يعمل كل طرف على رفع سقفه قبل التوجّه نحو جنيف. أحمد معاذ الخطيب طرح مبادرة لا تتقاطع مع الواقع الميداني والرؤية السورية الرسمية بشيء. ورقته لا تبدو قابلة حتى للرد في دمشق، فكيف نقاشها. «الاتئلاف» لا يزال يتباحث حول مشاركته في «جنيف 2»، فيما «أصدقاؤه» في عمان والقاهرة أعطوا الضوء الأخضر للمشاركة، لكنهم كرّروا تصويبهم على وجود الرئيس بشار الأسد في أي مرحلة انتقالية.الأسد أكد ثبات موقف بلاده في مواجهة «الارهاب ومن يدعمه» توازياً مع الحل السياسي للأزمة. وأكّد الأسد، خلال استقباله وفداً تونسياً ضم ممثلين عن أحزاب وحركات سياسية، «ضرورة التمسك بالمبادئ والهوية العربية وقيم العروبة لمواجهة التحولات التي تشهدها الساحة العربية».
في موازاة ذلك، لفت رئيس الوزراء السوري، وائل الحلقي، إلى أنّ «الحلّ لن يكون إلا سورياً وعلى الأرض السورية، من خلال تنفيذ البرنامج السياسي لحل الأزمة وترجمته على أرض الواقع».
في سياق آخر، وفي ظلّ «مبادراته» المتكرّرة، أطلق الرئيس السابق لـ«الائتلاف» المعارض أحمد معاذ الخطيب مبادرة «مقيّدة بجدول زمني» لحل الأزمة في سوريا، تتضمن السماح للرئيس بشار الأسد بمغادرة البلاد. ونصت المبادرة، التي نشرها الخطيب على صفحته على موقع «فيسبوك»، على أن «يعلن رئيس الجمهورية الحالي، وخلال عشرين يوماً من تاريخ صدور المبادرة قبوله انتقالاً سلمياً للسلطة، وتسليم صلاحياته كاملة إلى نائبه السيد فاروق الشرع أو رئيس الوزراء الحالي وائل الحلقي»، كما تتضمن السماح للأسد بأن «يغادر البلاد، ومعه خمسمئة شخص ممن يختارهم مع عائلاتهم وأطفالهم إلى أي بلد يرغب في استضافتهم».
وأوضح الخطيب أنه طرح هذه المبادرة «منعاً لاضمحلال سوريا شعباً وأرضاً واقتصاداً وتفكيكها انسانياً واجتماعياً»، و«استجابة عملية لحل سياسي يضمن انتقالاً سلمياً للسلطة». ودعا الخطيب «السلطة وجميع فصائل الثوار والمعارضة إلى تبنيها مخرجاً من الكارثة الوطنية»، كما دعا المجتمع الدولي إلى «رعايتها وضمان تنفيذها».
وتمهل المبادرة رئيس الجمهورية «بعد قبوله الانتقال السلمي للسلطة مدة شهر لإنهاء عملية تسليم كامل صلاحياته»، على أن «تستمر الحكومة الحالية في عملها بصفة موقتة مدة (مئة يوم) من تاريخ تسلم الشخص المكلف صلاحيات رئيس الجمهورية الحالي».
وجاءت المبادرة، في وقت بدأ فيه «الائتلاف» اجتماعه في إسطنبول أمس، الذي يستمر 3 أيام يناقش خلاله المشاركة في «جنيف 2»، كما يفترض أنّ يختار، أيضاً، رئيساً جديداً له، كما سيبحث في مسألة توسيع الائتلاف، والحكومة الموقتة.
وأعاد الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري، عبد الباسط سيدا، التأكيد على أنّه «لا مفاوضات إذا لم نحصل على ضمانات دولية حول رحيل بشار الأسد». وتساءل عضو «الائتلاف»، سمير نشار، من جهته، «إلى أي مدى سيقبل الثوار على الأرض أن يذهب الائتلاف إلى المفاوضات من دون أن يتحقق شرط رحيل الأسد؟».
في سياق آخر، عقدت اللجنة الوزارية للجامعة العربية، المعنية بسوريا، اجتماعاً أمس في مقر الأمانة العامة للجامعة العربية بالقاهرة. وذكرت قناة «روسيا اليوم» أنّ الاجتماع الذي جرى في غياب وزراء خارجية العراق والسودان والجزائر، شابته خلافات، واتفق على عدد من العناصر لانجاح المؤتمر الدولي حول سوريا من دون الكشف عنها. وكلف الاجتماع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم آل ثاني، والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي، عرض هذه العناصر على الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، والمبعوث العربي والأممي الأخضر الإبراهيمي.
وأفيد أمس أنّ الجامعة العربية ترى في مؤتمر «جنيف 2» الفرصة الأخيرة لحل الأزمة السورية سياسياً، وترى أيضاً ضرورة أن تعمل كل الاطراف المعنية على تهيئة المعارضة والسلطات السورية للجلوس على طاولة الحوار.
إلى مؤتمر مجموعة «أصدقاء سوريا» الذي عقد في عمان، حيث أكّد المجتمعون أنّ الرئيس بشار الأسد لن يكون له أي دور مستقبلاً في سوريا. واتفقت الدول الـ11 المشاركة في الاجتماع، في بيان مشترك لها، هلى أنها «سوف تكثف دعمها للمعارضة»، ورأت أنّ «الحجر الأساس للحل السياسي يقوم على تأليف حكومة انتقالية خلال إطار زمني يجري الاتفاق عليه لمرحلة انتقالية محددة»، مؤكدة أن الهدف النهائي يجب أن يضمن تبني دستور سوري جديد يضمن حقوقاً متساوية لجميع المواطنين». كذلك أبدى وزراء تلك الدول «دعمهم للمشاركة في مؤتمر جنيف 2، من أجل التطبيق الكامل لمقررات مؤتمر جنيف 1، لوضع حد لنزف الدم، والاستجابة للمطالب الشرعية للشعب السوري».
من ناحية أخرى، أشار وزير الخارجية الأميركية جون كيري، إلى أنّ «صواريخ «أس 300» التي ستزودها روسيا لسوريا تخرق التوازن في المنطقة، وأنّ الأزمة السورية تؤثر في إسرائيل». وخلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال «جميعنا يدرك أن القتل والمجازر الحاصلة وانعدام الاستقرار في سوريا تتسرب إلى لبنان والأردن، وأن لذلك تأثيراً في إسرائيل بالطبع». في المقابل، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن التعاون العسكري بين روسيا وسوريا شرعي تماماً، ولا تقيده أي اتفاقات وقعتها روسيا أو قرارات دولية. وأشار إلى أنّ فرض الولايات المتحدة عقوبات أحادية الجانب أمر غير مقبول تماماً، ويعدّ مخالفة للقانون الدولي.
وفي إطار متصل، أوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس عراقجي، أنّ التوجه على الصعيد الدولي ازداد نحو تقديم آليات وحلول سياسية من أجل إنهاء الأزمة السورية، مشيراً إلى أن العديد من الدول تولي اهتماماً بهذا الموضوع.
وأوضح عراقجي، الذي وصل أمس إلى أنقرة بدعوة من نظيره التركي، أنّه سيبحث مع المسؤولين الاتراك الأزمة السورية، لافتاً إلى حصول تطورات مهمة على صعيد الوضع الداخلي السوري في مواجهة الإرهابيين وعلى الصعيد الدولي.
وفي مسألة السلاح الكيميائي، أعلن مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط، روبرت سيري، أنّ المنظمة الدولية تتلقى تقارير متزايدة عن استخدام أسلحة كيميائية في النزاع القائم بسوريا، إلى جانب تصاعد أعمال العنف. ودعا الحكومة السورية مجدداً إلى «السماح باستمرار التحقيق دون مزيد من التأخير».
إلى ذلك، افتتحت الأمم المتحدة مقراً لها في مدينة طرطوس الساحلية، في سياق توسعها في عدد من المدن السورية لتسهيل إيصال المساعدات الانسانية إليها.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)