القاهرة | يمكن لجماعة الإخوان المسلمين ومن خلفها الرئيس محمد مرسي القول إن الإفراج عن الجنود السبعة المختطفين يعدّ إنجازاً كبيراً لمرسي، كما بدا من تصريح عضو مكتب الإرشاد، محمد كمال، على موقع «إخوان أون لاين»، وهو الموقع الرسمي للجماعة، وقال فيه إن «تحرير الجنود كشف حكمة الرئيس في إدارة الدولة». ويمكن للجيش المصري، كجهة تصرّ أطياف في المعارضة والإعلام على الزج به كبديل سياسي للإسلاميين، أن يقول هو الآخر بأن تحرير الجنود المختطفين، ولو على هذا النحو المثير للجدل الذي لم يتضمن إلقاء القبض على أي من الجناة، هو إنجاز عسكري ضخم يُنسب له، خصوصاً أن مكروهاً لم يصب الجنود السبعة. وفي ظل هذا المشهد تبدو المعارضة وكأنها الخاسر الأكبر، بما أنّها غابت تماماً عن الأزمة، ولم تستجب حتى للدعوة التي سبق أن وجّهها الرئيس إبّان الأزمة.
في غضون ذلك، يسعى الجيش على ما يبدو إلى درء أي مسؤولية عنه قد تطاله جرّاء فرار الخاطفين. على سبيل المثال، كتب رئيس أركان الجيش المصري صدقي صبحين على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»: «فرحة الشعب بتحرير الجنود منقوصة، إذا لم يتم اعتقال أو قتل الارهابيين؛ فلا يمكن أن نفسر ذلك سوى أنها خيانة»، خصوصاً بعدما كان نشر صورة للرئيس مرسي وهو يستقبل أحد الجنود المطلق سراحهم، على الصفحة، قبل ذلك، قد واجه تعليقات غاضبة جداً من مشاركين قالوا إن الجيش شارك في خداع الشعب عبر عملية عسكرية وهمية تضمنت تأمين فرار الخاطفين وحمايتهم من الملاحقة القانونية.
وقال المتحدث العسكري الرسمي باسم الجيش المصري، أحمد علي، لـ«الأخبار»، من جانبه، إن مطاردة الخاطفين بعد الإفراج عن الجنود ليست قراراً راجعاً لقيادة الجيش بل «هو قرار سياسي»، مضيفاً أن استمرار العمليات العسكرية في سيناء حالياً يجري بهدف مطاردة تهريب الأسلحة.
ودافع علي عن العملية العسكرية، قائلاً إن الجيش كان يعلم هوية الخاطفين ومكانهم لكنه كان حريصاً في الأساس على حياة المخطوفين من الجنود، لذلك اعتمد في مهمته على محاصرة المنطقة عبر تفتيش كل السيارات، بما فيها تلك التي تتحرك في جوف الصحراء، عبر عمليات تمشيط بالطائرات التي كانت تهبط لتفتيش أي سيارة «وهو ما اضطر الجناه للإفراج الجنود خشية أي مداهمة مفاجئة»، حسب ما أوضح. وشدد على أن العملية لم تتضمن أي تفاوض مع الجناة في مقابل أي طلبات من جانبهم، على عكس التسريبات التي نشرتها وسائل الإعلام في هذا السياق.
ولعلّ حركة «تمرد»، التي تبدو كحصان أسود في السباق السياسي في مصر، كانت الوحيدة التي استفادت من الأزمة بين فصائل المعارضة؛ فهي تحمل برنامجاً واضحاً على المدى القصير تنفذه بنفسها ويتمثل في جمع ١٥ مليون توقيع على استمارات سحب الثقة من محمد مرسي وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ويقول محمود بدر، وهو أحد مؤسسي الحركة واسعة الانتشار، لـ«الأخبار» إن الحادث برمّته أفاد الحملة للغاية، «اذ أصبحت دعايتنا ضدّ مرسي الذي تقاعس عن حماية أمن سيناء أكثر فاعلية وصدقية. وبالرغم من الإفراج عن الجنود، غير أن الأمر لم يصب على أي نحو في صالح الاخوان؛ ففي نهاية المطاف مرسي لم يحرر جنوداً اختطفوا في عهد بائد بل في عهده هو»، على حد تعبيره.
«تمرد»، حركة تبدو راديكالية جداً قياساً الى «جبهة الإنقاذ»، التي تحاول اللحاق بها عبر إعلان الأحزاب المنضوية فيها، الواحد تلو الآخر، مساندتها. وفي حي تسعى الأولى الى تنظيم تظاهرات مليونية في نهاية حزيران المقبل للضغط من أجل إقرار انتخابات مبكرة، لا تزال الثانيه تبحث عن المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة من عدمه. هذا الفارق الشاسع يسمح للأولى بالاستفادة من مقاطعة كل نشاط رسمي، بينما يلقي بأعباء أخرى على الثانيه أمام الرأي العام، في حال فضلت السير في النهج نفسه كما بدا من خلال رفضها المتواصل لحضور أي لقاءات مع الرئيس مرسي، والتي كان آخرها دعوة وجهها قبل أيام للتباحث في مأزق خطف الجنود. لقاء عُقد بين الرئيس وحلفائه فقط، وهو ما سمح لاحقاً بأن يُنسب «إنجاز» تحرير الرهائن الى النظام الجديد وحده.
من جهته، اتهم صابر عبد الصادق، عضو مجلس شورى جماعة الاخوان، جبهة الإنقاذ بمحاولة إفشال «الحوار الوطني». وقال «كانوا يظنون (الجبهة) أن مقاطعة الحوار ستعيق الرئيس عن إتمام العملية بنجاح تعويلاً على استمرار الدعاية ضده، لكنهم فوجئوا بالنتيجة». فيما أكد عزازي علي عزازي المتحدث الرسمي باسم الجبهة، لـ«الأخبار»، أن حضور هذا اللقاء كان غير مجد «فليس من المعقول أن تسأل المعارضة عن بدائلها في ما يتعلق بالشؤون العسكرية؟».