المشهد واحد من موسكو إلى عمان. روسيا والغرب، كلّ يجلس مع حليفه لبحث مسألة المشاركة في «جنيف 2». مصادر العاصمة الأردنية المستقبلة «مؤتمر أصدقاء سوريا» تفيد بأنّ هناك اتفاقاً أميركياً روسياً على مرحلة انتقالية بحكومة كاملة الصلاحيات، بوجود الرئيس بشار الأسد وتنتهي برحيله. وتضيف أنّه إذا «لم يستجب الأسد... فهي الحرب».
ويلفت مسؤول أردني رفيع إلى «أنّه يعتقد أنّ الروس وافقوا على هذا الطرح، لكن عمان متشائمة من قبول الأسد».
وتشير مصادر أردنية لـ«الأخبار» إلى أنّ الموقف الأميركي، رغم ضجيج التصريحات العالية النبرة، قريب من هذا الشكل من الحلّ.
وتروي المصادر أنّ وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أعلن أنّه لا يوجد اتفاق مع واشنطن على نصب صواريخ باتريوت على الحدود السورية، لكنه قال حفاظاً على ماء الوجه: «من حقنا الدفاع عن أنفسنا».
وفي موسكو، كان نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، يقوم بمهمة مزدوجة مبنية على طلب استيضاحات من الجانب الروسي حول تفاصيل مؤتمر «جنيف 2»، والتباحث حول أسماء الوفد السوري، التي سيعلنها ما إن تقرّر دمشق المشاركة رسمياً بعد عودته إلى سوريا.
وأعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنّ بلاده تعوّل على أن تبدي المعارضة السورية موقفاً بنّاءً من المؤتمر الدولي المرتقب حول سوريا، «لكن الأنباء الواردة حتى الآن لا تبعث على الأمل». وقال لافروف، خلال لقائه نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد: «لم يتخذ خلال اجتماعات جزء من المعارضة في مدريد أيّ قرار بشأن المشاركة في المؤتمر من دون شروط مسبقة». وأكد قائلاً: «نحن على اتصال دائم بالشركاء الأجانب الذين لهم نفوذ حقيقي لدى المعارضة المتشددة، ونأمل أن نفوذهم سيستخدم في خدمة الحوار الوطني السوري». وأضاف: «نحن نثمّن رد فعل القيادة السورية البناء على هذا المقترح.
بدوره، أعلن المقداد أنّ السلطات السورية تدرس حالياً موضوع المشاركة في المؤتمر الدولي المرتقب. وقال «إنّ الحكومة تدرس حالياً جميع التفاصيل»، وإنّ القرار النهائي سيتخذ بعد عودة الوفد السوري برئاسته إلى دمشق.
وثمّن المقداد النتائج التي جرى التوصل إليها خلال الاتصالات الأخيرة لروسيا بالجانب الأميركي، لافتاً إلى أنها تعتبر حداً حاسماً للتغلب على الصعاب التي تواجهها سوريا.
وفي عمّان، ظهرت جملة تصريحات قبيل بدء أعمال مؤتمر «أصدقاء سوريا» الذي شارك فيه «الائتلاف» بعد دعوة متأخرة.
ودعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري الرئيس السوري بشار الأسد إلى التزام السلام. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني ناصر جودة، قال: «نحن ملتزمون محاولة العمل من أجل إيجاد نهج محدّد لتنفيذ مؤتمر جنيف»، مشيراً إلى أن ذلك «من شأنه أن يسمح للشعب السوري باختيار مستقبل سوريا».
وأضاف «أنّه إذا لم يكن الأسد مستعداً للتفاوض على حلّ سلمي، فستبحث الولايات المتحدة ودول أخرى زيادة الدعم لمعارضيه». ورأى أنّ القوات السورية حقّقت مكاسب ميدانية في الأيام القليلة الماضية، لكنه أضاف أنه يعتبر هذه المكاسب «موقتة للغاية».
من جهته، أعلن وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، أنّ الرئيس بشار الأسد يجب عليه أن يسلم السلطة التنفيذية لحكومة انتقالية. وقال: «من الواضح تماماً أن الهدف الرئيسي من وراء المؤتمر المرتقب (جنيف 2) هو تشكيل حكومة انتقالية للبلاد ستكون لها السلطة التنفيذية الكاملة».
في هذا الوقت، ربط وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، أيضاً، أيّ حل للنزاع في سوريا برحيل الرئيس الأسد. وقال هيغ: «إذا كان النظام يعتقد أن بإمكانه تحقيق انتصار عسكري والعودة إلى الوضع السابق، فأنا أعتقد أنه يرتكب خطأً فادحاً، خطأً كارثياً»، مشيراً إلى أنّه «ينبغي أن يكون هناك حل سياسي، بغض النظر عن الوضع على الأرض».
وتابع: «في النهاية، إن العامل الحاسم هو مدى استعداد النظام للتفاوض حيث تريد روسيا بوضوح مشاركة كل الأطراف المنخرطة بالنزاع في عملية التفاوض ثم يأتي السؤال عن مدى جدية النظام ورغبته في هذا التفاوض».
من ناحيته، أشار رئيس الوزراء القطري، حمد بن جاسم آل ثاني، إلىّ أن «الرئيس السوري بشار الأسد يقوم بقتل شعبه بمساعدة جهات خارجية»، لافتاً إلى أننا «أمام مسؤولية تاريخية أمام شعب عريق يستحق أن يكون هناك وقفة واضحة لتحريره». وأمل أن «يكون مؤتمر جنيف هو لإيجاد حل لتحرير الشعب السوري من الظلم».
في موازاة ذلك، شنّ السفير السوري في عمان، بهجت سليمان، هجوماً على ما سماه مجموعة «أعداء سوريا». وقال سليمان، في مؤتمر صحافي، إنّ «ما تواجهه سوريا هو حرب كونية عدوانية إرهابية، يقودها من سموا أنفسهم أصدقاء سوريا ضد الدولة السورية».
في موازاة ذلك، أعلن رئيس الاتحاد الأوروبي، هيرمان فان رومبوي، في اعقاب قمة الاتحاد أمس، أن قادة دول الاتحاد بحثوا الوضع في سوريا، ولم يتخذوا القرار برفع حظر توريد السلاح. وأضاف: «أكدنا التزاماتنا بشأن البحث عن حل سياسي، ورحبنا بمبادرة عقد مؤتمر دولي في جنيف، ويجب أن نغتنم هذه الفرصة لإطلاق العملية السياسية».
إلى ذلك، أقرّت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بأغلبية كاسحة مشروع قانون يدعو الولايات المتحدة إلى توفير أسلحة صغيرة لجماعات المعارضة السورية المعتدلة. غير أن صدور قرار من المجلس يحتاج إلى موافقة أغلبية أعضائه، لكنه قد يبقى قراراً غير ملزم للحكومة الأميركية التي لا تزال تصرّ على عدم تزويد المعارضة بأسلحة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)