استقالة الأخضر الإبراهيمي عادت إلى الضوء سريعاً. الرجل الذي «يفكّر في الاستقالة كل يوم 3 مرات» يبدو أنّه اقترب من تنفيذ ذلك، في وقت تتسارع فيه التقارير في شأن تسليح واشنطن المعارضة السورية بأسلحة فتاكة رغم تأكيد البيت الأبيض أن ذلك لا يزال على طاولة البحث.
بات شبه محسوم أنّ الأخضر الإبراهيمي سوف يستقيل من منصبه كممثل مشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في ١٥ أيار الجاري، كما أكّدت مصادر مطلعة في نيويورك لـ«الأخبار». قطر والدول الغربية والعربية تستعجل طرح مشروع القرار القطري أمام الجمعية العامة المتعلق بسوريا قبل ذلك التاريخ، وربما بعد تشكيل حكومة «الائتلاف» المعارض المنتظرة في ١١ أيار، لأنّ طرح القرار بعد استقالة الإبراهيمي يجعله عديم المعنى والفائدة.
وقال دبلوماسيون، أول من أمس، إنّ الإبراهيمي عازم على الاستقالة لأنه يشعر بالاستياء من الجمود الذي وصلت إليه جهود إنهاء الحرب في سوريا. وأشار دبلوماسي رفيع، في الأمم المتحدة، إلى أنّ الإبراهيمي تم اقناعه بالبقاء «بضعة أيام أخرى» على الأقل قبل أن يتنحى، ومن المحتمل أن يعاد تعيينه مستشاراً للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن سوريا.
بدوره، قال مصدر رفيع المستوى في الأمم المتحدة لـ«الأخبار» إن الإبراهيمي استقال عملياً في خلال الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن، مشيراً إلى أن الرئيس الأميركي باراك أوباما اتصل به طالباً إرجاء الإعلان عن هذه الاستقالة، كذلك فعل وزير خارجية قطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنّ مواقف روسيا والولايات المتحدة على الرغم من أهميتها لا تحسم الوضع في سوريا. وشدّد، في ختام مباحثاته مع نظيره الهنغاري يانوش مارتوني، على ضرورة احترام جميع أطراف النزاع السوري بنود بيان جنيف. وأضاف أنّه يجب على أطراف النزاع «التخلي عن أي شروط مسبقة وعدم مماطلة بدء الحوار بطريقة متعمدة». وأكد لافروف أن موسكو تصر على تقديم رد إيجابي على طلب سوريا بإجراء تحقيق أممي في التقارير عن استخدام سلاح كيميائي قرب حلب في آذار الماضي. وأشار إلى أن الملف السوري سيناقش أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري المرتقبة إلى موسكو.
مساعد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، باتريك فينتريل، أكّد، أيضاً، أنّ الملف السوري سيتصدر المحادثات التي سيجريها كيري خلال زيارته المتوقعة في 7 و8 أيار الجاري، وذلك بالإضافة إلى الملف النووي الإيراني والتحضير لقمة مجموعة الثماني الكبرى. وأضاف أنّ موقف واشنطن من الأزمة السورية لم يتغيّر، وهو يتمثل بضرورة الإسراع في إحداث انتقال سياسي يضع حداً للعنف وسفك الدماء، مشيراً إلى أن من ضمن الخلافات بين واشنطن وموسكو دعم وتسليح النظام السوري.
في غضون ذلك، أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، أول من أمس، أنّ بلاده لم ولن تزود المعارضة السورية بأسلحة، ولكن هناك مراجعة دائمة للخيارات بخصوص الملف السوري. وأضاف أنّ «الولايات المتحدة تتواصل مع حلفائها وشركائها لدعم المعارضة ومساعدتها، إلى جانب محاولة التعرف بشكل أكبر على العناصر فيها وتوفير المساعدة لمن نثق بأنهم يدعمون سوريا أكثر ديمقراطية ولا يعارضون المصالح الأميركية». وقال مسؤول في الخارجية الأميركية، في وقت سابق الأربعاء، إنّ الإدارة الأميركية بانتظار لقاء الرئيس باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، قبل السير بتسليح المعارضة السورية.
ولفت كارني إلى أنه «لا جدل في أن مستقبل سوريا لا يضم الأسد، فيداه ملطختان بدماء شعبه وأفعاله عززت حقيقة أن لا مكان له في مستقبل سوريا ولا دعم له من قبل الشعب السوري».
وتعليقاً على تقارير صحافية عن تحضير الرئيس أوباما لتزويد المعارضة بأسلحة، قال كارني «نحن نقيم كل الخيارات والرئيس أوضح ان كل الخيارات مطروحة على الطاولة، لكن ليس لدي أي تغيير في السياسة لأعلنه في ما يتعلق ببرامج المساعدة لسوريا».
وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد نقلت، أول من أمس، عن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى قولهم إن أوباما يستعد لإرسال أسلحة فتاكة إلى المعارضة السورية، مشيرين إلى أنّ أوباما اتخذ خطوات لتأكيد قيادة الولايات المتحدة لحلفائها وشركائها في السعي لإطاحة «النظام السوري».
من ناحية أخرى، أعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنّ الموقف الألماني من توريد الأسلحة إلى سوريا لم يتغير، مؤكدة أنّ ألمانيا ما زالت تقف ضد تزويد المعارضين بالأسلحة. وقالت ميركل: «لن نورد أسلحة إلى سوريا، بما في ذلك المعارضة».
في السياق، اتهم وزير الإعلام السوري، عمران الزعبي، المجموعات الاسلامية المتطرفة باستخدام السلاح الكيميائي، نافياً استخدام السلطات لها. وقال الزعبي، في مقابلة مع شبكة «سي ان ان»، إنّ استخدام السلاح الكيميائي هو «خطّ أحمر» بالنسبة للحكومة السورية، لافتاً إلى أنّ «الرئيس باراك أوباما موافق مع الرئيس بشار الأسد الذي بدوره يرى في استخدام السلاح الكيميائي خطاً أحمر».
كذلك، أوصى المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، مارتين نيسيركي، الصحافية الروسية آناستاسيا بوبوفا التي زارت موقع «الهجوم الكيميائي» بالقرب من حلب، بالاتصال بفريق بعثة التحقيق في مزاعم استخدام هذه الأسلحة. وقال نيسيركي «إذا كانت لدى السيدة بوبوفا معلومات تراها مفيدة، فعليها محاولة الاتصال بفريق الخبراء».
إلى ذلك، كشف مسؤولون أتراك، أول من أمس، أنّ «السلطات التركية تفحص عينات دم أخذت من مصابين سوريين من ادلب يعانون صعوبة في التنفس، نقلوا إلى تركيا لتحديد ما إذا كانوا قد تعرضوا لهجوم بأسلحة كيميائية».
في سياق آخر، وتحت عنوان «قدرة الأسد اللافتة على البقاء في السلطة»، أفادت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية في تحليل لها بأنّ الرئيس بشار الأسد أثبت أنه أكثر مرونة مما تصور العديدون. وأضافت أنّ المحللين والمعلقين أنفقوا السنتين الماضيتين في محاولة فهم المشهد السوري الذي يتسم بالدعاية والأوهام وقدر كبير من التفكير الرغائبي، أي رسم سيناريوهات لم تتحقق في نهاية المطاف.
وتتابع الصحيفة قائلة إنّه من الخطأ وصف المزاج العام في دمشق بأنه يبعث على التفاؤل لأنّ التوتر والخوف أصبحا سيد الموقف، لكن مع ذلك ترى الدوائر الحكومية السورية أن الحجج التي طالما روجتها منذ بداية الثورة أخذت تؤتي أكلها.
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)