رغم تفاجؤ الأجهزة الأمنية والسياسية الإسرائيلية باتفاق وقف النار في سوريا، إلا أنها لا تزال تشكك في استمراره، بل وفي تحققه على أرض الواقع. ورأى وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون، أن «الحرب في سوريا مستمرة حتى في هذه الأوقات، وهي لم تتوقف قطّ». وأضاف، تعقيباً على إعلان الاتفاق، أن إيران «تستغل الوضع في سوريا»، معرباً عن «قلق بلاده من تعزيز السيطرة الإيرانية في سوريا». ولفت يعلون إلى مكمن القلق الإسرائيلي من هذه السيطرة، باعتبار أنها تؤدي إلى تعزيز محور المقاومة، ما سيشكل معطىً سلبياً بالنسبة إلى إسرائيل. وأكّد أن هذه النتيجة ستؤدي أيضاً إلى تشجيع إيران «على مواصلة وتشغيل جبهة إرهابية ضدنا في الجولان».على صعيد الأجهزة الأمنية، نقلت صحيفة «هآرتس» أنها «ما زالت تشكك في فرص صمود هذا الاتفاق». وفي الإطار نفسه، أرجعت هذه الأجهزة الهدوء الذي ساد اليومين الماضيين، إلى أنه «ينبع من الاستنزاف الكبير الذي تعاني منه الأطراف، بعد نحو خمس سنوات من الحرب الدموية والمستنزفة»، مضيفةً أن الأطراف المتقاتلة تستغل وقف إطلاق النار «لإعادة تنظيم نفسها وأخذ قسط من الراحة للحصول على الدعم اللوجستي والإنساني للسكان المدنيين».
وشكّكت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في ما سمّته «المصالح المشتركة» التي ستُسهم في صمود الاتفاق، ولفتت إلى وجود نقطتي ضعف بارزتين فيه، «الأولى ترتبط بالأطراف غير المشمولين في الهدنة، وأما الثانية فهي غياب خطة تستطيع نقل الاتفاق من وضع مؤقت إلى اتفاق طويل المدى يشمل حلاً سياسياً للحرب».
وفي ما يتعلق بالنقطة الأولى، رأت الصحيفة أن «وقف إطلاق النار لا يشمل داعش وجبهة النصرة، لأن جزءاً من المناطق التي يسيطر عليها داعش قريب من المناطق التي يسيطر عليها النظام أو المتمردون والميليشيات الكردية». وأضافت: «إن الحرب على داعش قد تمتد إلى مناطق التنظيمات الأخرى، هذا فضلاً عن الصلة بين النصرة والميليشيات الأخرى».
وأشارت «هآرتس» إلى أن «التحالفات بين التنظيمات تتغير من منطقة إلى أخرى. ففي بعض المناطق يحارب بعضهم بعضاً، وفي مناطق أخرى يتعاونون في إطار جبهات تشمل تيارات سنية مختلفة، تتبنى مواقف أيديولوجية متناقضة». ورأت الصحيفة أن «المناطق التي سيستمر فيها النظام أو القوات الروسية بمهاجمة النصرة، ستؤدي إلى شمول الحرب منظمات أخرى، سبق أن شملها وقف النار». وعلى الأغلب، بحسب الصحيفة، هناك معسكرات ومواقع لا تنتمي إلى «النصرة» ستتعرض للقصف.
وعن النقطة الثانية، ذكرت «هآرتس» أنّ من الصعب رؤية انتقال من وقف إطلاق نار متواصل إلى اتفاق سياسي تقبل به الأطراف.
وفي سياق متصل، أكّدت الصحيفة الإسرائيلية أن تقدم قوات الجيش السوري في الجنوب أثار القلق في تل أبيب في البداية، خشية أن يستغل الرئيس بشار الأسد ذلك، ويطلب من قواته زيادة السيطرة في الجولان السورية، بالقرب من الحدود مع إسرائيل. وحذرت من أن تطوراً كهذا «كان يمكنه أن يشوش على الهدوء السائد، على طول الحدود، والراسخ نتيجة تفاهمات غير رسمية بين إسرائيل والميليشيات السنية المحلية».