يستغرب اليمنيون انتشار السوق السوداء في طول البلاد وعرضها لبيع المشتقات النفطية، على الرغم من الأزمة الحادة التي تتعرّض لها وعدم توافرها باستمرار في المحطات.ومع اشتداد الحصار، واستهداف العدوان السعودي لآبار النفط، تضاعفت معاناة المواطنين في كل أنحاء اليمن، حيث وصل سعر الصفيحة (الغالون) الواحدة، في ذروة الأزمة وندرة المادة، إلى 25 ألف ريـال يمني (نحو 117 دولاراً أميركياً)، وهو ما أثّر تأثيراً مباشراً في حياةِ المواطنين وأعمالهم التي تعتمد في مصدر دخلها على المشتقات النفطية. وتدهورت الحالة الاقتصادية لدى الكثير من العائلات. كذلك شُلّت تماماً حركة «البوفيات» والمحالّ التجارية وسائقي الباصات وسيارات الأجرة وغيرها.
ومن خلال متابعة القضية ميدانياً، يتبيّن أن من يقومون بتوفير المشتقات النفطية للباعة المتجولين على الأرصفة، هم التجار الكبار، والمتنفذون، ومحطات الوقود التي تبيع الكميات الأكبر لتجار السوق السوداء، سواء تلك القادمة عبر البحر أو من جولة «عمران»، التي تزوّد بائعي المشتقات في أمانة العاصمة، هذه الأسباب وغيرها فاقمت الأزمة. ورداً على سؤال عن موقف وزارة النفط والمعادن ممّا يحدث في الشارع، أوضح مصدر في الوزارة تحفّظ عن ذكر اسمه، أن الوزارة لا يمكن أن تكون طرفاً في بيع المشتقات النفطية من السوق السوداء. وعما إذا كان هناك مقارنة بين أسعار السوق السوداء والسعر الرسمي للدولة، أكد المصدر أنه لا مجال للمقارنة أبداً، لأن الدولة لا تزال ملتزمة التسعيرة الرسمية للـ«غالون» الواحد فئة 20 ليتراً، ويبلغ سعره وفق التسعيرة الرسمية 2800 ريـال، أي نحو 13 دولاراً، بينما وفق سعر السوق السوداء يبلغ 6000 ألف ريـال، أي ما يعادل 28 دولاراً. ويأتي هذا التفاوت الكبير بين السعرين في ظل ما تعانيه العملة المحلية.
وكشف المصدر عن أن انتشار السوق السوداء يسبب للدولة خسارة فادحة ويلحق ضرراً كبيراً بالعملة الوطنية، ما ينتج منه عجز كبير لدى البنوك الوطنية، ويجعلها غير قادرة على سداد التزاماتها تجاه موظفي قطاع الدولة، يضاف إلى ما تقدم ما يمكن أن ينجم عن ذلك من عمليات سحب العملة الوطنية وتهريبها إلى الجهات التي تدعم «باعة السوق السوداء»، حيث لا تُورَّد إلى البنوك الرسمية للدولة.
وحول ما إذا كانت الجهات الأمنية تكافح عمليات السوق السوداء في ظل ما يحدث، أوضح مصدر أن من الصعوبة بمكان ملاحقة المسؤولين عن عمليات السوق السوداء لكون الأمر بات خارج السيطرة، وبات توسع السوق السوداء على شكل كبير، بالإضافة إلى أن المواطن لم يعد يجد حاجته من المشتقات النفطية إلا من السوق السوداء، لأنه حينما تُضَخ الكمية في محطات الوقود، سرعان ما تنفد هذه الكمية بعد أن يصطف المواطنون في طوابير طويلة، قد لا يصل الدور فيها إليهم جميعاً، ما يدفعهم إلى اللجوء إلى السوق السوداء، كبديل وحيد لتوفير احتياجاتهم في الوقت الراهن.