بعد أسابيع على الجدل الذي أثارته الاتهامات التي أطلقها السفير السعودي في العراق ثامر السبهان ضد "الحشد الشعبي"، قام وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد آل نهيان باللعب على الوتر ذاته من خلال وضع "الحشد الشعبي" في الخانة ذاتها مع تنظيم "داعش"، ليثير بذلك موجة ردود فعل عراقية غاضبة، تمثّلت في استدعاء وزارة الخارجية السفير الإماراتي في بغداد وتسليمه مذكرة احتجاج، وأيضاً في استنكار رئيس الحكومة حيدر العبادي و"الحشد الشعبي" لهذه التصريحات. برزت هذه التطورات، في موازاة تطورات أخرى على مستوى السياسة الداخلية والإصلاح الحكومي، عكستها أنباء عن تسلّم العبادي وزارة المال في ظل غياب وزيرها هوشيار زيباري، بالتوازي مع إعلان نائبه السابق بهاء الأعرجي، امتثاله لـ"أمر" زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر بشأن تقديمه للنزاهة. وربطاً بالاشتباك الكلامي بين الإمارات والعراق، بخصوص "الحشد الشعبي"، فقد كان عبدالله بن زايد قد صرح، قبل يومين، في مؤتمر صحافي على هامش المنتدى العربي الروسي في موسكو، بأن "القضاء على الإرهاب يستوجب البحث عن كل ما يؤدي إليه ونقضي عليه"، مضيفاً "لا يمكن أن نفرق بين داعش والنصرة من جهة، والجماعات المدعومة من إيران، سواء كانوا من كتائب أبو فضل العباس، أو جماعة بدر أو الحشد الشعبي، فهم يفعلون ما يفعلون في سوريا والعراق".
العبادي يدير وزارة المالية بعد غياب زيباري

ورداً على ذلك، استدعت وزارة الخارجية العراقية السفير الإماراتي حسن أحمد الشحي، وسلمته مذكرة احتجاج، فيما استنكر العبادي تصريحات آل نهيان. وأبدى استغرابه واستنكاره لهذه التصريحات "بخصوص الحشد الشعبي ومقاتليه المتطوعين الأبطال، الذين وقفوا مع قواتنا الأمنية الباسلة في وجه جرائم عصابات داعش الإرهابية وحرروا المناطق التي احتلها الإرهاب وأبعدوا خطرها عن دول الخليج". وفي بيان صادر عن مكتبه، رأى العبادي أن هذا الأمر "يتطلب من هذه الدول أن تساند العراق في هذه الحرب، وأن تقف معه"، مؤكداً أن "الحشد الشعبي هيئة تابعة لرئاسة الوزراء وقيادة القائد العام للقوات المسلّحة، ونرفض مقارنتها مع العصابات الإرهابية الإجرامية، إذ إن تلك التصريحات تعد إساءة للعراق وتدخلاً في شؤونه".
من جهته، ردّ المتحدث باسم هيئة "الحشد الشعبي" كريم النوري على تصريحات وزير الخارجية الإماراتي، معتبراً أنها تؤكد "دعم" بلاده لتنظيم "داعش".
وقال النوري إن تصريح آل نهيان "يعبر عن خطأ استراتيجي في العلاقات بين الإمارات والعراق". وأضاف "نتمنى من الوزير الاعتذار نيابة عن بلاده"، معرباً عن أسفه لـ"أن يكون جاهلاً ويخلط بين الحشد الشعبي، الذي هو ضمن المنظومة الأمنية في العراق ومؤيد من قبل رئاسة الوزراء، وبين داعش والنصرة". وأكد النوري، "أننا لا نقاتل دفاعاً عن العراق فقط، وإنما عن المنطقة والخليج، الذي أصبح مهدداً من قبل داعش".
وعلى مستوى التغيير الحكومي المرتقب، والتصريحات التي تُطلق على هامشه، انتقد العبادي الأحزاب والكتل السياسية التي تدعو إلى محاربة الفساد المالي والإداري في دوائر الدولة ومؤسساتها، "وفي الوقت نفسه هي متمسكة بالمشاركة بالحكومة وتفرض وزراءها"، داعياً إياها إلى البدء بإصلاح نفسها والابتعاد عن لغة التهديد، في ردّ مبطّن على زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر الذي كان قد أعلن، الجمعة، أنه يتعيّن على العبادي اتخاذ إجراء حاسم لاستئصال الفساد وتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، وإلا فسيجازف بفقد سلطته. وفي كلمة له خلال مؤتمر المصالحة المجتمعية الذي عقد في بغداد، دعا العبادي إلى وضع أسس للتعايش الديني والاجتماعي والعرقي والسياسي في البلاد، رافضاً تسخير القوات الأمنية وما تبذله من جهود لحماية الأحزاب.
في غضون ذلك، أعلن نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي، امتثاله لـ"أمر" الصدر بشأن تقديمه للنزاهة، معتبراً الأمر "خطوة بالاتجاه الصحيح"، فيما أكد أن النتائج ستكون "رداً عملياً على المتصيدين بالماء العكر". وقال إن "بيان سماحة السيد مقتدى الصدر بتفعيل مبدأ من أين لك هذا لمسؤولي التيار الصدري، ومنهم بهاء الأعرجي، هو خطوة عملية بالاتجاه الصحيح وليس شعاراً مثلما ترفعه بقية الأحزاب"، معتبراً أنه "رد على كل من يتهم التيار وشخوصه بسبب مواقفه الوطنية".
وكان الصدر قد دعا، أمس، الهيئة السياسية لـ"التيار الصدري" إلى تفعيل "قانون من أين لك هذا؟" مع الأعرجي ووزيري الصناعة محمد الدراجي والموارد المائية محسن الشمري، وتقديمهم للنزاهة والقضاء بمدة أقصاها 72 ساعة.
في سياق متصل، كشف عضو اللجنة المالية النيابية مسعود حيدر عن إدارة العبادي لوزارة المالية، بشكل مباشر، بعد غياب وزيرها هوشيار زيباري، مضيفاً أن إدارة العبادي للوزارة ستستمر لأشهر. وقال إن "زيباري حالياً في وعكة صحية"، مشيراً إلى أن "إدارة رئيس الوزراء للوزارة بدأت قبل بعض أسابيع، وقد تستمر لأشهر".