لقد بدأ الجيش المصري فعلاً تنفيذ خطة عسكرية وأمنية للسيطرة على الأمور وضبط العنف المتوقع مع تظاهرات «30 يونيو» المقبلة، في موازاة إطلاقه لمبادرة سياسية لجمع الأفرقاء، وجدت عناداً من المتخاصمين.
ورغم أنّ تسريبات التدريبات العسكرية والبدنية لأعضاء الجماعة الإخوانية إلى جانب تسلّح فصائل إسلامية بترسانه أسلحة، أقلقت المؤسسة العسكرية، فإنّ تقارير رصد جهاز المخابرات العامة مكّنتهم من التحفظ على كميات هائلة من الأسلحة، إضافة إلى مبادرات الأهالي والإبلاغ عن الشقق المشبوهة، التي يقطن فيها أجانب غير مصريين، أمورٌ أسهمت إيجاباً في تطويق بعض المناطق، التي كانت تعجّ بالعناصر المشتبه في اشتراكها بأعمال عنف ضدّ المصريين خلال الأيام القادمة.
من جهة ثانية، قالت مصادر عسكرية مسؤولة إنّ خطة «القبضة الحديدية» الخاصة بالجيش دخلت حيّز التنفيذ الفعلي عقب بدء عناصر القوات الخاصة التابعة للقوات المسلحة، التي تتضمن ألوية (الصاعقة، المظلات، المشاة، فرقة 777، فرقة 999)، استعداداتها، وفقاً لسيناريو إحكام السيطرة على التجاوزات الدموية المتوقعة، مع رفع درجة الاستعداد القتالي.
التسلسل الزمني لإجراءات تعامل القوات المسلحة، وفقاً للمصادر نفسها، ستكون بإنزال عدد من المدرعات التابعة لسلاحي المدرعات والمظلات، ترافقها قوات من سلاح المشاة وعناصر من «اللواء فهد» (لواء التأمينات)، وسيُدفَع بعناصر أخرى من الأسلحة المختلفة، مع الاعتماد على طائرات الاستطلاع، لرصد ما يدور في الشارع المصري، وإنزال المدرعات من لواءات التأمين، مع الاستعانة بالمهمات القتالية «القوات الخاصة بالجيش»، في تأمين المنشآت الأكثر حيوية، كوزارة الداخلية والدفاع. وترافقهم قوات تابعة للشرطة العسكرية، مع الأخذ في الاعتبار أنه لن يُستخدَم أي أسلحة ثقيلة عند التعامل مع حاملي السلاح.
هذه الخطوات العسكرية تتزامن مع تحركات سياسية حثيثة لإعادة جمع شمل العائلة المصرية وضمها إلى طاولة حوار تبنى فكرتها السيسي في بيانه الأخير، ويتولى تنفيذها مساعد وزير الدفاع لشؤون التسليح اللواء محمد العصار. غير أن عناد طرفي المعادلة السياسية في مصر «الرئيس ممثلاً لجماعة الإخوان، الإنقاذ ممثلة من قبل بعض قوى المعارضة»، يدخل البلاد في معترك دموي وينبئ بأسوأ مشهد في التاريخ المصري.
وكان اللافت في قراءة موقف الحكومة، أمس، عدم توصل أعضاء مجلس الدفاع الوطني إلى حل وسطي يرضي جميع الأطراف السياسية المتشاحنة، وذلك خلال الاجتماع الذي عُقد بقصر الاتحادية صباحاً وجمع وزراء الدفاع والعدل والمالية والإعلام والداخلية ورئيس جهاز المخابرات، يترأسهم رئيس الجمهورية.
كل الوزراء تغاضوا عن وضع أجندة الحلول السلمية لتفادي احتدام الصراع، وركزوا على قائمة التأمينات الواجب أن تتخذها وزارتا الدفاع والداخلية، دون الالتفاف على مطالب الشارع ورغبته، ومتناسين سيل المعارك التي ينتظرها محيط قصر الاتحادية وميدان التحرير.
إضافة إلى ذلك، إن التحفظ الذي أبداه وزير الإعلام المصري، صلاح عبد المقصود، حيال القائد العام للقوات المسلحة، على خلفية إجبار الأول على إذاعة بيان القوات المسلحة رغم رفضه الشخصي له وإبداء اعتراضه عليه للرئيس في مكالمة هاتفية قبيل بدء شارة البث بدقائق، أسهم في ارتفاع مؤشر غضب الرئيس حيال وزير دفاعه، ورفع من حدة التوتر.