حلب | ليلة حامية شهدتها حلب إثر إطلاق الجماعات المسلحة لما سمته «إعصار حلب»، رداً على عمليات الجيش السوري في المحافظة، التي تستهدف تطهير الريف الشمالي والغربي للمدينة من المسلحين من دون أن تحرز أي تقدم، في وقت تقدّم فيه الجيش على نحو ملحوظ في حمص، مواصلاً عملياته في ريف دمشق.عشرات قذائف الهاون انهمرت ليلة الأربعاء الخميس، وحتى الفجر، على أحياء الأشرفية، والسريان الجديدة، والميدان، وسليمان الحلبي، وميسلون، والجابرية، في وقت لزم فيه المواطنون منازلهم. وقال أحمد إبراهيم، من حيّ السريان الجديدة، وهو يزيل زجاج منزله الذي تطاير إثر سقوط قذيفة على شرفة المنزل، «هذه أعنف ليلة منذ شهور، وسقوط الهاون ليلاً أرحم من سقوطه نهاراً، حيث تكون الحياة طبيعية والأطفال والناس في الشوارع وتقع خسائر أكبر».
وبنتيجة المعارك التي امتدت إلى ساعات الصباح الأولى، لم يحرز المسلحون أيّ خرق أو تقدّم في المواقع التي يدافع عنها الجيش السوري.
وقال مصدر مطلع لـ«الأخبار» إنّ «وحدات الجيش صدّت اعتداءات الجماعات المسلحة، ومنعتها من التقدم باتجاه الأحياء الآمنة في محاور الشيخ مقصود ــ العوارض، وبستان الباشا ــ الميدان، والشيخ خضر ــ سليمان الحلبي، وكرم الجبل ــ العرقوب وكل محاور المدينة القديمة، وبستان القصر ــ سوق الهال».
وأضاف المصدر أنّ «المسلحين نتيجة عجزهم قاموا بإطلاق قذائف الهاون على الأحياء السكنية بغزارة تحصل للمرة الأولى، كما امتدت الاشتباكات إلى منطقة الإذاعة التي تشهد هدوءاً منذ أيام طويلة».
وشهد محور بستان الباشا ــ الميدان اشتباكات عنيفة، حاول خلالها المسلحون التقدّم باتجاه حديقة الزراعة، حيث وقعوا في كمين سقط خلاله 7 قتلى منهم، في حين وقعت مجموعة أخرى في كمين بالقرب من جامع صلاح الدين في حيّ الأشرفية، خلال محاولة نصب مدافع هاون حيث قتل 11 منهم.
وأكد المصدر «وقوع ما لا يقل عن 35 قتيلاً وعشرات الجرحى في صفوف المسلحين في كل المحاور، دون أن يتمكنوا من السيطرة على أي حاجز لقوات الجيش».
وفي الريف يسود هدوء على محاور المواجهات غربي وشمالي غربي مدينة حلب ومحيط مطار منغ، في وقت تستمر فيه محاولات المسلحين اختراق الدفاعات في محيطة سجن حلب المركزي.
واستهدفت نيران الجيش تجمعات لمقاتلي «جبهة النصرة» والكتائب المنضوية في «الهيئة الشرعية» بالقرب من معملي السيف والزجاج، كما استهدفت مدفعية الجيش للمرة الأولى منذ أسابيع تجمعاً لهم في المدينة الصناعية في الشيخ نجار.
وفي عفرين تمكّن مسلحو وحدات الحماية الشعبية الكردية من رفع الحصار الغذائي عن المنطقة، بعد قطعهم مياه الشرب عن منطقة أعزاز، ما أرغم الجماعات المسلحة على القبول برفع الحصار عن عفرين مقابل فتح خط مياه الشرب من بحيرة ميدانكي.
وقال مصدر في حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يهيمن على تلك الوحدات، «يسود الهدوء بيننا وبين مسلحي الجيش الحر بعدما طردناهم من القرى الكردية التي احتلوها، وتمكنا من كسر الحصار الجائر على عفرين».
وأوضح المصدر أنّ «ممارسات المسلحين التي لا تمت للإنسانية والأخوّة بصلة، هي التي دفعتنا إلى تهديدهم بقطع مياه الشرب لكي يوقفوا حصارهم لمنطقة عفرين».
وأشار إلى أنّ «الحكومة التركية تشارك في حصار شعبنا الكردي، وتمنع أيّ دخول للمواد الغذائية إلى عفرين عبر الحدود التركية، في الوقت الذي تفتحها للمسلحين والأسلحة وكل شيء في منطقة أعزاز».
في السياق، قال بيوار محمود، وهو طالب في جامعة حلب، إنّ «مسلحي منطقة أعزاز قاموا بخطف 15 من زملائه أثناء عودتهم إلى عفرين بعد أدائهم الامتحانات الجامعية».
في موازاة ذلك، (الأخبار) حقّق الجيش السوري، صباح أمس، تقدمّاً مهماً داخل مدينة حمص، فيما انسحبت المعارضة المسلحة من معركة «الفتح المبين» التي أطلقتها في ريف إدلب أول من أمس، بعد تكبدها خسائر.
ونفّذ الجيش ، فجر أمس، عملية نوعية ضد أحد تجمعات المسلحين في مدينة الرستن، كما نفّذ كميناً لمجموعة مسلحة بين بلدتي البريج وصدد شرقي مدينة حسياء بريف حمص، أوقع خلاله 7 قتلى، في حين قضت وحدة ثانية منه على عدد من أفراد مجموعة قرب مفرق العباسية على طريق دمشق ــ تدمر.
وفي مدينة حمص، اشتبك الجيش مع مسلحين قرب كنيسة سيدة السلام في حيّ باب هود، ومدرسة خديجة الكبرى بحيّ القصور، وذلك بعد سيطرته على حيّ جوبر في غرب المدينة بعد معارك عنيفة استمرت أسابيع.
وحقّق الجيش تقدّماً في منطقة السوق وسط حمص، وتمكّن من استعادة كتل كان يسيطر عليها مسلحون.
إلى ذلك، فشلت المعارضة المسلحة في معركة «الفتح المبين»، إذ انخفضت وتيرة الاشتباكات على طريق ادلب ــ اللاذقية، حيث انسحب المسلحون من المعركة، ليعيد الجيش فتح الطريق، بعد أقل من 24 ساعة من قطعه نتيجة الاشتباكات.
وفي ريف دمشق، واصل الجيش ملاحقته للمجموعات المسلحة، وفي دوما، ذكر مصدر عسكري أنّه «تم إيقاع قتلى ومصابين بين منتمين إلى ما يسمى «كتائب شباب الهدى»، خلال عملية نوعية في مزارع كرم الرصاص.
وأضاف المصدر أنّ وحدات من الجيش فكّكت 10 عبوات ناسفة زُرعت جنوب مؤسسة المياه، وسط مدينة حرستا بقصد تفجيرها عن بعد.
وأشار المصدر إلى أنّ الجيش لاحق مسلحين في المزارع المحيطة ببلدتي البحارية ودير سلمان في عمق الغوطة الشرقية، ودمر مخبأ لأسلحتهم.
وفي جوبر، قُتل مصطفى الافندي، متزعم إحدى المجموعات المسلحة وعدد من أفراد مجموعته جنوب شرق «كراجات البولمان»، إضافة إلى تدمير عدد من تجمعات المسلحين على طريق برزة ــ القابون.
في سياق آخر، قتل مواطن وأصيب آخرون جراء سقوط قذائف هاون، صباح أمس، على منطقة العباسيين وباب شرقي ومستشفى ابن النفيس بدمشق.
وأدى سقوط قذيفتي هاون على سوق الهال بمنطقة الزبلطاني إلى إصابة 7 مواطنين بجروح، وإلحاق أضرار مادية بعدد من السيارات والمحال التجارية.
بالمقابل، ذكرت تنسيقيات المعارضة أنّ «حيّ برزة تعرض لقصف مدفعي، وسط اشتباكات عند أطراف الحي، بـالتزامن مع شنّ حملة مداهمات واعتقالات في حيّ المرجة». كما تجدد القصف، بحسب التنسيقيات، على مناطق «في القابون، ومخيّم اليرموك، وحيّ الحجر الأسود، مما أدى إلى اضرار مادية، بالتزامن مع قصف طال مناطق في حيّ القدم ما أدى إلى مصرع رجلين».
وفي ريف دمشق، ذكرت التنسيقيات أنّ قصف الجيش السوري «طال مناطق في بلدة معضمية الشام ومزارعها، ما أدى إلى دمار في ممتلكات المواطنين، وأنباء عن سقوط عدد من الجرحى، وسط قصف استهدف الزبداني وبلدة يلدا ومنطقة ريما».
إلى ذلك، نفذ الجيش السوري سلسلة من العمليات في مناطق عدة شرق البلاد، وتصدت وحدات منه لمسلحين حاولوا التسلّل إلى بلدة الرصافة في دير الزور، ما أدى إلى مقتل عدد منهم، بينهم توفيق الرابط من «لواء الإسلام».
كما فشل المسلحون في الهجوم على مواقع الجيش في حيّ الصناعة والجبيلة في المدينة، فيما اشتبك مع مسلحين آخرين في قرية الحصن.
وفي الرقة، تصدى الجيش لهجوم جديد على «الفرقة 17» شنّه مسلحون من جهة الفرن الآلي ومعمل السكر.