تكن على وزن واحد أو تقارب واحد طوال تاريخ الجماعة.المتحدث باسم التيار الإسلامي العام، حسام أبو البخاري، لا يرى في حديثه لـ«الأخبار»، أي فوارق بين الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين ومكتب إرشادها، واصفاً العلاقة بين الجماعة وغيرها من الحركات الإسلامية بأنها طوال الوقت «لم تكن سوى علاقة سياسية وليست تراحمية؛ فالإخوان يستخدمون الحركات الإسلامية، من أجل التعاون السياسي لتحقيق المسار الذي يريدونه، وليس من أجل التعاون التكاملي في إنشاء وتأسيس مشروع إسلامي».
المراقب لعلاقة مرسي مع مكتب الإرشاد، الذي يمثل السلطة الأكبر في الجماعة، سيجد وفقاً للباحث في الحركات الإسلامية، كمال حبيب، «أنها كانت علاقة وطيدة فيها قدر كبير من التداخل والالتباس»، مرجعاً ذلك بأن مرسي ينتمي للتيار القطبي داخل الجماعة، والذي يشكل الحرس الحديدي داخلها؛ فعاطفة مرسي تميل للتعامل مع هذا التيار والركون إلى آرائهم، ومن ثم فإنه «لا مسافة كبيرة بين مرسي ومكتب الإرشاد».
الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، صلاح الدين حسن، يتفق مع حبيب ويقول لـ«الأخبار»، إن «طريقة اختيار مرسي بديلاً لخيرت الشاطر، كي يكون مرشح الجماعة تكشف أن الجماعة كانت تريد من هو أهلاً للثقة، كي لا يخرج عن الجماعة أو يُقدم على مشاكسات أو مخالفات معها، حتى ولو على حساب كفاءة مرشحها في تولي أعلى منصب في البلاد». وهو ما ظهر وفق حسن، «في الإعلان الدستوري الأخير في شهر تشرين الثاني العام الماضي، الذي ظهر أن مكتب الإرشاد واللجنة القانونية لحزب الحرية والعدالة هي من وضعته، بعيدا عن مستشاريه، وظهر في استماتة الجماعة في الدفاع عن مرسي أثناء واقعة قصر الاتحادية».
ويقدّم حسن دليلاً آخر على قوة العلاقة بين مرسي ومكتب الإرشاد، وهو «تشكيل الفريق الرئاسي المحيط بالرئيس مرسي، مثل المهندس مدحت الحداد، مساعده لشؤون العلاقات الخارجية، والمهندس أحمد عبد العاطي، مدير مكتب الرئيس، والذي كان يشغل منصب، الأمين العام للاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، وخالد القزاز مستشار الرئيس للعلاقات السياسية».
غير أن جماعة الإخوان المسلمين تجادل في ذلك الأمر، بالقول إنه بالطبع لا بد من أن يكون هناك نوع من التناغم بين مرشح حزبها وبين مؤسسة الرئاسة، معتبرة أن ربط أي قرار لمرسي بمكتب الإرشاد، هو أمر مبالغ فيه.
وعن شكل علاقة مرسي والإخوان بالإسلاميين طوال العام، يرى أبو البخاري أن أكثر مراحل التعاون وضوحاً كانت «مرحلة الإعادة مع المرشح الرئاسي أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة، ومرحلة الاستفتاء على الدستور، إلا أنه بعد الدستور حدث تنافس على المصالح، حيث رأى كل فريق أنه الكتلة الأصلح والأجدر»، مبيناً أن «هذا ظهر بوضوح في محاولة تقديم الدعوة السلفية وحزبها «النور» كبديل عن الإخوان».
لكن الباحث كمال حبيب أورد مجموعة من الملاحظات حول علاقة الإخوان ورئيسهم بالإسلاميين، قائلاً إن الجماعة حاولت من خلال خيرت الشاطر «هندسة علاقة مع الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح، لتكون مظلة لتأسيس وجه سلفي مؤيد للإخوان خارج الدعوة السلفية، مثل الشيخ محمد عبد المقصود والشيخ فوزي السعيد، وهو ما تجلى بصلاة مرسي بشيوخ التيار السلفي على تنويعاته وقادة الحركات الإسلامية في القصر الرئاسي ليظهر أن له ظهيراً اجتماعياً كبيراً في الشارع، وذلك بعد فوزه».
ويتابع أن مرسي والإخوان على مدى عام خسروا علاقتهم بالتيار المدني، الى أن اضطروا في آخر أيامهم الى التقارب مع التيار السلفي عموماً والتيارات الجهادية خصوصاً، بينما اقتربت الدعوة السلفية من التيار المدني، وهو الأمر الذي لخصه أن ما حدث هو «تسلف للإخوان، وتأخون للسلفيين».