لم تغير مرحلة ما بعد انتخاب حسن روحاني رئيساً للجمهورية الإيرانية الصورة النمطية للعلاقة مع الغرب وفي موضوع البرنامج النووي الإيراني بنظر المعلقين الإسرائيليين. فالمواجهة القائمة مع طهران تتسم بحصار المنطق الإسرائيلي القائم على عدم جدوى الحوار معها والذهاب نحو خيارات حاسمة.
ورأى المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس" حامي شاليف، أن الفرق بين المقاربة الإسرائيلية والأميركية للانتخابات الإيرانية، ينبع قبل أي شيء آخر من تاريخ كل منهما وطبيعته. فالأمة الأميركية تميل إلى «رؤية فرصة في كل عقبة»، أما اليهود عامة والإسرائيليون خاصة، فهم سوداويون بصورة قهرية، ولذا يميلون إلى «رؤية عقبة في كل فرصة».
ولفت شاليف إلى أنه سواء كان انتخاب روحاني نتيجة «تلاعب مكيافيلي عبقري أو استسلام قسري «لإرادة الشعب»، فلا مناص من الاستنتاج أن قرار خامنئي بتمكين روحاني من الانتخاب أثمر أرباحاً عظيمة القيمة» لإيران، مفسّراً بأن ذلك سيمنحها «مجالاً للحيلة والتنفس ينقذها في هذا الوقت من مسار مؤكد ستكون نهايته المحققة إسقاط الاقتصاد الإيراني في أحسن الأحوال، أو مهاجمتها عسكرياً من قبل واشنطن».
ودعا إلى تذكّر موقف روحاني في عام 2004 عندما قال: «حين كنا لا نزال نتحدث إلى الأوروبيين، كنا نتابع بناء «منشأة» أصفهان، وكنا قادرين بواسطة إنتاج جو هادئ على إتمام العمل».
وفي ضوء ذلك، رأى شاليف أن الفرق بين روحاني وسلفه محمود أحمدي نجاد، في تلك السنوات على الأقل، يتجلى في التكتيك وليس في الاستراتيجية، لأن روحاني دعا إلى «دعاية ذكية وتصرف دمث في الطريق إلى الهدف النووي نفسه».
في المقابل، أكد المعلق العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليكس فيشمان، أنه لا يوجد في إسرائيل اليوم مسؤول واحد، بمن فيهم مسؤولو أجهزة الاستخبارات، قادر على تقدير السياسة النووية للرئيس الإيراني الجديد، بمعقولية مرتفعة. وأضاف أنهم في الأجهزة الأمنية لا يحاولون التكهن، على الأقل في هذه المرحلة.
ويضيف فيشمان أنهم في أجهزة الاستخبارات والأبحاث في إسرائيل، كما في باقي أنحاء العالم، فشلوا مرة أخرى في فهم المسار الاجتماعي الأساسي الذي أدى إلى النصر الجارف لروحاني والتنبؤ به. وتناول فيشمان محدودية قدرة الاستخبارات الإسرائيلية لجهة أنها قادرة على تقديم صورة عن وضع القيادة السياسية والعسكرية للعدو، وعن مسارات بناء القوة العسكرية لديه. لكن في ما يتعلق بالبحث في المجالات الاجتماعية، هم يُشغَلون بتخمينات مشوشة، كما حصل في ما يتعلق بسقوط الاتحاد السوفياتي، وأحداث «الربيع العربي» والانتفاضة، وفوز حماس في الانتخابات إلى جانب أمور أخرى.
ولفت فيشمان إلى أن تقرير الاستخبارات الأميركية، الصادر عن البنتاغون، ونُشر قبل عدة أسابيع، يتحدث عن أن إيران غيّرت عقيدتها وانتقلت إلى مرحلة دفاعية تستند إلى الاستنزاف والردع، وبكلمة أخرى، لا يولي الأميركيون للبرنامج النووي الإيراني بعداً هجومياً فورياً.
وبالنسبة إليهم، توجد نافذة تمتد إلى أكثر من سنة لفحص نيات روحاني وإجراء محادثات معه، وهو ما يقلق جداً الحكومة الإسرائيلية.
وخلص فيشمان إلى أنه لم يبقَ لإسرائيل، في المرحلة الحالية، سوى الاستمرار في جمع المعلومات الاستخبارية عن تطور البرنامج النووي الإيراني، إلى جانب جمع المؤشرات الدالة التي تتعلق بالرئيس الجديد. وأي موقف لروحاني سيدرس هنا بحذر، وسيتابعون التعيينات التي سيقوم بها، وأهمها الشخصية التي ستوكل إليها مهمة التفاوض مع الدول العظمى في الموضوع النووي.
من جهته، رأى أوري اليتسور في صحيفة "معاريف" ، أن المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي، نجح في دفع المعارضة إلى انتخاب المرشح الذي يريده في الواقع، وخاصة بعدما فرض العالم الغربي في الولاية الثانية للرئيس نجاد عقوبات قاسية على إيران، أدت إلى سيادة مشاعر الغضب تجاه النظام الإسلامي في الشارع الإيراني، وقد تهدِّد وجوده.
وأكد اليتسور أن ما يريده خامنئي سيقوم به روحاني، ومن أجل ذلك كان من الضروري جداً، أن يكون لنظام الثورة الإسلامية رجل كهذا، يحمل صورة معتدلة وقدرة على التحدث باللغة التي يسمعها الغرب.