... وأخيراً، أفصح خاطفو اللبنانيين في أعزاز عن مطلبهم. فبعد نحو عام على عملية الخطف، وما تخللها من غموض وتخبّط، أعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، مروان شربل، أنه اطلع على لائحة بأسماء النسوة التي حصل عليها المدير العام للأمن العام، اللواء عباس إبراهيم، عبر وسيط تركي مباشر بينه وبينه المجموعة الخاطفة.
وذكر شربل أن اللائحة تضم أسماء 371 امرأة، وأن إبراهيم «سيباشر اتصالاته بالجانب السوري الرسمي لمبادلتهن بالمخطوفين اللبنانيين في أعزاز».
قبل هذا الإعلان، كانت جهود إبراهيم في تركيا قد أوصلت إلى نشر شريط مصوّر للمخطوفين، عرضته بداية وكالة «الأناضول» التركية. المخطوفون بصحة جيدة، هذا ما ظهر في الشريط، إذ دارت الكاميرا عليهم فرداً فرداً، مع ثوان قليلة لكل واحد ليذكر اسمه ويقول إنه بخير. من جهتهم، رفض أهالي المخطوفين تصديق ما يرد في الشريط، وما سبقه من أشرطة، لأنها «كلها تحت الضغط وليس لدينا ثقة بالخاطفين». هذا ما صرحت به عضو هيئة المتابعة في هذه القضية، حياة عوالي، التي سألت: «كيف سمح لوكالة أنباء تركية بالدخول إلى سوريا، ثم إجراء مقابلة مع اللبنانيين، من دون أن تكون تركيا تعرف بمكان وجودهم؟». وأضافت عوالي، محذّرة باسم الأهالي، أنه «يجب أن يعود المخطوفون إلى لبنان قبل الذكرى السنوية على خطفهم، أي في 22 من الشهر الجاري، وإلا فليتحمل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان المسؤولية». كلام عوالي جاء من أمام مقر الكتيبة التركية العاملة ضمن «اليونيفيل» في جنوب لبنان، في اعتصام للأهالي يوم الأحد الماضي، حيث نادوا على الجنود الأتراك عبر مترجم من وراء سياج مقر الكتيبة.
وفي سياق المفاوضات مع الجهة الخاطفة، وهي المعروفة باسم «لواء عاصفة الشمال» في منطقة أعزاز، فقد علمت «الأخبار» أن اللواء إبراهيم غادر إلى سوريا لمتابعة القضية، على أن يعود غداً ويلتقي بالأهالي ليضعهم في آخر التطورات. الأهالي نقلوا عن إبراهيم تأكيده لهم أن «العمل هذه المرة جدّي، وأن ثمة بوادر تشير إلى قرب انتهاء هذه المأساة، وخلال وقت قريب». يُذكر أن الأهالي لم يوقفوا حراكهم ضد المصالح التركية في لبنان، إذ استمروا بالاعتصام اليومي في وسط بيروت، أمام مكتب الخطوط الجوية التركية، وكذلك أمام المركز الثقافي التركي، حيث يعيقون دخول الموظفين وبالتالي يتوقف العمل. أحد الأهالي لفت إلى أن مكتب «وكالة الأناضول» للإعلام في وسط بيروت أيضاً، وأنهم كانوا يريدون إقفاله أيضاً، غير أن وساطة حصلت لمنع ذلك، شرط أن تنقل هذه الوكالة أخبار الاعتصام.
في هذا الإطار، يلفت أدهم زغيب، نجل أحد المخطوفين، إلى أن «المسؤولية التركية عن عملية الخطف ثابتة لدينا، وهذا ما لمسته شخصياً بعد زيارتي قبل أشهر إلى أعزاز، إذ رأيت ضباط الاستخبارات من الأتراك يجلسون مع الخاطفين، ويرعون شؤونهم ويعطونهم الأوامر، ولا يمكن لأحد، ولا حتى للسفير التركي في لبنان، أن يقنعني بالعكس، ذلك لأنني رأيت هذا الأمر بأم عيني». ويضيف زغيب: «الخاطفون لا يمونون حتى على أنفسهم، رأيتهم كيف ينقلون البضائع من تركيا إلى سوريا، وكيف يديرون حركة العبور عند المعبر الحدودي بالتنسيق مع الجانب التركي، وبعد حديثي معهم تيقنت أنهم لا يعرفون شيئاً، وبالفعل هم ليسوا سوى حرّاس على المخطوفين، أما القرار كله فهو بيد الأتراك».
من جهته، أكد السفير التركي اينان اوزلديز، بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أن «جهود تركيا مستمرة لحل قضية المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز». يُذكر أن أوزلديز لطالما نفى علاقة بلاده بعملية الخطف، غير أن أهالي المخطوفين يردون عليه، دائماً، بأن تركيا استطاعت إعادة أحد المخطوفين قبل أشهر، ثم أعادت مخطوفاً آخر، ليصبح عدد المخطوفين حالياً 9 بعدما كان 11. أحد المخطوفين عاد بطائرة تركية رسمية، وهنا يقول زغيب، نجل أحد المخطوفين، إنه «لولا معرفة الأتراك بالخاطفين ومونتهم عليهم لما استطاعوا إعادة أحد».
يُذكر أن بعض العمّال السوريين يُشاركون أهالي المخطوفين في تحركاتهم، في إشارة منهم إلى رفض الخطف، خاصة بعدما تعرضوا أخيراً لمضايقات في لبنان وأجبر بعضهم على إقفال محالهم التجارية. هكذا، أيام قليلة وتكون قد مرّت سنة على عملية الخطف، التي حصلت على يد مجموعة معارضة مسلحة في منطقة حلب، من دون أن تُعلن الأسباب آنذاك. واليوم يتوقع كل المعنيين بهذه القضية أن تكون النهاية قد اقتربت.