كرّرت موسكو وأنقرة «اللازمة» اليومية ذاتها حول الأزمة السورية، في وقت يتجه فيه الأخضر الإبراهيمي لخلع الرداء العربي «المنحاز» عن مهمته. وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إنّ تغيير النظام في سوريا كشرط مسبق لبدء الحوار أمر غير واقعي مطلقاً. وحذّر، في مؤتمر صحافي مع نظيره التركي أحمد داوود أوغلو، من أنّ المراهنة على الحلّ العسكري للأزمة وعزل النظام ستؤدي إلى زيادة الأخطار المحدقة بسوريا وتوسيع نفوذ الإرهابيين في المنطقة. ورأى لافروف أنّ أنشطة مجموعة «أصدقاء سوريا» تأتي بتأثير سلبي أكبر من تأثيرها الإيجابي على الوضع في هذه البلاد. بدوره، أعلن داوود أوغلو أنّ أنقرة قدّمت مساعدات بمبلغ يعادل 700 مليون دولار للاجئين السوريين، مشيراً إلى أنّ 3 ملايين شخص تضرّروا نتيجة الأزمة في تركيا. ورأى أنّ الأزمة السورية هي «نتيجة العنف الذي يمارسه نظام الأسد بحق شعبه». ودعت موسكو وأنقرة، في بيان مشترك صدر في ختام الاجتماع الثالث لمجموعة التخطيط الاستراتيجي بين روسيا وتركيا الذي عقد في إسطنبول، إلى الحلّ السلمي في سوريا وفقاً لبيان جنيف.
ونقل الزميل حسني محلي عن مصادر دبلوماسية أن لافروف «أبلغ الجانب التركي قلق موسكو ورفضها للموقف التركي المؤيد للجماعات المسلحة في سوريا». وقال إن «تقديم الدعم العسكري لهذه الجماعات لن يساهم في حل المشكلة، بل سيزيد من تعقيدها، وهو ما سينعكس بشكل أخطر على تركيا والمنطقة عموماً».
في سياق آخر، قال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إنّ الموفد العربي والدولي إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، يتطلع إلى تعديل دوره ليصبح مبعوثاً للأمم المتحدة من دون أي ارتباط رسمي بالجامعة. وأشار الدبلوماسيون، الذين طلبوا ألا تنشر أسماؤهم، لوكالة «رويترز» إلى أنّ الإبراهيمي يشعر باستياء متزايد من تحركات الجامعة العربية للاعتراف بالمعارضة السورية، وهو ما يشعر بأنه قوّض دوره كوسيط محايد. وقال أحد الدبلوماسيين: «الممثل الخاص يشعر بأن نهج الجامعة العربية جعل من الصعب عليه أداء مهمته».
وفي السياق، أصرّ الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، على أن يبقى الإبراهيمي مبعوثاً مشتركاً لكل من الأمم المتحدة وجامعة العربية إلى سوريا. وقال، في مؤتمر صحافي عقده في نيويورك، إنه سيعقد اجتماعاً مع الإبراهيمي في وقت لاحق ويبحث معه كافة جوانب الأزمة السورية، مشدداً على ضرورة أن يبقى الحل سلمياً في سوريا المهددة بالتمزق.
في سياق آخر، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إرنا» عن نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، قوله إنّ «إيران قدمت رزمة مقترحات لممثل الأمم المتحدة بهدف حلّ الأزمة في سوريا سياسياً، ودعت إلی عقد اجتماع جنيف 2 تحت إشراف الأمم المتحدة».
في موازاة ذلك، طالبت دمشق الحكومة الفرنسية بالكفّ عن التدخل بشؤونها الداخلية، بعدما رأت باريس أن العفو الذي أعلنه الرئيس بشار الأسد «لا يعفيه» من وقف أعمال العنف، مؤكدة أنّ الشعب السوري لن يسمح لفرنسا بالعودة إلى بلاده عبر دعمها «للمجموعات الارهابية». وأكد بيان لوزارة الخارجية السورية، نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن مرسوم العفو «جاء عشية عيد جلاء الفرنسيين المحتلين عن سوريا».
إلى ذلك، أشار دبلوماسي عربي مقيم في تونس إلى أنّ «ضغوطاً قطرية كبيرة تمارس على السلطات التونسية لدفعها إلى تسليم السفارة السورية إلى الائتلاف المعارض»، لافتاً إلى أنّ «الضغوط القطرية على تونس وصلت مرحلة متقدمة جداً، حيث طلبت السلطات التونسية المزيد من الوقت لدراسة الموضوع، واختيار التوقيت المناسب لاتخاذ مثل هذه الخطوة». وفي حديث لـوكالة «UPI»، أشار الدبلوماسي الذي رفض ذكر اسمه إلى أنّ «وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية خالد بن محمد العطية سيزور تونس في السابع عشر من الشهر المقبل لبحث هذا الموضوع الذي يبدو أنه أصبح أولوية قطرية».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)