بدلت اسرائيل تعاطيها مع جبهة الجولان عما كانت عليه منذ بداية «الازمة السورية». تل ابيب اليوم اكثر انشغالاً بالجبهة الشمالية مع دمشق وهو ما دفعها إلى تفعيل نشاطها الاستخباراتي في المناطق المحاذية لخط وقف اطلاق النار.
التطور الجديد كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس، وقالت إن القوات الأمنية الإسرائيلية تقوم بنشاط استخباراتي مكثف في البلدات السورية القريبة من خط مراقبة وقف إطلاق النار في مرتفعات الجولان المحتلة وبدأت تعمل بهدوء مع القرويين هناك والذين لا يؤيدون المعارضة ولا النظام.
ويأتي هذا التطور فيما يتساءل الاسرائيليون عن الخيارات المتاحة أمامهم مع تسارع الاحداث على الجبهة الشمالية بعد الغارات الجوية على شحنات الأسلحة وتدمير موقع للجيش السوري، وخصوصاً أن الإسرائيليين يشعرون بأنه لم يعد بالامكان تجنب تورط أعمق في سوريا. وأضافت الصحيفة أن فكرة أخرى تناقش في إسرائيل وهي تشكيل قوة بالوكالة في الداخل السوري من خلال تسليح ودعم القرويين الذين يعيشون في القرى المحاذية لخط وقف إطلاق النار ربما يقودها الدروز، الذين يعيش منهم 20 الف نسمة في الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل في الجولان.
ونقلت الصحيفة عمن قالت إنهم إسرائيليون يتابعون وضع سوريا عن كثب إن القوات الأمنية الإسرائيلية بدأت فعلاً بالعمل بهدوء مع القرويين الذين لا يدعمون النظام ولا المعارضة، وبتقديم مساعدات إنسانية بسيطة لهم والحفاظ على نشاط استخباراتي مكثف هناك.
غير أن هؤلاء استبعدوا فكرة تسليح القرويين، وخصوصاً أن القيادة الدرزية نأت بنفسها عن النزاع السوري منذ البداية.
وفي هذا الاطار، أوضح المفاوض الإسرائيلي السابق مع سوريا، إيتامار رابينوفتش، أن فكرة إنشاء قوة بالوكالة «سابقة لأوانها. فهذا أمر تفعله حين تنهار الدولة ويكون عليك أن تتعامل مع الفوضى على الحدود».
وشدد رابينوفيتش، الذي يشغل حالياً نائب رئيس مجلس إدارة معهد دراسات الأمن القومي، على أن «السياسة التي اتبعتها اسرائيل طوال العامين الماضيين في سوريا لم تعد تنفع لأن سوريا وإيران وحزب الله وروسيا صعدوا على الجبهة في سوريا».
واشار رابينوفيتش إلى أن روسيا تواصل إرسال أسلحة متطورة رغم الاحتجاجات الأميركية والإسرائيلية، مضيفاً «انهم (الروس) أنشأوا قواعد جديدة للعبة، ولذا إسرائيل بحاجة إلى معرفتها انها سياسة في طور التكوين والاجابات ليست نهائية».
بدوره، استبعد الباحث في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، ايهود يعاري، «اقامة منطقة عازلة» لأن ذلك سيؤدي إلى نشوب نزاعات مع القوات السورية القريبة من خط وقف اطلاق النار.
كذلك اوردت «نيويورك تايمز» عن محللين استبعادهم أن تقيم إسرائيل منطقة منزوعة السلاح جديدة على الجانب السوري من الحدود، ليس لأن ذلك سيعتبر توغلاً فقط، بل لأن هناك مواقع للجيش السوري الحر.
ورغم الاتفاق بين المحللين على أن المشهد في الجولان قد تبدل، الا أن الصحيفة نقلت عن مسؤول إسرائيلي رفض الكشف عن اسمه قوله إنه «حتى الآن لا تغيير» في سياسة إسرائيل القائمة على عدم التدخل في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، ملمحاً إلى إمكانية حصول تغيير يوماً ما أو في أي لحظة.
وبرأي مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، جيورا ايلاند، فإن أي محاولة اسرائيلية للتدخل في المشاكل الداخلية في سوريا ستكون نتائجها سيئة، مستنداً إلى التجارب الماضية للدولة العبرية خاصة في جنوب لبنان عام 1982 والتي ادت إلى احتلال البلد وانشاء حزب الله.
وأضاف ايلاند أن في «بعض الاحيان الحل الافضل الذي يمكن أن تقوم به بأي عمل في شأن يخصك ولكن لا يمكنك فعل شيء من أجل تغييره».
وكان عدد من كبار المسؤولين الحكوميين، فضلاً عن خبراء في سوريا والجيش الإسرائيلي، قد اكدوا أنه لا يوجد سياسة جديدة في القدس، لكن هناك وعياً متزايداً بأن استمرار السياسة الحالية من المرجح أن يسفر عن نتائج مختلفة.
(الأخبار)