أعلن الرئيس السوري بشار الأسد أنه لا ينوي الاستقالة. مصيره يحدّده الشعب السوري عام 2014، برأيه، في وقت رفض فيه سيرغي لافروف الشروط الزمنية لعقد مؤتمر «جنيف 2»، مؤكداً مرة أخرى ضرورة إشراك إيران فيه. وقال الرئيس بشار الأسد، في لقاء مع صحيفة «كلارين» ووكالة أنباء «تيلام» الأرجنتينيّتين، رداً على تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، «لا أدري ما إذا كان كيري أو غيره حصل من الشعب السوري على سلطة الحديث باسمه لمعرفة من يجب أن يرحل ومن يجب أن يبقى... هذا ما سيقرره الشعب السوري في الانتخابات الرئاسية لعام 2014». ورأى أنّ «الاستقالة تعني الفرار». وقال: «عندما تكون السفينة في قلب العاصفة، الربان لا يهرب... تخلّي الرئيس عن مهماته هو هروب من المسؤولية، وأنا لست الشخص الذي يهرب».
واتهم الرئيس السوري إسرائيل بدعم «المجموعات الإرهابية» في بلاده لوجستياً ومعلوماتياً وتحديد مواقع لهجماتها، ولم يستبعد تدخلاً خارجياً محدوداً من قبل الغرب. وأشار إلى «انعدام الوحدة بين الجماعات المتمردة المتعددة». وخلص إلى أن ذلك يعني «أن زعماء المعارضة لن يكونوا قادرين على الالتزام بأي إجراءات لوقف إطلاق النار، مثل تسليم الأسلحة». وشكّك في قدرة المعارضة على تنفيذ أي التزامات، ووصف معارضيه بأنهم «جماعات وعصابات مختلفة، عددها ليس بالعشرات بل بالمئات... هم خليط ولكل مجموعة قائد محلي». وتساءل عن جدوى الحوار مع أطراف مجهولة. وقال «لا يمكننا مناقشة أي جدول زمني مع طرف إذا كنا لا نعرف من هو».
الأسد رحّب بمحاولات الحوار، لكنه رأى أنّ الدول الغربية تبحث عن سبل لتأجيج العنف، بدلاً من وقفه. وأعرب عن اعتقاده بأن الدول الغربية تسعى لإطاحة نظامه، بغض النظر عن عدد القتلى. وأشار إلى إنه أعلن استعداده منذ البداية للحوار مع «أي قوى من الداخل والخارج... لا توجد مشكلة، شرط ألا تحمل سلاحاً... لا يمكن أن تحمل بندقية وتحضر للحوار». وأوضح: «نحن لم نقل إننا نريد حلاً على طريقتنا، كدولة لم نطرح ما هو شكل الحل وتركناه للشعب السوري».
وفي مسألة استخدام الأسلحة الكيميائية، نفى الأسد استخدام القوات النظامية الأسلحة الكيميائية، وتساءل «قالوا إننا استخدمنا أسلحة كيميائية ضد مناطق سكنية. وإذا كانت هذه الأسلحة استخدمت ضد مدينة أو قرية، وكانت الحصيلة ما بين عشرة إلى عشرين ضحية فهل يصدق هذا؟». وشدّد على أنّ «استخدامها يعني موت الآلاف أو عشرات الآلاف في دقائق. من يستطيع إخفاء شيء كهذا؟».
من ناحية أخرى، أعلن الرئيس السوري أنّ هناك معلومات أولية تفيد بوجود المطرانين (مطران حلب للروم الأرثوذكس بولس يازجي، ومطران حلب للسريان الأرثوذكس يوحنا إبراهيم) المخطوفين في سوريا في منطقة تقع على الحدود بين تركيا وسوريا. وأضاف «نحن الآن نتابع هذا الموضوع ونتواصل مع البطريركية الأرثوذكسية في سوريا للعمل على تحريرهما من أيدي الارهابيين الذين قاموا باختطافهما».
في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في حديث إلى صحيفة «روسيسكايا غازيتا»، ينشر اليوم، إنّه لا يجوز فرض قيود زمنية محددة على المؤتمر بشأن سوريا، وأوضح أنّ «بعض شركائنا (وقد ذكر ذلك وزير الخارجية الأميركي جون كيري) يرى أنه تكفي بضعة أيام أو أسبوع واحد وهذا غير مجدٍّ». وقال: «أعربت واشنطن عن نيتها تنظيم مؤتمر واسع النطاق بشأن سوريا قبل قمة «الثماني الكبار» المزمع عقدها في النصف الثاني من شهر حزيران المقبل، مشدّداً على ضرورة الاتفاق على معايير المؤتمر، علماً بأنه من غير المعروف إن كانت المعارضة ستوافق على المشاركة من دون طرح أي شروط مسبقة.
الوزير الروسي أشار إلى أنّه بحث أثناء لقائه نظيره الأميركي جون كيري احتمال مشاركة إيران في المؤتمر. وبحسب لافروف، فإن موسكو تنتظر أن توجه دعوة للمشاركة في المؤتمر إلى كل البلدان التي شاركت في لقاء جنيف في الصيف الماضي، مضيفاً أن من المستبعد أن ينجح المؤتمر من دون مشاركة إيران.
في سياق آخر، أعلنت جامعة الدول العربية، أمس، أنّه تقرر عقد اجتماع عاجل للجنة الوزارية العربية المعنية بالأزمة السورية على مستوى وزراء الخارجية الخميس المقبل. وقال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد بن حلي، إنّ «عقد الاجتماع جاء بناءً على طلب من دولة قطر، وذلك لمتابعة تطورات الأوضاع في سوريا، خاصة في ضوء التفاهم الأميركي _ الروسي بشأن عقد المؤتمر الدولي «جنيف 2»». ويأتي الاجتماع بعد يوم واحد من مؤتمر «أصدقاء سوريا» المقرر عقده في عمان. وفي السياق، أشار وزير الخارجية الأردني، ناصر جودة، إلى أنّ اجتماع المجموعة الأساسية ضمن «أصدقاء سوريا»، الذي يعقد في عمان مساء الأربعاء المقبل، هو استعداد وتمهيد لاجتماع «جنيف 2».
من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، عن ثقته بإمكانية عقد المؤتمر الخاص بالتسوية السورية في مطلع شهر حزيران المقبل. وأشار إلى أنه توصل إلى هذا الاقتناع بعد إجرائه مشاورات مع ممثلي الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي.
في السياق، رأى الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير»، عادل نعيسة، أنّ المبادرة الروسية الأميركية خطوة صائبة وإيجابية على طريق الخروج من الأزمة السورية. وأضاف أنّ تجمّعه المعارض «يؤيد الخطوة ويشجعها ومستعد لحضور أي مؤتمر على أساسها بصفته طرفاً معارضاً على أساس منظومة التغيير السلمي، ووجود أزمة وطنية، ومن منطلق ورقة عمل خريطة الطريق التي أقرّت في المؤتمر الذي انعقد في دمشق.
من ناحيته، حذّر وزير الدفاع الأميركي، تشاك هاغل، من «تبعات الأزمة السورية»، قائلاً إن واشنطن وموسكو، على حد سواء، تريدان استقرار سوريا. وأكد، في مؤتمر صحافي عقده مع رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة مارتن ديمبسي، في واشنطن، أول من أمس، «نواصل العمل مع الروس ونبذل قصارى جهدنا لإقناع القوى في المنطقة بأخذ الحيطة من أي تصعيد في الخيارات العسكرية أو التسليح». وأضاف «نحن نخطط لأي طارئ عسكري، وما لا نريد رؤية حدوثه وما لا يريد الروس رؤيته هو انفجار سوريا إلى درجة نجد أنفسنا معها أمام حرب إقليمية في الشرق الأوسط». بدوره، أدان ديمبسي ما وصفه بتزويد سوريا بشحنة من الصواريخ الروسية المضادة للسفن، قائلاً إنها يمكن أن تزيد القوات السورية جرأة.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)