غاب روح «جنيف 2»، ليحلّ «جنيف 1» بحسب التفسير الغربي في اجتماع الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، فيما أعلنت باريس أنها تريد إقناع موسكو بضرورة تنحي الأسد، في وقت عادت فيه لندن إلى «قاعدة أدلتها الكيميائية» التي «تتوسع».
وأكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، ضرورة أن تصبح سوريا حرة من سيطرة الرئيس بشار الأسد، مؤكداً الاستمرار في العمل مع الشركاء الأتراك لتقديم الدعم الإنساني ودعم الجهد الدولي لانتقال سياسي من دون الأسد. وأشار إلى أن تركيا ستضطلع بدور أساسي في جمع أطراف من النظام والمعارضة الأسبوع المقبل. وقال الرئيس الأميركي إنّه يحتفظ بحق اللجوء لمجموعة من الخيارات الدبلوماسية والعسكرية إذا حصل على دليل حاسم على أن دمشق استخدمت أسلحة كيميائية في الحرب في البلاد. وأضاف إنّ هناك دليلاً على استخدام أسلحة كيميائية، وإنه سيتم الإعلان عن هذه المعلومات عمّا قريب. ورأى أنّ من المهم الحصول على «معلومات أكثر تحديداً» لتأكيد ذلك قبل اتخاذ قرار بشأن كيفية الرد.
بدوره، قال أردوغان إنّ «لدينا آراء مشتركة حول سوريا»، وشدّد على أنه «يجب وضع حدّ للأزمة السورية، وهي مسألة نتفق عليها مع أميركا، ودعم المعارضة وضرورة رحيل الأسد». وأضاف إن استخدام الأسلحة الكيميائية ملف مطروح على المجتمع الدولي.
في السياق، أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أنّ موسكو ستواصل العمل من أجل حلّ الأزمة السورية بأسرع وقت ممكن دون أي تدخل من الخارج. وقال، عقب لقاء نظيره الجنوبي أفريقي جيكوب زوما، «روسيا وجنوب أفريقيا اتفقتا على مواصلة تنسيق مواقفهما من الملف السوري».
من جهته، شدّد الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، على ضرورة إقناع موسكو بأنّ «مصلحتها تكمن في تنحي (الرئيس) بشار الأسد»، مؤكداً أن باريس تشارك في الجهود الدبلوماسية الدولية للتوصل إلى حل سياسي للنزاع. وفي مؤتمر صحافي، رأى أنّ حل النزاع السوري «لا يمكن أن يقوم به بلدان فقط، بل ينبغي أن يتم ذلك مع المجتمع الدولي برمته».
في موازاة ذلك، حذّر رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، من مغبة فشل المؤتمر الدولي بشأن سوريا، داعياً إلى تشكيل حكومة انتقالية في أقرب وقت ممكن. وجدّد كاميرون دعمه للمبادرة الروسية الأميركية، قائلاً إنّ ضغوطاً يجب أن تمارس على طرفي الصراع بغية التوصل إلى تشكيلها وبدء ما وصفه بالمفاوضات التفصيلية الملائمة. وعبّر كاميرون عن قلقه من احتمال أن يطول التخطيط لمؤتمر السلام في جنيف. وشدد على ضرورة التحرك سريعاً لوقف إراقة الدماء في سوريا، موضحاً أنّ مبعث قلقه يكمن في «أن ندخل عملية أطول من اللازم... ينبغي القيام بتحرك عاجل الآن والضغط على المشاركين للاجتماع والاتفاق على حكومة انتقالية يمكن أن يقف وراءها الجميع في سوريا».
وتقاطعت هذه التصريحات مع بيان أممي، قال إنّ الأمين العام بان كي مون التقى كاميرون، وبحث معه سبل الدفع بطرفي النزاع إلى حضور المؤتمر بوفود جادة واستعداد حقيقي على حدّ تعبير البيان.
في السياق، نقلت وكالة «أنترفاكس» الروسية عن مصدر في الأمم المتحدة توقعه أن ينعقد مؤتمر «جنيف 2» بين 10 و12 من حزيران المقبل.
من ناحية أخرى، صرّح وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، بأن قاعدة الأدلة التي تثبت استخدام النظام السوري للسلاح الكيميائي لا تزال تتوسع. وقال، في تصريح صحافي، «حصلنا على معلومات جديدة بأن القوات الحكومية السورية استخدمت السلاح الكيميائي من جديد. إن عدم تقديم النظام السوري السماح بدخول خبراء الأمم المتحدة إلى البلاد يجعلنا نفترض أنه يريد إخفاء حقيقة ما يحدث».
في غضون ذلك، جدّد وزير الخارجية الألماني، غيدو فسترفيلله، «رفض بلاده تسليح المعارضة السورية»، معتبراً أن «ضمان عدم وصول المساعدات العسكرية الأوروبية إلى الإرهابيين أمر غير مضمون». وشكّك، في الوقت ذاته، بأن إرسال السلاح سيساهم في تقليل أعداد القتلى.
إلى ذلك، انتقد الرئيس التركي، عبد الله غول، ردّ الفعل العالمي على الأزمة السورية، أمس، قائلاً إنه يقتصر على «الأقوال»، مضيفاً إنّ بلاده لم تتلق مساعدة تذكر لمواجهة تدفق الأعداد الهائلة من اللاجئين السوريين عليها. وقال غول، في بلدة الريحانية، حيث أسفر تفجير سيارتين ملغومتين عن مقتل 51 شخصاً مطلع هذا الأسبوع، إن «مساهمة المجتمع الدولي في المساعدات المالية التي تقدمها تركيا لمن يمرون بمواقف صعبة مجرد مساهمة رمزية».
ميدانياً، تمكّن الجيش السوري من استعادة السيطرة بالكامل على بلدتي الجربا والبحارية بالغوطة الشرقية في ريف دمشق، بحسب ما ذكرت وكالة «سانا». وكانت عمليات الجيش قد بدأت في الجربا والبحارية بعدما أحكم سيطرته على بلدتي العبادة والغريفة في الرابع من الشهر الجاري، وعلى بلدة العتيبة في 23 نيسان الماضي. في حين، سقطت قذيفتا هاون في ساحة السيوف في مدينة جرمانا، ما أسفر عن إصابة 9 مواطنين بجراح.
وفي محافظة حمص، قتل 3 أشخاص وأصيب آخرون في تفجير سيارة مفخخة يقودها انتحاري قرب مفرق على طريق حمص مصياف، في وقت أعاد فيه الجيش السوري فتح «أوتوستراد إدلب _ باب الهوى» بعدما قطعت المعارضة المسلحة الطريق وأقامت سواتر ترابية.
في موازاة ذلك، أظهر تسجيل فيديو، أمس، مقاتلين من «جبهة النصرة» في سوريا وهم يعدمون 11 رجلاً. وقال منفذ الإعدام، في التسجيل، إنّ المحكمة الشرعية لمنطقة دير الزور قضت بإعدام هؤلاء الرجال الذين وصفهم بأنهم جنود مرتدّون ارتكبوا مذابح في سوريا.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)