الاختلاف مع الغرب حول سوريا قائم بحسب موسكو، حيث تعمل الأخيرة على اطلاق الحلّ السياسي، يماطل الغرب في هذا الشأن، تاركاً أمامه جميع الخيارات. فقد أكّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنّ اختلاف روسيا مع الغرب يتعلق بطرق تسوية الأزمة السورية لا في الأهداف النهائية، مشددا على أن الجميع لا يريدون تكرار «السيناريو العراقي» في سوريا، فيما حذّر نائب رئيس الوزراء البريطاني، نيك كليغ بلاده من «التدخل العسكري في سوريا». وأشار لافروف، في حديث إلى قناة «روسيا 24» أمس، إلى أن القيادة السورية أكدت لموسكو موافقتها على توصيات قمة «الثماني»، وجددت استعدادها للمشاركة في «جنيف 2». ولفت إلى أنّ الدول الغربية ليست متأكدة من أنها ستتمكن من إقناع المعارضة السورية بضرورة المشاركة في المؤتمر، كاشفاً أن موسكو طالبت بتحديد موعد عقد المؤتمر، إلا أن الدول الغربية أصرت على أن عقده يجب أن يكون في «القريب العاجل» دون ذكر موعد محدد.
وأكد أن المؤتمر يجب عقده ليس لمطالبة الحكومة بالاستسلام، واصفاً إصرار بعض دول الخليج على تسليم السلطة إلى المعارضة بأنه «إهانة مباشرة» لموسكو وواشنطن. وشدد على أن موسكو لا تشك في أن «جبهة النصرة» الإرهابية ستحصل على أسلحة غربية في حال توريدها إلى سوريا، مؤكداً أن غالبية الأسلحة المصدرة إلى سوريا ستوزع من خلال هذا التنظيم، الذي وصفه بأنه «الأكثر تنظيماً وتنسيقاً». وأضاف أن الشركاء الغربيين يتفهمون خطورة الطريق الذي قد يسلكونه.
كذلك أعلن لافروف أن موسكو لم تتلق بعد أي توضيحات من قبل واشنطن حول خطط نشر قوات أميركية على الحدود السورية الأردنية، وإقامة منطقة حظر جوي في سوريا.
من جهة أخرى، استبعد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، أمس، تسليم مسلحي المعارضة السورية أسلحة «يمكن أن توجه إلى فرنسا. هذا أحد الأسباب التي تجعلنا بحاجة إلى إجراء مزيد من المشاورات مع اللواء سليم إدريس القائد الميداني».
كذلك، أعلن أن إيران إذا أرادت المشاركة في «جنيف 2» فعليها أن تقبل تأليف حكومة انتقالية، رافضاً أي تغيير في موقف باريس حول المشاركة الإيرانية.
في موازاة ذلك، حذّر نائب رئيس الوزراء البريطاني، نيك كليغ من «التدخل العسكري في سوريا»، داعياً الحكومة البريطانية إلى «عدم التورط في أزمة ستكافح أي تأثير عليها».
وكان كلينغ قد كشف أن «الحكومة البريطانية لن تصدر أي قرار في الوقت الراهن بشأن تسليح الثوار السوريين، وهو الأمر الذي أظهر إنقسامات في ائتلاف الحكومة البريطانية حول موضوع إمداد الثوار السوريين بالأسلحة».
وفي حوار نشرته صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، وصف كليغ، الصراع الحالي في سوريا، بأنه «حرب أهلية»، و«فكرة أن نقدم حلاً من جانب واحد هو أمر خيالي».
بدوره، دعا وزير الخارجية البريطانية وليام هيغ والملك الأردني عبد الله الثاني، إلى «وضع حد للعنف الدائر في سوريا، وحماية البلدان المجاورة من عواقب الأزمة السورية». وأشار هيغ، عقب محادثات أجراها الجانبان، إلى أن «بريطانيا ستمنح الأردن 50 مليون جنيه استرليني من المساعدات المالية لتمكينه من مساعدة اللاجئين السوريين».
من ناحيته، رفض وزير الخارجية الألماني، غيدو فيستيرفيليه، توريد السلاح إلى المعارضة السورية، محذراًَ من أن «من يورد السلاح للمعارضة السورية يجب عليه أن يكون متأكداً بالكامل أن هذا السلاح لن يقع في يد الجهاديين والارهابيين».
كذلك أكد رفضه للحل العسكري، مع ضرورة الاهتمام بالحل السياسي حتى وإن لم تكن فرص نجاحه كبيرة.
في إطار آخر، أعرب وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري عن خشيته من أن سياسة بلاده الرسمية المتسمة بالحياد تجاه سوريا أصبحت مهددة مع تحول الصراع إلى حرب بالوكالة في المنطقة بأسرها وسط ضغوط هائلة تتعرض لها بغداد.
وفي مقابلة مع وكالة «رويترز»، أكد زيباري أن حكومة بلاده اتخذت «موقفاً اكثر حذراً. ليس حباً في النظام، لكن بدافع من مخاوف كبيرة على المصالح الوطنية العراقية».
من جهته، شدد الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، على أن «المطلوب الآن بالنسبة إلى سوريا هو وقف القتال، ووقف اطلاق النار، لأن الاستمرار سيؤدي إلى نتائج وخيمة على سوريا والعالم العربي كله».
وأمس اتهمت دمشق القاهرة بالاشتراك في «سفك الدم السوري»، تعليقاً على دعوة «رابطة علماء المسلمين» خلال مؤتمر عقد في القاهرة الأسبوع الماضي، إلى «وجوب الجهاد» في سوريا.
وفي ثلاث رسائل وجهتها إلى رئيس مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة ولجنة مجلس الأمن لمكافحة الارهاب، رأت دمشق أنّ فتاوى الجهاد الصادرة من رجال دين في دول عربية عدة «تحريض على الإرهاب».
وقالت الوزارة إن «سوريا إذ تضع هذه الوقائع أمام مجلس الأمن والمجتمع الدولي، فإنها تطالبهما بتحمل مسؤولياتهما، وتطالب الدول المتورطة بدعم الإرهاب، وخاصة قطر والسعودية وتركيا وفرنسا بالتوقف عن الانتهاكات التي تهدد الأمن في سوريا وفي المنطقة».
في سياق آخر، أعرب رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، ميخائيل مارغيلوف، عن أمله في أن يكرّس لقاء «أصدقاء سوريا» غداً في الدوحة، من أجل الإعداد لـ«جنيف 2» لا لـ«تشجيع المعارضة».
في هذا الوقت، طلب «المتحدث باسم الجيش الحر»، لؤي المقداد، في حديث لوكالة «فرانس برس» من دول مجموعة أصدقاء سوريا أن تمدّ «الجيش الحر» بصواريخ محمولة مضادة للطائرات وللدروع وبإقامة منطقة حظر جوي، متعهداً ألا تصل هذه الأسلحة أبداً إلى أيدي متطرفين. وحذر المقداد أنه إذا لم تلبَّ طلبات الجيش الحر «فسنكون أمام كارثة انسانية».
ويتزامن عقد المؤتمر في الدوحة مع زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نهاية الأسبوع إلى قطر ومن ثم الأردن، في جولة تطغى عليها العلاقات الاقتصادية الثنائية والنزاع في سوريا.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)