الحلّ السياسي أولاًَ وعبر الحوار. هذا ما خلصت إليه زيارة الوزيرين قدري جميل وعلي حيدر إلى موسكو، بالتزامن مع اصدار الرئيس بشار الأسد عفواً شمل نحو 7000 سجين، في وقت رأى فيه نائب رئيس الوزراء فيصل المقداد أن تنحي الأسد قبل أي اتفاق على خطة سياسية شاملة يعني اختفاء سوريا عن الخريطة. وأصدر الأسد عفواً يشمل عدداً من الجرائم تستثني تلك المتعلقة بتنفيذ الأعمال الارهابية، ويمنع العقوبة عن العسكريين الفارين وحاملي السلاح في حال تسليم أنفسهم وسلاحهم خلال مهلة محددة. ويأتي ذلك لمناسبة عيد الجلاء (جلاء آخر جندي فرنسي عن سوريا في 1946). ونقلت «سانا» عن رئيس الوزراء وائل الحلقي قوله إن المرسوم «يؤدي إلى اطلاق سراح نحو سبعة آلاف مواطن ممن ارتكبوا جنايات مختلفة». ويستفيد من العفو الرئاسي العسكريون الفارون داخل البلاد أو خارجها، شرط أن «يسلموا أنفسهم» خلال 30 يوماً بالنسبة للفرار الداخلي، و90 يوماً للفرار الخارجي.
ويستثنى العسكريون الذين ارتكبوا عصياناً ضد مسؤوليهم أو «أخذوا الأسلحة من دون اذن وعملوا خلافاً لأوامر رؤسائهم أو اقدموا على العنف مع استعمال السلاح».
في سياق آخر، حذّر نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، من مغبة تنحي الرئيس الأسد، قائلاً إن سوريا ستختفي عن الخريطة إذا غادر قبل الاتفاق على خطة سياسية بين جميع السوريين. واتهم المقداد بريطانيا وفرنسا بدعم تنظيم «القاعدة» لتصعيد الحرب في بلاده. كما هاجم تركيا ودولاً عربية لقيامها بخدمة المصالح الغربية، بحسب ما قاله في لقاء مع صحيفة «الغارديان» البريطانية.
في موازاة ذلك، قال نائب رئيس الوزراء السوري للشؤون الاقتصادية، قدري جميل، إنّ الأزمة وصلت إلى منعطف طريق هام جداً يتطلب السير بسرعة نحو بدء المفاوضات وإيجاد الحلول المناسبة. وقال جميل، خلال مؤتمر صحافي لأعضاء وفد «الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير» عقد في موسكو، إنّ المعارضين السوريين توقفوا خلال محادثاتهم مع المسؤولين الروس عند تغيّر المناخ الدولي والمزاج داخل سوريا. وتابع أنّ الطرفين توصلا إلى اتفاق حول أنّه يجب أن يكون هناك تمثيل متوازن وعادل لكل أطراف المعارضة السورية في الحوار. وقال إنّ تيار الحوار اليوم أصبح واسعاً وقوياً، وهو التيار الذي سينتصر حتماً، لأنه عملياً ليس هناك مخرج آمن من الأزمة سوى الحوار.
في السياق، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تأييد روسيا الدائم لمبادرات السلام الهادفة إلى تجاوز الأزمة الداخلية الحادة في سوريا، عن طريق إقامة الحوار السوري الواسع، بمشاركة ممثلين عن كل الطوائف الإثنية السورية ومن دون أي تدخل خارجي. كما أكد لافروف وجميل عزمهما على مواصلة التعاون الروسي السوري في شتى المجالات.
بدوره، لفت وزير الدولة لشؤون المصالحة الوطنية، علي حيدر، إلى أنّ الوضع في سوريا صعب للغاية بسبب التدخل الداخلي والخارجي الذي أصبح يشكل أداة حرب حقيقية على البلاد. وشدّد على أنّ مطالب الشعب ليست على حساب الخروج من الأزمة، بل الخروج من الأزمة يجب أن يتم عبر تحقيق مطالب الشعب وبموازاة مع مواجهة العدو الخارجي. وتابع حيدر أن الظروف الموضوعية الداخلية والإقليمية والدولية قد نضجت للحوار.
وكان المندوب الخاص للرئيس الروسي في الشرق الأوسط ونائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، قد أجرى في وقت سابق مشاورات واسعة مع الوفد السوري.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أنّ «بلاده ستزوّد المعارضة السورية بعربات مدرعة ودروع واقية من الرصاص»، ودعا إلى «فتح تحقيق عاجل حول استخدام أسلحة كيميائية في سوريا ومحاسبة الجناة». وأبلغ هيغ، مجلس العموم «البرلمان»، حسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، إنّ «بريطانيا ستمنح المعارضة السورية 34 عربة، بما في ذلك 5 عربات مصفحة رباعية الدفع، و20 مجموعة من الدروع الواقية من الرصاص».
وأضاف أنّه «سنمارس ضغوطاً أيضاً على نظرائنا الأجانب خلال الاجتماع الذي ستعقده مجموعة أصدقاء الشعب السوري في مدينة اسطنبول التركية السبت المقبل».
وأشار إلى أنّ حكومة بلاده «لم تتخذ أي قرار نهائي بشأن تسليح المتمردين السوريين»، وشدد على أن «الجماعات المعتدلة في المعارضة السورية، تفتقر إلى الأسلحة التي يحصل عليها النظام ومتطرفو تنظيم القاعدة بسهولة».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، سانا)