لا يتعب أحمد معاذ الخطيب. لم ينزوِ الشيخ في صومعته بعد دفعه إلى الاستقالة من «الائتلاف». حطّ في مدريد منذ أيام ليرأس مؤتمراً تشاورياً ضمّ عشرات المعارضين، عُرضت فيه ورقة تضم نقاطاً «لإقامة نظام ديموقراطي بديل»، ليعود اليوم إلى إسطنبول ليكون على طاولة الهيئة العامة للائتلاف الذي يتوقع أن يبحث توحيد الفصائل المسلحة تحت قيادة اللواء سليم ادريس.
لم يفصل دينامو «معارضة الخارج» نفسه عن «الائتلاف». يعمل كمن يريد لهذا التجمّع أن يتكيّف مع الواقع الراهن. يقرأ بنفسه التحولات قبل أن يصل «أمر اليوم» إلى زملائه. هو يعلم جيداً أنّه لن يكون مقبولاً أنّ يمثل «الائتلاف» بصيغته الحالية المعارضة في جنيف. يبدو أنّه تخطى مرحلة «القبول أو عدمه» بالمشاركة، التي ستكون على جدول أعمال «الائتلاف» اليوم.
في مدريد التفّ حول الخطيب نشطاء إسلاميون وميدانيون وعسكريون. كان مجرّد مدعو، لكنه استحوذ على الاهتمام السياسي والاعلامي. حضر من «الجيش الحر»، نائب قائد هذا الجيش العقيد مالك الكردي، واللواء محمد فارس، واللواء محمود السعودي، واللواء محمد الحاج علي، وممثل عن جبهة تحرير سوريا الاسلامية، ورابطة علماء الشام (عبد الرحمن عوض)، ونشطاء ميدانيون.
الخطيب سيعمل اليوم على توسيع إطار الأطراف المؤيد له، بسبب صعوبة «أخذ» الائتلاف «سولد» نحو خياراته التفاوضية.
عضو «الائتلاف»، خالد الناصر، يروي لـ«الأخبار» أنّ «الشيخ عوّدنا المفاجآت. وسيطرح خلال كلمته مبادرة جديدة سنقوم بتقويمها».
«هيئة التنسيق» المعارضة «على موجة قريبة» من الخطيب. هي اعتذرت، في اللحظة الأخيرة، عن عدم المشاركة في مؤتمر مدريد بعد انحسار دعوتها بثلاثة أشخاص، هم رجاء الناصر وعارف دليلة وحسن عبد العظيم، بعد مطالبتها بمشاركة هيثم مناع ورياض ضرار وممثل عن الأكراد أيضاً. لكنها «لم تقطع التواصل مع المؤتمرين». ويشير المنسق العام للهيئة، حسن عبد العظيم، إلى أنها ستنظّم لقاءً في القاهرة بين 27 أيار و3 حزيران لمجوعة من المعارضين، حينها «قد يكون قد تبلور شيء من جماعة مدريد، لنكمل التنسيق».
وفي حديثه مع «الأخبار» يلفت عبد العظيم إلى احتمال ارسال وفد موحّد بين «مدريد والقاهرة» إلى جنيف، أو على الأقل «وفود مختلفة ضمن رؤية مشتركة».
ويكشف أنّه جرى لقاء مع ممثل عن المعارض ميشال كيلو في دمشق منذ يومين، طرح فيها ورقة سياسية تجري مناقشتها.
ويروي أنّ تياره منفتح على جميع من يقبل بوقف العسكرة والبدء بحل سياسي، «والجميع ينتظر ما سيفعل معاذ الخطيب في اجتماعه مع الائتلاف، وخاصة في مجال توسعته، وقد يتبلور مجموعة تقترب من موقف الخطيب وتكون بعيدة عن أجواء المجلس الوطني السوري».
«هيئة التنسيق» تلقت اتصالات مختلفة تؤكد دعوتها إلى مؤتمر جنيف، بدءاً من مسؤول الملف السوري في السفارة الأميركية في باريس، والسفير الروسي في باريس ودمشق، والسفير السويسري في باريس، وممثلة عن الاتحاد الأوروبي.
على مقلب «الائتلاف»، تشير أوساطه إلى أنّه في حيرة من أمره. كلمات أعضائه يشوبها التناقض أو عدم الدراية ببعض الأحداث. يرزح «الطرف المعارض الأقوى» تحت ضغوط عربية وغربية، قلبه في الدوحة ورأسه في جنيف.
عضو الهيئة السياسية، سمير النشار، يرى أنّ هناك توجّهاً لتوسعة التجمّع المعارض «لكن كلّ طرف يريده على طريقته ولأسبابه الخاصة»، حسبما يقول لـ«الأخبار». زميله هشام مروة، يرى أن لا شيء مؤكد بعد حول مسألة المشاركة في جنيف، ويوضح لـ«الأخبار» أنّ أعضاءً في «الائتلاف» يرون في المشاركة «مكافأة للنظام، ودعوة لدفعه للتشدّد».
على جبهة معارضة الداخل، مشكلة من نوع آخر. «ائتلاف قوى التغيير السلمي»، وعلى رأسه «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» يخوض معركته للمشاركة، أيضاً، في جنيف. عضو قيادة الجبهة، علاء عرفات، يلفت إلى أنّ ما سرّب حول مشاركة الوزيرين علي حيدر وقدري جميل في وفد النظام غير صحيح. ويرى، في حديثه مع «الأخبار»، أنّ هناك معركة اعلامية تخاض لتأكيد أنّ هذين الشخصان هما جزء من النظام، «عسى ولعل تتحول إلى حقيقة». ويروي أنّ النظام لم يقل شيئاً بعد وهو يعلم أن جميل وحيدر موقفهما ثابت في مسألة وجودهم في جنيف كممثلين عن معارضة الداخل، وليس بصفتهما الحكومية الرسمية.
وفي السياق، نفى جميل، في حديث مع «روسيا اليوم»، أن يكون ضمن القائمة المقترحة من قبل دمشق، وشدّد على أنّ «قرارنا واضح. نرفض بشكل كامل أن نكون ممثلين في الوفد الحكومي». وأكد أنّ دعوة أحمد معاذ الخطيب ستقرّب وجهات النظر، وستعمل على خفض مستوى العنف في البلاد.