رام الله | أكد المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أمس، قبول الرئيس محمود عباس استقالة رئيس الوزراء رامي الحمدالله، وتكليفه بمهمات تسيير أعمال الحكومة لحين تعيين رئيس وزراء جديد، وذلك بعد مفاوضات استمرت 48 ساعة بين الرجلين، تراجع الحمدالله فيها عن استقالته في البداية، قبل أن يصرّ عليها أخيراً، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من تكليفه بمهمّات رئيس الوزراء.
وذكرت مصادر مطّلعة أن ما أجّج الخلاف مجدّداً بين الرجلين هو إصرار الحمدالله على صلاحيّات محدّدة وواضحة، وغير مقيّدة بنائبيه، محمّد مصطفى، وزياد أبو عمرو، فيما صرّح مصدر مسؤول بأن ما فجّر الموقف هو «حصول محمد مصطفى على تفويض من عباس بالتوقيع على الاتفاقيات مع البنك الدولي»، الأمر الذي اعتبره الحمدالله تعدّياً على صلاحياته.
وفي الوقت الذي يتوّقع فيه أن يتمّ يعيين شخصية من حركة «فتح» لخلافة الحمدالله، وتصبّ الترشيحات لصالح عضو اللجنة المركزية للحركة، محمد اشتية، اعتبرت حركة «حماس» أن استقالة الحمدالله «تعكس عمق الأزمة الحقيقية التي تعانيها مؤسسات السلطة نتيجة وجود مراكز قوى وتجاذبات كثيرة وتنازع للصلاحيات كانت ولا تزال السبب الرئيس في تعطيل المصالحة».
وقال الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي، لـ«الأخبار»، تعليقاً على استقالة الحمدالله: «نحن نرى في ذلك مظهراً من مظاهر الأزمة في النظام السياسي الفلسطيني، تتفاقم بحكم تعطل المجلس التشريعي، وعدم إنجاز المصالحة، ويجب أن تعالج هذه المظاهر بصورة عاجلة وسريعة، حتى يتم التغلب على عقبات كتلك في المستقبل».
وعن سبب عدول الحمد الله عن قراره بالتراجع عن الاستقالة، قال الصالحي: «برأيي، كانت هناك مشكلة منذ البداية في تشكيل هذه الحكومة، ونحن قلنا في حينه إن المشكلة الأهم هي غياب مرجعية رقابية في الحكومة، وهذا ما دفعنا إلى عدم المشاركة في الحكومة، والحكومات السابقة كذلك». وبيّن أن هذه الاستقالة تأتي أيضاً كنتيجة طبيعية لتراكمات الأزمة المالية خلال السنوات الماضية، والتي ستلقي بظلالها على أداء أي حكومة لاحقة. مهمّة تصريف الأعمال التي تكفّل بها فيّاض سابقاً، حسب استقالته، ظلّت قائمة حتى نهاية المهلة القانونية، التي يكفلها القانون الأساسي الفلسطيني، وهذا ما يدفع إلى السؤال ما إذا كان هذا الأمر سينطبق أيضاً على مهمّة تصريف الأعمال بالنّسبة إلى الحمدالله، يجيب الصالحي عن ذلك بالقول: «وفقاً للقانون، سيعمد الرئيس الى تسمية رئيس حكومة مكلّف في إطار المدّة الزمنية التي يتيحها له القانون، ولكن لا أعتقد أن هذه الحكومة يمكن أن تستمر طويلاً».
واتّفق المحلل السياسي، أحمد رفيق عوض، مع الصالحي، قائلاً لـ«االأخبار»: «هناك مهلة قانونية محدّدة، ويُتوقع أن يتم تعيين رئيس وزراء جديد في وقت أقصر مما نظن». وعمّا دار في كواليس المفاوضات التي استمرّت بين أبو مازن والحمدالله في المقاطعة، ودفعت بالأخير إلى تغيير موقفه مرّتين، أعرب عوض عن اعتقاده بأن «الحمدالله كان يطلب صلاحيات محددة ودقيقة باستقلالية تامّة، ومن الواضح أن أبو مازن قال إنه يدعم هذه الحكومة باعتبار أنها شُكّلت حسب توجّهاته، ووضع نائبين لرئيس الوزراء لمهمّات محدّدة وأهداف محدّدة».
وأضاف: «يبدو أن عباس لم ير أن مطلب الحمدالله يصب في مصلحة العمل، وكان جليّاً أنه لم يكن هناك انسجام وانطباق بين مطلب الحمدالله، ومطلب عباس، وكان واضحاً أن الأخير لم يستطع أن يتراجع أو أن يحقق ما يريده الحمدالله، لأن ذلك سيظهر الرئيس على أنه ضعيف، وبالتالي اضطر أبو مازن إلى قبول استقالة الحمدالله».
لكن الإشكالية تتركز تحديداً في تضارب خطوط الصلاحيات بين رئيس الوزراء ونائبيه، وهذا ما يستدعي السؤال عن احتمالية أن يواجه رئيس الوزراء القادم المشكلة ذاتها، يجيب عوض: «أعتقد أن رئيس الوزراء القادم سيكون أكثر انسجاماً مع مؤسسة الرئاسة، ولهذا أرجّح أن رئيس الوزراء القادم سيكون من حركة فتح».