تابعت الصحف الأميركية باهتمام سياسة البيت الأبيض تجاه سوريا، في ظلّ التطورات الأخيرة بشأن مسألة استخدام السلاح «الكيميائي» ودعم المعارضة المسلحة، في وقت رأت فيه «الفاينانشال تايمز» البريطانية أنّ دول شمال أفريقيا «استفاقت من تصدير الجهاد». ودعا سفير واشنطن السابق في كل من مصر وإسرائيل، دانييل كيرتزر، في مقال في صحيفة «نيويورك تايمز»، الرئيس باراك أوباما إلى عدم التحرك للتدخل في سوريا إلا بعد بنائه لتحالف دولي من الدول الراغبة والمؤثرة في إسقاط النظام السوري، وبعد الحصول على موافقة أممية والجامعة العربية والكونغرس الأميركي.
وأشار كيرتزر إلى أنّه من دون بناء التحالف المذكور، لن يكون التدخل الأميركي مفيداً، ومن دونه يجب على واشنطن رفض التدخل العسكري الأحادي في سوريا. ورأى أنّ الأزمة السورية تمثّل فرصة للتخلي عن التصرفات الأميركية الأحادية، وتبني نهج أكثر استراتيجية وتعددية للتعامل مع الأزمات الدولية.
في السياق، أشار مقال للكاتب مايكل غيرسون في صحيفة «واشنطن بوست» إلى التعجيل بالدعم العسكري للمعارضة السورية المسلحة «المسؤولة» لوقف تزايد الصراع الطائفي ولتهميش «الجهاديين». ورأى أنّ ضياع هذه الفرصة ستضيع معه فرص تحقيق أهداف سياسة أوباما الخارجية: تحسين صورة أميركا في العالم الإسلامي، التركيز على عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، والتركيز على آسيا، كذلك إن الأضرار الاستراتيجية والأخلاقية ستكون هي الأخرى أكبر. وأشار إلى أنّ تردّد أوباما ساعد في ظهور ما هو متوقع: حرب أهلية في قلب الشرق الأوسط تقلقل الحكومات الصديقة، وتمكّن الجهاديين، وتزيد التوترات الطائفية في المنطقة.
في سياق آخر، نشرت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» تقريراً، أشارت فيه إلى أنّ «النجاحات العسكرية الأخيرة» للنظام السوري أحبطت التوقعات بدنوّ لحظة سقوطه وأحبطت خطط المعارضة. ووصفت المعارضة المسلحة بأنها منقسمة بين عشرات المجموعات غير المسلحة جيداً، وبأن انقساماتها تتزايد لأسباب أيديولوجية وللمنافسة على التمويل والتسلح. وقالت إنّ ورطة الأسد والمعارضة والقوى الدولية أنّ الرئيس السوري لا يرى أمامه من خيار غير الاستمرار في الحرب والدمار.
في بريطانيا، نشرت صحيفة «الفاينانشال تايمز» تقريراً رأت فيه أنّ دول شمال أفريقيا «استفاقت من تصدير الجهاد». ويلفت التقرير إلى أنّ ليبيا وتونس ومصر، وإلى درجة ما الجزائر، شجّعت ضمنياً مدة عامين تقريباً شباباً متشددين على الالتحاق بالمعارضة السورية المسلحة.
لكن الهجمات الأخيرة التي نفذها المتشددون الإسلاميون في بلدان شمال أفريقيا جعلت هذه الحكومات، بحسب الصحيفة، تسارع إلى قطع الطريق على الشباب المتوجهين إلى بلاد الشام. وذكّرت الصحيفة بأنّ دول شمال أفريقيا كانت تفكّر بمنطق مفاده أنّ المتشددين الذين يرفعون السلاح في صفوف المعارضة السورية لا يرفعونه في بلدانهم، ولكنها غيّرت حساباتها في مطلع هذا العام. فقد هاجم المتشددون الإسلاميون منشأة للغاز في الجنوب الجزائري على الحدود مع ليبيا، مخلفين عشرات القتلى، واغتالوا في تونس معارضاً سياسياً بارزاً.
ومع عدم تأكد علاقة هؤلاء المتشددين الذين يقفون وراء الهجمات بالمعارضة المسلحة في سوريا، فإن أعمالهم كانت بمثابة تحذير من أن المهارات القتالية التي اكتسبوها في المعارك السورية قد تعود إلى أرض الوطن.
(الأخبار)